عاجل
الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

"ماهر مقلد" صحفى وروائى جسًد واقع الصعيد المصرى الملئ بالاساطير والحكايات

تحيا مصر

بصفة عامة الصعيد حاضر بقوة في المشهد الدرامى والروائى والأدبى، لكن واقع الصعيد الحقيقى، والذي يشكل أكثر من نصف مساحة البلاد مأسوى وصادم، فهو صابرٌ منذ عقود طويلة على الفقر والتهميش.

وتختلف طريقة عرض وتناول الصعيد من عمل أدبى إلى آخر، فلكل اديب نظرته الخاصة التى ينظر بها إليه، وكاتبنا اليوم "ماهر مقلد" تناول الصعيد بشكل خاص ومختلف فهو احد ابنائه يعرف ويشعر بمشكلاتهم ويقرأ ما يدور فى خلدهم، وما يجيش فى صدورهم، وقد عبر عن ذلك بصدق فى روايتى "الشيخ وحشى"، و "صمت الجبال"

فى رواية "الشيخ وحشى" والذى يبدأها الكاتب بأهداء الى امه "نعسة" رائحة القرية الطيبة، ثم يبدأ فى سرد احداث الرواية والتى ينقل من خلالها تفاصيل عالم الصعيد بكل عوالمه وشخوصه من صراع القبائل والعائلات، وقصص الحب والغرام، وطموح المستقبل.

فنرى شخصيات مثل ضريح "الشيخ وحشى" والذى حملت الرواية اسمه والاساطير التى غزلت حوله ومن اين اتى ولمن ينتسب ومدى تقدير وتمجيد اهل القرية له، فيجتمع حول ضريحة الزوار والمحبين من النساء والرجال والأطفال، وشخصية "ناجح" الشاب النابه الطامح الذى يرعى الفضيلة ويجسد الخير والنقاء ويحرس كل القيم، وشخصية الجندي "قبيصى" الذى قضى فترة تجنيده فى الجيش المصرى وعاصر هزيمة 1967 وشهد ونصر اكتوبر 1973 وادمن الكلام والحكى عن مغامراته فى الجيش وصراعه مع الاعداء.

وشخصية "عوض" الشاب الذى يحلم بانهاء التعليم والسفر الى ليبيا حيث العمل وجمع الاموال، واشخاص "شلة الليل" اللذين يسهرون للصباح فى مكانهم المعتاد يشربون ويدخنون الحشيش، وشخصية الشاب"السومعى" الذى تدور فى القرية حكايات حبه وعشقه للفتاه الجميلة "مبروكة" والتى يتنافس معظم شباب القرية للزواج بها، تكاد من فرط وصف الكاتب الدقيق للشخصيات ان تلمسها بيديك وتشعر وكأنك تعرفها مسبقا.

و"الشيخ وحشى"، رواية تدور في إحدى قرى صعيد مصر والاغلب انها القرية التى ولد وترعرع بها الكاتب، حيث تحكى الفترة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، والفترة التي تلتها وكيف تأثر أهل القرية بقراراته وكيف انفعلوا معها، وإلى أى مدى كان لموته وقع سيئ على نفوسهم، ليصنع الكاتب رواية تتحدث عن مصر عاصمتها وقريتها.

وفى روايته الثانية عن صعيد مصر والتى حملت اسم "صمت الجبال"، والصادرة عن دار الأدهم عام 2014، حيث تذهلك الرواية بالصور المتتالية من الحياة الواقعية الصعيدية، هذا الوصف الصادق لعادات الثأر التى يستنكرها المجتمع ويودون أن تزول ولكنهم يمارسونها بإدمان عجيب.

فيحكى الكاتب، قصة حياة أم بسيطة "نبوية" المرأة المصرية أم البيت والزوجة الصالحة المضحية، وسيلتها إلى التضحية بيع اللبن لسكان المدينة القريبة من القرية، وسرعان ما تتصاعد الأحداث وتظهر صورة "عفاف"، الفتاة المتعلمة التي ينتظر كل سكان القرية حفل زفافها ولكن قبل الزفاف تحدث جريمة قتل لعمها"عبد السلام السباعى" وتتوقف كل الترتيبات وتدخل القرية في صراع كبير للبحث عن قاتل العم، ثم تظهر في نهاية الرواية أبعاد الجريمة الكبرى.

"صمت الجبال" هي رواية أقرب إلى المعايشة اليومية لتفاصيل حياة أهل الصعيد، كدِّهم وكفاحهم من أجل لقمة العيش هنا وهناك، مشكلات الثأر والطائفية، والتدين الشكلي الموروث، كلها أمور تطرق لها وعايشها الكاتب.

ماهر مقلد، كاتب صحفى وروائى يحمل روح الصعيد فى قلبه، ولد فى صعيد مصر فى محافظة سوهاج، التحق بالعمل فى جريدة الاهرام بعد تخرجه من كلية الاداب قسم الصحافة عام1984 وتدرج فى المناصب حتى وصل الى نائب رئيس تحرير الاهرام، صدر له من قبل كتاب "ناريمان الملكة الاخيرة" وروايتان "الشيخ وحشى" و "صمت الجبال"، واخيرا صدر له كتاب "لبنان فتنة القصور"، يحكى فيه عن تجربة اربعة سنوات قضاها فى لبنان، للعمل كرئيس لمكتب الاهرام بلبنان .
تابع موقع تحيا مصر علي