عاجل
الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

تخوفات وتأهب في الجزائر لما بعد بوتفليقة

تحيا مصر

يواجه الجزائريون حتمية رحيل رئيسهم عبد العزيز بوتفليقة، الذي أقعده المرض، وهم يدركون أن كل الجهود الممكنة، تبذل لضمان ألا يتغير شيء يذكر، عندما يحين أوان رحيله.

فقد أصيب بوتفليقة،80 عامًا، الذي حكم الجزائر قرابة عقدين من الزمان، بجلطة في عام 2013، غير أنه ربما يقرر ترشيح نفسه مرة أخرى، للرئاسة في الانتخابات المقبلة، المقرر أن تجرى في مايو 2019.

وقد انتشرت التكهنات في الخارج، حول ما سيحدث للجزائر بعد رحيل بوتفليقة، الذي زار أوروبا عدة مرات؛ للعلاج، ومكث في مستشفى بفرنسا عدة أشهر، بعد إصابته بالجلطة.

غير أن حلفاء النظام، يعتبرون المسألة محسومة في الجزائر، التي تبدو واحة استقرار في منطقة تجتاحها الاضطرابات.

ويعتقد كثيرون، أنه إذا قرر بوتفليقة التنحي، فستكون الشخصية التي سيتم انتخابها لخلافته ثانوية، ويقول مراقبون، إن نخبة حاكمة قوية، يهيمن عليها الجيش؛ ستدير شؤون البلاد من وراء الستار.

وربما يمثل ذلك، بشرى سارة لنخبة بدأت تتقلص، من قيادات جبهة التحرير الوطني، التي يغلب عليها كبار السن وأباطرة الأعمال وقادة الجيش المتحالفون معها، ويشاركون منذ مدة طويلة، في إدارة الحياة السياسية في البلاد.

ومع ذلك، فهذه الطبقة تمثل مصدرًا للشعور بالإحباط لدى الشباب الجزائري، الذي لم يعرف رئيسًا آخر، ولا ينشغل هؤلاء كثيرًا بمن يتولى دفة الأمور في البلاد، بل يقلقون على الوظائف، في وقت تسجل فيه البطالة مستوى مرتفعًا، وتنخفض فيه أسعار النفط، وتشهد البلاد تقشفًا اقتصاديًا.

وقال أنيس رحماني، مدير تلفزيون النهار الجزائري، وهو من المقربين من السلطات “، بعد بوتفليقة، ستنظم القيادة العسكرية عملية خلافته. الطبقة السياسية ضعيفة هنا”.

الرجال يرحلون وتبقى المؤسسات

وتوقع محلل ليبرالي جزائري، استمرارية النظام؛ وقال طالبًا عدم نشر اسمه، “المؤسسات في الجزائر أقوى من الرجال. فالرجال يذهبون، لكن المؤسسات باقية”.

وأضاف: “المؤسسات تعمل على ما يرام، سواء كان بوتفليقة مريضًا في الجزائر، أو في الخارج. ما دامت صحته تسمح له؛ فسيستمر إلى ما بعد 2018”.

وتبددت تقريبًا الآمال في انتخاب رئيس إصلاحي، يعمل على التحديث، يفتح الباب أمام ديمقراطية تنافسية ومجتمع مفتوح، فالأولوية على حد قول مراقبي النظام في الجزائر، هي الاستقرار، الذي يراه المواطنون مجسدًا في بوتفليقة.

وما زالت ذكريات الحرب الأهلية، التي تفجرت في التسعينات، بعد أن ألغت الدولة انتخابات، بدا أن حزبًا إسلاميًا على وشك الفوز فيها، تؤرق الجزائر، المستعمرة الفرنسية السابقة، التي تحررت في حرب دامية وضعت أوزارها عام 1962.

وراح ضحية الحرب الأهلية 200 ألف شخص، ما جعل كثيرًا من الجزائريين يتخوفون فيما بعد، من الاضطرابات التي أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا، في انتفاضات الربيع العربي عام 2011.

وقال محلل سياسي آخر “الجزائر بلد في منطقة سيئة للغاية، ولأننا في منطقة سيئة؛ لابد أن يظل للجيش دوره. لا أعتقد أن الجيش سيرغب في الاستيلاء على السلطة بعد بوتفليقة، بل سيكون جزءًا من العملية السياسية”.


من هو خليفة بوتفليقة؟

إذا لم يرشح بوتفليقة نفسه، فمن الممكن أن يطرح قادة الجيش، ومسؤولو المخابرات، مرشحًا من خارج الطبقة السياسية، غير أن البدائل الممكنة في الوقت الحالي، كلها من أعضاء النخبة القديمة، مثل: رئيس الوزراء أحمد أويحيى، ورئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال.

ويقول مراقبون، إن أي تصور لتغيير القيادة، يكون فيه دور لسعيد بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس وأحد مساعديه المقربين، سيفتح باب الجدل؛ لأن رجال الجيش، لا يحبذون الحكم الوراثي.

ويعلق رحماني، مدير تلفزيون “النهار”، على ذلك بالقول: “الرئيس القادم يجب أن يكون قوي الشخصية، يضمن الأمن؛ لأننا في حالة حرب مع الإرهاب. يوجد خطر خارجي، والحدود كلها مشتعلة. يجب أن تكون للرئيس القادم، خلفية عسكرية، وأن يمتلك السلطة والصلاحيات لاتخاذ القرار”.

لا يهم من يحكم

ويرى سمير عبد القوي، الذي يدرس في مدرسة خاصة باللغة الإنجليزية، أن الرحيل عن البلاد، ربما يكون السبيل الوحيد، وقال عبد القوي الذي يتعلم بالإنجليزية؛ لزيادة فرصه في الحصول على تأشيرة عمل في الخارج: “لا تهمني السياسة، فكل ما أحتاج إليه وظيفة معقولة، إن لم يكن هنا ففي الخارج. أريد تأشيرة لا رئيسًا”.

ويشعر الجزائريون ممن هم في سن الشباب، والذين يشكلون ثلثي سكان البلاد، البالغ عددهم 41 مليون نسمة، يشعرون بأنهم تعرضوا للتهميش، وأن الصلة بينهم وبين الطبقة السياسية مقطوعة.

فعلى النقيض من هذه الطبقة، سار الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، في شوارع مدينة الجزائر، خلال زيارة للبلاد الأسبوع الماضي، وتحدث مباشرة مع الشباب، وهو أمر لم يعهدوه من قائدهم، منذ عهد بعيد.

ووصف أحد المحللين، الطبقة الحاكمة، بأنها: “عتيقة في بلد من الشباب”.

وقال المحلل: “نحن نحلم بطبقة شابة، تتمتع بالحيوية، لكن الطبقة السياسية ليست مستعدة للتخلي عن شبر واحد”.

ونادرًا ما يظهر بوتفليقة، الذي تولى الحكم عام 1999، علنًا، كما أنه لم يتحدث في مناسبة عامة، منذ إصابته بالجلطة. ومع ذلك، فإذا قرر هو أو المحيطون به أن يترشح لفترة رئاسة خامسة، فإنه سيفوز دون شك، على حد قول مصادر مقربة من الطبقة الحاكمة.

وتهيمن على البرلمان، جبهة التحرير الوطني الحاكمة، والتجمع الوطني الديمقراطي الموالي للحكومة، في حين أن المعارضة ضعيفة ومنقسمة، بما في ذلك اليساريون والإسلاميون.
تابع موقع تحيا مصر علي