عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024 الموافق 09 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

اقتصاديون: مصر "تقطف ثمار القرارات الصعبة" قريباً

تحيا مصر

توقع اقتصاديون أن تجني مصر في الأعوام القليلة المقبلة ثمار الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها في السنوات الماضية مع استمرار العمل على استكمال الإصلاحات بشتى القطاعات ولاسيما الصناعية لزيادة الصادرات.

وقالت رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس رضوى السويفي: "مصر وضعت قدميها على الطريق الصحيح اقتصاديا خلال السنوات الأربع الماضية وخاصة من وقت الإعلان عن الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد في النصف الثاني من 2016".

ووافق صندوق النقد الدولي في نوفمبر2016 على قرض لمصر قيمته 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات وتبنى برنامج الإصلاح الاقتصادي لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أعلن أمس الجمعة ترشيح نفسه لفترة رئاسة ثانية مدتها أربع سنوات. وستجري الانتخابات خلال شهر مارس آذار المقبل.

وقالت السويفي: "مهدنا الطريق واتخذنا خطوات قوية وسنجني الثمار وسنرى طفرة اقتصادية، من ثلاث إلى خمس سنوات... كل الإصلاحات التي جرت الفترة الماضية كانت مالية. نحتاج الآن لإصلاحات على المستوى الصناعي والزراعي لنتحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة ونوفر احتياجاتنا من الصناعة المحلية".

وتنفذ الحكومة المصرية منذ 2016 برنامج الإصلاح الذي شمل فرض ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية سعيا لإنعاش الاقتصاد ودفعه على مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية.

وتضمن البرنامج قانوناً جديداً للاستثمار وإصلاحات في قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون للإفلاس.

وقالت محللة الاقتصاد المصري في بنك الاستثمار أرقام كابيتال ريهام الدسوقي:"مصر غيرت هيكلها الاقتصادي تماما الفترة الماضية. النمو قد يكسر حاجز6% سنوياً خلال الفترة المقبلة لو واصلنا العمل على إصلاحات أخرى والقضاء على البيروقراطية".

تتوقع مصر نمواً اقتصادياً بين 5.3 و5.5% في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو حزيران 2018 على أن يصل إلى 6% في 2018-2019.


قرارات صعبة
الإجراءات التي اتخذتها مصر لم تكن بالقرار السهل في بلد شديد الاعتماد على الاستيراد لتلبية احتياجات ما يقرب من 100 مليون نسمة اعتادوا الدعم الحكومي للكثير من السلع والخدمات الأساسية.

ويقول محلل الاقتصاد المصري الكلي في بنك الاستثمار سي.آي كابيتال نعمان خالد: "2014 و2015 ومعظم 2016 كانت سنوات الفرص الضائعة على الاقتصاد المصري حيث كان يمكن خلالها اتخاذ إصلاحات عظيمة بتكلفة أقل بكثير من الوقت الحالي".

كان سعر صرف الجنيه المصري نحو 7.15 جنيهات للدولار في البنوك عندما تولى السيسي في يونيو 2014 مقاليد السلطة في حين كان السعر في السوق السوداء نحو 9 جنيهات.

وعند تحرير سعر الصرف في نوفمبر كان السعر الرسمي للدولار في البنوك 8.88 جنيهات وفي السوق الموازية ما يقارب 18 جنيهاً.

ويبلغ سعر الدولار نحو 17.75 جنيهاً حاليا بينما اختفت السوق الموازية تماماً بعد تحرير سعر الصرف.

وقال خالد:"شهدنا مزيجاً غير مفهوم من السياسة المالية الانكماشية خلال الفترة الماضية، والتي تمثلت في خفض الدعم عن جميع السلع والخدمات التي كانت تدعمها الحكومة، وسياسات مالية توسعية من خلال مشاريع عملاقة مثل قناة السويس والعاصمة الإدارية".

ودخل السيسي في مشاريع عملاقة كثيرة تكلفت مليارات الجنيهات خلال الأربع سنوات الماضية من ضمنها قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية وشبكة ضخمة من الطرق بجانب مشروعات صناعية وسمكية وزراعية.

ويتوقع الاقتصاديون أن يقطف المواطن المصري والمستثمرون ورجال الأعمال ثمار تلك المشروعات خلال السنوات القليلة المقبلة.

ويرى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين علي عيسى أن الفترة الأولى للسيسي كانت "صعبة لأن الاقتصاد كان منهكاً ومنهاراً بعد اضطرابات 2011. لم يكن هناك كهرباء ولا غاز طبيعي للمصانع وكانت الطرق والبنية التحتية متهالكة.

"انظر الآن ستجد لدينا فائضاً في الكهرباء وتوفير الغاز بانتظام للقطاع الصناعي بجانب شبكة كبيرة من الطرق الجاري تنفيذها. مصر كانت مسرحاً للانطلاق الاقتصادي الفترة الماضية وسيكون 2018 هو عام الانطلاق بإذن الله".

وأضافت مصر 8 آلاف ميغاوات قدرة كهربائية منذ 2014 ليصل الإجمالي إلى نحو 37.8 ألف ميغاوات حالياً وهو ما ساعد في القضاء على انقطاعات الكهرباء التي عاني منها المصريون قبل 2014.

توسع
توسعت مصر في الاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل المشاريع العملاقة وغيرها وقد ساعدها في ذلك شهادة الثقة المتمثلة في قرض صندوق النقد الدولي وتحرير سعر صرف الجنيه الذي زاد من جاذبية أدوات الدين المصرية.

لكن أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة عالية المهدي قالت: "عدد كبير من المشاريع القومية التي تنفذ مثل الكهرباء وغيرها تكون بقروض... لا بد أن نتعامل مع فكرة التوسع في القروض بكثير من الحذر خاصة وأننا وصلنا لمرحلة غير مسبوقة من الدين الخارجي وهو ما يشكل مزيداً من الضغط على الموازنة العامة للدولة".

وقفز الدين الخارجي لمصر إلى 79 مليار دولار بنهاية يونيو 2017 من 46.067 مليار دولار في نفس الشهر من عام 2014 بينما قفز الدين المحلي إلى 3.16 تريليون جنيه من 1.8 تريليون جنيه في يونيو 2014 وفقا لبيانات البنك المركزي.

ومن أهم المشاريع التي تعلق عليها الحكومة المصرية آمالها في الفترة المقبلة أكبر حقل غاز طبيعي في البحر المتوسط وهو حقل ظُهر الذي تديره شركة إيني الإيطالية والذي اكتشف أواخر 2015، ليساعد مصر في التحول إلى مركز إقليمي لصناعة الغاز الطبيعي.

وهيمنت إيني وبي.بي البريطانية وشل الهولندية وإديسون الإيطالية على أنشطة استكشاف وإنتاج النفط والغاز في مصر خلال السنوات الماضية لكن الشركات عانت في الفترة الأخيرة من تأخر تحصيل مستحقاتها.

وقال نائب رئيس هيئة البترول المصرية سابقا مدحت يوسف "على الرئيس المصري الاستمرار في الالتزام بسداد مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد لتحفيزها على زيادة استثماراتها".

ولشركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد نحو 2.4 مليار دولار مستحقة لها على الحكومة المصرية في نهاية يونيو 2017.


وتركزت أغلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بعد ثورة يناير 2011 في قطاع الطاقة وبخاصة النفط والغاز.

وبلغت الاستثمارات الأجنبية في مصر 7.9 مليارات دولار في السنة المالية 2016-2017 التي انتهت في 30 يونيو الماضي مقابل 6.8 مليار دولار في 2015-2016.

وقال أسامة كمال وزير البترول المصري السابق: "على الرئيس تطبيق خطة للإصلاح الإداري وتعديل أنظمة وقوانين العمل".

وأضاف : "لا بد أن نهتم بمناخ الاستثمار... هذا المناخ ليس جاهزاً حتى الآن. النجاح ليس في إصدار قانون ولائحته. النجاح يتمثل في وجود مستثمرين يرغبون في الاستثمار".
تابع موقع تحيا مصر علي