عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

وسط توتر غير مسبوق بين البلدين.. الصحافة البريطانية تسلط الضوء على الأثرياء الروس في لندن

تحيا مصر

سلطت صحيفة “الغارديان” البريطانية، الضوء على استثمارات رجال الأعمال الروس في لندن، حيث لفت ثرائهم الفاحش مع بداية الألفية الثالثة انتباه الجميع لاختيارهم السفر إليها بطائراتهم الخاصة، برفقة أشهر عارضات الأزياء، والتجول فيها تحت الحراسة الشخصية على الرغم من عدم حمل قوات الشرطة البريطانية السلاح في الشوارع العامة.

وأبرزت الصحيفة تكالب رجال الأعمال الروس على شراء أغلى العقارات في مدينة لندن ومقاطعة “سري”، وفتح حسابات مصرفية لشركاتهم، وشراء نوادي كرة القدم البريطانية، لافتةً إلى استحواذ قصة رجل الأعمال الغامض من سيبيريا، رومان أبراموفيتش، الذي جمع ثروته من صفقات نفط مشبوهة، على اهتمام الصحافة البريطانية بعدما عرض شراء نادي تشيلسي.

ومع تدفق هؤلاء الروس للاستثمار في لندن، حرص المسؤولون البريطانيون على معاملتهم بطريقة خاصة، مثل وزير الخارجية بوريس جونسون وعمدة لندن صادق خان اللذان رحبا بهم بلغتهم الروسية: Dobro pozhalovat (مرحبًا)!

كما أشارت الصحيفة إلى حرص سكان لندن أيضًا على تلبية احتياجات رجال الأعمال الروس بدءًا من الخدم، والمهندسين المعماريين والمحاسبين إلى المحامين ومصممي الديكور والمتسوقين الشخصيين، موضحةً أن الأهم من كل ذلك بالنسبة لهم هو الحكومة البريطانية نفسها باعتبارها أكبر ميسر فرش لهم السجادة الحمراء لتصبح ثرواتهم جزءًا من العصر الذهبي الجديد للعاصمة لندن.

ونوهت “الغارديان”، إلى أن الكثيرين من رجال الأعمال الروس لم يجنوا أموالهم من خلال العمل والعصامية مثل الأمريكي مارك زوكربيرغ، مؤسس موقع “فيسبوك”، وإنما جمعوا ثرواتهم من خلال المعاملات مع الحكومة الروسية، إما بشراء الأصول من الحكومة مقابل مبلغ زهيد عبر الخصخصة، أو بيع الأصول والسلع للحكومة مقابل ملايين ومليارات.

واستشهدت الصحيفة ببيع رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش، في العام 2005، شركة النفط Sibneft لشركة “جازبروم” المملوكة للدولة الروسية مقابل 13 مليار دولار أمريكي، وفي ذلك الوقت اشترى رجل الأعمال عليشير عثمانوف، الذي يملك حصة في نادي آرسنال الإنجليزي لكرة القدم، الذراع الاستثماري لـ “جازبروم” (شركات تعدين)، فيما استفاد رجل الأعمال أندريه ياكونين من بيع مجموعة فنادق واقعة على أراض كانت مملوكة للسكك الحديدية الروسية.

أما رجل الأعمال ليونارد بلافاتنيك- أوكراني الأصل، فقد اعتزم على خصخصة شركة النفط TNK بالتعاون مع شركائه ميخائيل فريدمان وفيكتور فيكسلبرغ، وفي النهاية باع الشريكان نصيبهما إلى شركة “روسنفت” الروسية المملوكة للدولة مقابل 55 مليار دولار أمريكي.

وبحسب الصحيفة، رافقت تلك الثروات الضخمة سلسلة من الادعاءات ضد بعض رجال الأعمال منها انتهاك القانون الجنائي أو المدني أو المهني أو المعايير الأخلاقية. وواجه أبراموفيتش اتهامًا من قبل شريكه السابق بيريزوفسكي بسرقة نصيبه في شركة “سيبنفت”، ولكن خسر الأخير قضيته.

واستثمر عثمانوف أموال شركة “جازبروم” في شركات التعدين الروسية، وأثناء فترة توليه لمنصبه كمسؤول عن الاستثمار في الشركة، باع حصص التعدين لشركة تحت سيطرته.

وذكرت الصحيفة، أن تجربة رجال الأعمال الروس في لندن كشفت عن سيطرة الكرملين على عالم الأعمال الروسي، لافتةً إلى ممارسة الحكومة الروسية نوعًا من الضغط قد لا تراه إلا في أفلام رعاة البقر من خلال مداهمة الشركات واحتجاز الموظفين تحت تهديد السلاح لمصادرة الوثائق وأجهزة الكمبيوتر، هذا فضلاً عن إلغاء تأشيرات الموظفين الأجانب واعتقال بعضهم بتهمة التجسس.

ورأت الصحيفة، أن ترحيب لندن برجال الأعمال الروس سببه عدم إقامتهم بشكل دائم في المملكة المتحدة، إذ تظل شركاتهم في روسيا وتعود ملكية قصورهم ومنازلهم إلى شركات خارجية، مشيرةً إلى التزام العديد منهم بدفع الضرائب البريطانية مقابل ثرواتهم الصغيرة التي يحولونها إلى إنجلترا من أجل دعم نفقات معيشتهم.

وتعتبر الأعمال الخيرية أيضًا واحدةً من أسباب دعم الحكومة البريطانية لرجال الأعمال الروس، إذ يتبرعون للجمعيات الخيرية الاجتماعية ويرعون الفنون التعليمية، ويمولون المؤسسات التعليمية.

وربما يريدون بذلك ظهور أسمائهم بجوار الجمعيات الخيرية على محرك البحث “غوغل”.

وفي سياق متصل، أبرزت “الغارديان”، إدراج صحيفة “ذا صنداي تايمز” الروسية عثمانوف بقائمة أفضل المتبرعين للجمعيات الخيرية في المملكة المتحدة في العام 2016، بينما كان أبراموفيتش أكبر متبرع لجمعية “تحقيق الأحلام Fulfilling Dreams” الخيرية التي تقدم عروض سفر للأطفال المصابين بأمراض خطيرة.

ورغم كل ذلك يحرص رجال الأعمال الروس على الحفاظ على علاقاتهم الوثيقة بالكرملين؛ فعلى سبيل المثال ظل أبراموفيتش في منصبه كحاكم مقاطعة تشوكوتكا النائية في شرق روسيا لولايتين، فيما لعب عثمانوف دورًا في بناء ملاعب أولمبياد سوتشي وكأس العالم 2018.

ويُقال إن بعض رجال الأعمال الروس يقدمون خدمات للكرملين وبعضهم الآخر يمول الحركات اليمينية المتطرفة، وآخرون يرعون الحملات المعادية للاتحاد الأوروبي.

وتساءلت الصحيفة ما إذا كانت الحكومة البريطانية سوف تضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد محاولة اغتيال الجاسوس الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا، من خلال مصادرة أصول مسؤولي الحكومة الروسية ورجال الأعمال، وإلغاء تأشيراتهم، وغيرها من العقوبات أم لا، مؤكدةً عدم إضافة هؤلاء الروس أي قيمة للاقتصاد البريطاني.
تابع موقع تحيا مصر علي