عاجل
الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

قطر تنفق مبالغ ضخمة على جماعات الضغط في أمريكا.. الدولارات لم تنقذها من عقوبات السعودية وحلفائها.. اقتصادها تلقى ضربات كبيرة وسمعتها الدولية انهارت.. والدوحة لجأت لتركيا وإيران وإسرائيل

تحيا مصر

ذكر الكاتب سيث فريتزمان في صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيليّة أنّ قطر لا تزال تتحدى جيرانها بعدما قطعوا علاقاتهم معها منذ سنة، وأنها حاولت أن تعوّض خسارة الأعمال والعلاقات مع حلفائها الخليجيين السابقين عبر التواصل مع تركيا وإيران.

وأنفقت مبالغ ضخمة على جماعات الضغط في واشنطن لكسب تأييد الإدارة الأمريكية. لكن لو أنّها حصلت على ما أرادته لانتهت العقوبات المفروضة عليها من السعودية وحلفائها منذ زمن طويل. عوضاً عن ذلك، تحوّلت قطر من سياساتها السابقة في دعم مجموعات مثل حماس والإخوان المسلمين إلى إلزام نفسها بالتعامل مع المشاكل الداخلية. لقي هذا ترحيباً على العموم من إسرائيل.
في 5 يونيو 2017، قطعت السعودية ثمّ الإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر. خلال أول 48 ساعة، انتشرت شائعات مفادها أنّ هذا القرار غير المسبوق قد يكون تمهيداً لانقلاب في قطر أو عمل عسكري. منذ سنة 2011، شنّت السعودية وحليفاتها في مجلس التعاون الخليجي عمليات مشتركة لإحباط المظاهرات في البحرين ومواجهة المتمردين الحوثيين في اليمن. وضغطت على قطر بسبب تقارير كانت تبثها شبكة الجزيرة.

الرياض فاجأت واشنطن
مع غياب التحرك العسكري والقرار الداخلي لإزاحة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عمدت دول الخليج إلى الاعتماد على الضغط. أرسلت لائحة بثلاثة عشر مطلباً في أواخر يونيو 2017. لم ترسل قطر أي إجابة. عوضاً عن ذلك، تواصلت مع وزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون ووزير الدفاع جايمس ماتيس وفقاً لأشخاص مطّلعين على الأزمة. فاجأت تحركات الرياض البنتاغون ووزارة الخارجية. هرع تيليرسون إلى المنطقة لإصلاح الأمور. كان لا يزال يحاول ذلك حين طرده ترامب من منصبه في مارس 2018.

معاناة قطرية كبيرة
وفقاً للمستشار في شركة "كورنر ستون غلوبال أسوشييتس" غانم نسيبة، عانت قطر كثيراً بسبب العقوبات. "تلقى اقتصادها ضربات كبيرة. سياسياً، عانت سمعتها الدولية بما أنّ اسم قطر تم ربطه بالإرهاب على مستوى عالمي واسع". وقال إنّ الأزمة ستستمر وإنّ تحالف قطر مع تركيا وإيران يضعها في مواجهة جيرانها والمجتمع الدولي. "إنّ الضغط الاقتصادي الذي فرضته العقوبات على قطر قلّص بلا شك قدرتها في التأثير على الأمور دولياً، بغض النظر عن الإنفاق البارز على ممارسة الضغط في الغرب. تواجه الجزيرة مثلاً قيوداً مالية شديدة"، كما قال نسبية.
تغطيتها الإخبارية تغيرت
إنّ تعامل قطر مع الأزمة بجدية واضح من خلال تقرير الجزيرة في 5 يونيو. تمول الحكومة القطرية الشبكة وتمثل خط العائلة المالكة. في 5 يونيو، نشرت صفحتها الرئيسية اقتباساً من وزير الخارجية يزعم أنّ "السعودية تخرق القانون الدولي". وادّعى مقال مرتبط أنّ الإمارة "برهنت قدرة مؤثرة في قلب الأزمات إلى فرص على مستوى تحسين الأمن الغذائي والتماسك الاجتماعي والاستدامة الاقتصادية". تغيرت التغطية الإخبارية للجزيرة خلال الأزمة. تغير نشر التقارير عن حلفاء الدوحة. يتم وصف تركيا بأنها "معتبرة بشكل واسع كمنارة للديموقراطية والتعددية في العالم المسلم".

منطقها غير واضح
من جهتها، تجاهلت قناة العربية الذكرى السنوية الأولى للمقاطعة في تقاريرها. يمكن أن يؤشر ذلك إلى أنّ الرياض تشعر بثقة في نصرها في نهاية المطاف أو أنها تأمل في تجاهل الأزمة. في خريف 2017، بدأ التواصل القطري البارز مع أمريكيين يهود مؤيدين لإسرائيل. ذهب العديد منهم إلى الدوحة بمن فيهم مورت كلاين من المنظمة الصهيونية في أمريكا وألان ديرشوفيتز. ركزت قطر على المجتمع المؤيد لإسرائيل. لم يكن منطقها هذا واضحاً. يمكن أن تكون قطر قد ظنّت أنّ أمريكيين يهوداً مؤيدين لإسرائيل كانوا قريبين من ترامب وأنّ هذا قد يساعدها في الوصول إلى داخل البيت الأبيض. لكن سبق لقطر أن بنت علاقات مع ترامب عبر تيليرسون وآخرين.

خسرت دورها السابق
في يناير 2018، ذهب وزيرا الخارجية والدفاع القطريان إلى واشنطن ووقعا اتفاقات كما التقيا بماتيس وبتيليرسون ضمن مبادرة الحوار الأمريكي القطري الاستراتيجي. وأنفقت قطر كثيراً على جماعات الضغط في واشنطن. تضمن ذلك الحملات الدعائية وملايين الرسوم للمستشارين. وفقاً للإيداعات العامة لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب، كان من بين الذين تقربت منهم قطر في وقت مبكر وزير العدل الأمريكي الأسبق جون أشكروفت. يبدو أنّ جهود قطر في الديبلوماسية وممارسة الضغط نجحت في تجنب مزيد من الانفلاش في الأزمة. لكنّها أثرت في قدرة الإمارة على تأدية الدور الذي كانت تؤديه قبل سنة 2017.
الدعم القطري المبتذل للإسلاميين

خلال سنوات الربيع العربي، استغل الأمير السابق لقطر حمد بن خليفة آل ثاني ثروة البلاد لدعم الثورات كما حصل مع بروز الإخوان المسلمين في مصر. وكتبت "بي بي سي" سنة 2013 حين تم عزل مرسي أنّ "الدعم القطري للإسلاميين على امتداد الشرق الأوسط كاستراتيجية لتقديم نفسها على أنّها قوة وساطة إقليمية يبدو الآن مبتذلاً بشكل متزايد". حين أغرقت الدوحة مصر بعشرة مليارات من الدولارات وفقاً لشبكة "بي بي سي"، أرسلت أيضاً مئات الملايين إلى غزة للبنية التحتية. بالنسبة لإسرائيل كانت هذه مقاربة بوجهين. استضافت قطر قادة حماس لكنّ دعم اقتصاد غزة عنى على الأرجح فرصة أقل لأزمة على حدودها. قالت قطر إنّ الأموال ذاهبة للشعب لا لحماس وأدت إسرائيل دوراً أساسياً في مراقبة التحويلات.

لقد تواصلت قطر مع الأصوات المؤيدة لإسرائيل وهذا أشّر إلى أنها أرادت إرضاء هذه الأصوات من خلال تغيير أساليبها. عنى ذلك أخباراً سيئة لحماس. لقد أظهرت الأزمة القطرية الخلافات الصارخة بين خيارات السعودية والإمارات في إدانة التطرف علناً، بينما تستمر قطر وحليفاتها بالتودد، بطريقة هادئة أو منفتحة مع مجموعات مثل حماس.
تابع موقع تحيا مصر علي