عاجل
الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

الفيلسوف الفرنسي برنارد في كتابه الأخير: شاه إيران أسس دولة نازية ما زالت مستمرة

تحيا مصر


أثار الفيلسوف الفرنسي الشهير برنار هنري ليفي، في كتابه الأخير “الإمبراطورية والملوك الخمسة”، الجدل من جديد حول تاريخ منطقة الشرق الأوسط، مركزًا في قسم منه على تاريخ إيران أو بلاد فارس المعاصر، مثيرًا التساؤل حول لماذا قام الشاه رضا بهلوي بتغيير تسمية البلاد التاريخية رسميًا.

وذكر ليفي في كتابه الذي صدر في أبريل الماضي أن هناك 5 ممالك تمتلك مقومات البقاء والصعود مقابل تقهقر القوة الأمريكية والانحسار الأوروبي، حسب وصفه، وهي كل من روسيا وتركيا والصين وإيران والمملكة العربية السعودية.

إذا ما مررنا سريعًا من تحليله عن مستقبل هذه الممالك التي يراها “خطرًا على قيم الديمقراطية الغربية” وركزنا على تحليله لوضع إيران المعاصر فنجده يقول: “إن إيران هي البلد الوحيد التي لم يتم فيها لحد الآن عملية التخلص من النازية (Denazification) حيث بقيت هوية الدولة تشير إلى العرق الآري، رغم أن إيران بلد متعدد الأعراق والثقافات والقوميات والأديان”، حسب تعبيره.

ويذكر ليفي أنه في عام 1935 قامت حكومة الشاه رضا بهلوي، وتأثرًا بالنازية، بتغيير اسم “فارس” إلى “إيران” وذلك بهدف إنشاء دولة نازية في الشرق الأوسط.

ومن المعروف أن الشاه رضا بهلوي كان طلب في خطاب رسمي من الدول الأجنبية والمنظمات الدولية عام 1935 استخدام اسم “إيران بدلًا من “فارس” أو “بلاد فارس”، وذلك لقناعته بما طرحه مثقفون من القوميين الفرس أشهرهم سعيد نفيسي، حول زعمهم بأن “الفرس جزء من الأمة الآرية وأن إيران هي أرض الآريين”.

وكان التغيير تم بناء على توصية السفير الإيراني في ألمانيا النازية، والذي كان متأثرًا بالفكر النازي، وكان يحاول تقوية العلاقات مع ألمانيا من خلال فكرة “الدم الآري النقي”.

الشاه رضا بهلوي والدولة الآرية

يذكر أن الشاه رضا بهلوي (15 مارس 1878 – 26 يوليو 1944) وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري بدعم بريطاني، وقام بخلع آخر شاه من الأسرة القاجارية في الـ 12 من كانون الأول/ ديسمبر 1925 وكان يعتمد على “إرث إيران القديمة” وأطروحات القوميين الفرس حول الأصول الحقيقية للأمة الإيرانية “الآرية”.

وبناء على نظرية “الدولة – الأمة الآرية” عمل الشاه رضا بهلوي على صهر القوميات كافة غير الفارسية، وهم الأتراك والأكراد والعرب والبلوش والتركمان والإثنيات الصغيرة الأخرى كاللور والبختيارية والطالش والغيلك والمازندرانيين وغيرهم في هذه الأمة الوليدة من خلال عملية التفريس اللغوي والثقافي وجعل الفارسية لغة وحيدة للبلاد وإلغاء التنوع الثقافي في البلاد.

مقابل ذلك، أبلغت ألمانيا شاه إيران باستعدادها لمساعدته على النمو والتطور دون أي توجه استعماري كونه يرى نفسه نازيًا، وساعد الألمان بالفعل في تأسيس القاعدة الصناعية للبلاد مقابل استيراد النفط والمواد الخام من إيران.

كما قامت وزارة الإعلام الألمانية بقيادة غوبلز، والمختصة بالدعاية للنازية بترويج نظرية التفوق العرقي في إيران من خلال تأسيس “راديو برلين” باللغة الفارسية، حيث عملت على الترويج بأن الألمان والإيرانيين من عرق واحد ويواجهون الاستعمار بنضال مشترك.

وفي تلك الحقبة، نشر ألفريد روزنبرغ، أحد الفلاسفة المقربين من هتلر، كتابًا بعنوان “خرافة القرن الـ20″، زعم فيه أن الإيرانيين مثل الألمان من العرق الآري النقي لكن الفتح الإسلامي وهجوم العرب والمغول قد لوثهم.

إيران جغرافيا أم شعب؟

كما هاجم قوميون عرب كتاب ليفي بسبب استمراره بتحليل تاريخ الشرق الأوسط وفقًا لنظرية المركزية الأوروبية المتعالية ودفاعه عن إسرائيل، لم يسلم منه القوميون الفرس حيث وجه بعض الناشطين الإيرانيين الفرس ردودًا وتعليقات عنيفة على أطروحة هنري ليفي في كتابه الجديد، بالقول إن تسمية “إيران” قديمة وليست جديدة، وإن الشاه رضا بهلوي قد جعلها تسمية رسمية للبلاد فحسب.

بينما رد باحثون آخرون بأن “إيران” مجرد تسمية جغرافية وليست اسمًا لشعب “آري” مزعوم أو “إيراني”، وكانت هذه التسمية تطلق على المناطق الواسعة من واحات إيران، وسكنتها شعوب وقوميات وأعراق متعددة على مر العصور.

الخطاب النازي في إيران

يذكر أن الخطاب النازي ما زال رائجًا لدى العديد من المجاميع السياسية والثقافية الإيرانية في الداخل والخارج كتيار الملكيين والقوميين والجبهة الوطنية وغيرها من التيارات.

كما أن أبرز التيارات النازية داخل إيران هو حزب “بان إيرانيست” ذو التوجه القومي الفارسي الذي تأسس عام 1951 في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، والذي يرفع شعارات نازية وعلم الحزب الذي هو نسخة عن علم النازية إلى جانب العلم الملكي الشاهنشاهي في احتفالاته السنوية في عدد من المدن الإيرانية.

ويعتبر “بان إيرانيست” نفسه حزبًا نازيًا يطمح إلى إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية والتوحد مع العرق الآري متأثرًا بالأيديولوجية النازية الألمانية، وهو من الأحزاب القليلة المسموح لها بالنشاط في الحقبة الإسلامية في إيران، رغم انه محظور رسميًا.

ومثل سائر التيارات القومية الفارسية، يشترك حزب “بان إيرانيست” بالعداء للعرب ويعتبر الفتح العربي الإسلامي لبلاد فارس والذي انطلق من العراق والأهواز وأسقط لاحقًا الإمبراطورية الساسانية، أكبر نكسة في تاريخ إيران ويعده السبب الرئيس في سقوط حضارتها المزعومة قبل الإسلام ويدعو إلى تنقية هوية إيران من كل شيء يرمز للثقافة العربية.
تابع موقع تحيا مصر علي