عاجل
الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

" أبو الجهاد المصري " يثير علامات الاستفهام في الجزائر.. رجل الأعمال متهم بانتمائه لتنظيم القاعدة وتجنيد الشباب الجزائري.. السلطات تملك أدلة إشرافه على شبكة تمتد إلى العراق.. وشكوك حول علاقته ببن لادن

رجل الأعمال ياسر
رجل الأعمال ياسر سالم

أثار رجل الأعمال المصري ياسر سالم، المكنى بـ"أبو جهاد المصري"، الكثير من علامات الاستفهام منذ إلقاء القبض عليه في الجزائر، وخضوعه للتحقيق بتهمة انتمائه لتنظيم القاعدة، والمساس بأمن الدولة وتأسيس جماعة مسلحة فوق التراب الجزائري، وتجنيد مئات الشباب للجهاد في العراق خلال الفترة بين 2003 و2004 .

كانت محكمة الجنايات الجزائرية عاقبت غايبيا في نوفمبر 2016، ياسر سالم المكنى "أبوجهاد المصري" بالسجن 10 سنوات، خلال محاكمته للمرة الثالثة.
واجه "أبوجهاد المصري"، اتهامات بتجنيد الشباب الجزائري للجهاد في العراق في الفترة الممتدة ما بين 2003 و 2004، والمشاركة في عمليات اغتيال أفراد الجيش والاستيلاء على الأسلحة والذخيرة عدم التبليغ عن جماعة إرهابية المساس بأمن الدولة، وتمويل الجماعات الإرهابية، إلى جانب شريكين آخرين هما حاج نعاس محمد 26 سنة، ولحمر عواد 44 سنة متهمين بالانتماء إلى جماعة "حماة الدعوة السلفية"،التي عرفت باسم "كتيبة الأهوال"، وتأسست عام 1996، على يد قادة بن شيخة العربي، أحد قدماء المحاربين في أفغانستان وقائد سابق في "الجماعة الإسلامية المسلحة"، وأدرجت على قوائم الإرهاب الأمريكية في 11 نوفمبر 2003.

في نوفمبر2007، تمت معاقبة "أبوجهاد المصري"، بالسجن 15 عاما، فيما أدين مرافقوه بالسجن المؤبد، لكنه تقدم بطعن، وخفف عنه الحكم في يوليو 2011، إلى 9 سنوات، وتقدم بطعن للمرة الثانية وتمت إعادة محاكمته ليحصل على حكما غابيا بـ 10 سنوات في نوفمبر 2016.

كان ياسر سالم قد اعترف أثناء مثوله للمحاكمة عام 2011 أنه مول العمليات الجراحية لصالح الإرهابيين تحت طائلة التهديد بتصفية عائلته أما بالنسبة للمتهمين محمد حاج نعاس ولحمر عواد فأنكرا أثناء استجوابهما كل الوقائع المنسوبة إليهما والمتمثلة في المشاركة في عدة عمليات إرهابية بسيدى بلعباس وعين الدفلى وغليزان وتيسمسلت.

ووفقا للمعلومات فإن المصري ياسر سالم محمد، من مواليد 1962 بالإسكندرية، دخل التراب الجزائري عام 1993 قادما من ليبيا، ثم فضل الاستقرار مبدئيا بولاية سطيف 300 كلم شرق العاصمة الجزائرية، بدأ ينشط في مجال التصدير والاستيراد، و هي الفترة التي كانت فيها البلاد تعيش إرهاصات الأزمة الأمنية.

ومن المعروف أن ولاية سطيف تقع بالقرب من جبال البابور التي كانت معقلا للجماعات المسلحة في الشرق الجزائري في تلك الفترة، وقد تأثر "أبوجهاد المصري"، آنذاك بأفكار الجماعات المتطرفة التي كانت في أوج نشاطها، وكانت تدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية في الجزائر.

مع مرور الوقت توسع عمل "أبوجهاد المصري"، إلى ميدان استيراد المستلزمات الطبية الخاصة بالجراحة، الأمر الذي مكنه من جمع ثروة مالية جيدة جعلته يربط شبكة علاقات متشعبة بين الجزائريين وحتى خارج الجزائر وخصوصا في سوريا، وكان مسوؤل الدعم المالي واللوجيستي، وأطلق عليه "بنك متنقل".

حصل ياسر سالم على الجنسية الجزائرية بموجب قوانين حق التجنس عبر عدة حالات ومنها أن يكون الطالب متزوجا بجزائرية ومقيما بالبلد مدة لا تقل عن 7 سنوات، حيث تزوج ثلاث مرات من جزائريات، وانجب منهم أربعة أولاد منذ 1993.

تم توقيف "أبوجهاد المصري"، في 15فبراير 2006 حيث كان رفقة المتهمين حاج نعاس محمد ولحمر عواد بمنطقة باب الزوار شرق العاصمة، اللذين كانا محل تتبع من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية، لضلوعهما في أعمال إرهابية ضد الجيش الجزائري في غرب البلاد، وكانا ينشطان ضمن جماعة مسلحة تعرف باسم "حماة الدعوة السلفية".

عثرت الأجهزة الأمنية الجزائرية، عند تفتيش سيارة "أبوجهاد المصري"، على سلاح ناري و وخيرة وقنبابل يدوية ملك للمتهم لحمر عواد، وهو الدليل الذي استندت به السلطات الجزائرية لتأكيد تهمة وجود علاقة بين "أبوجهاد المصري"، والجماعات الإرهابية في الجزائر، و تم إيداع المتهم و رفيقيه مباشرة بسجن سركاجي الشهير.

وحسب قرار الاتهام الصادر بتاريخ 20يونيو 2006 في حق "أبوجهاد المصري"، من أنه تعرف على "الإرهابي" حاج نعاس محمد، بعد توصية من شخص له علاقة مع الجماعات المسلحة، فقصده إلى مقر إقامته بباب الزوار، و هو يعاني من جرح في إحدى رجليه نتيجة إصابته بشظية مروحية تعرض لها في مواجهة مع قوات الجيش في جبال ولاية غليزان، وقد تكفل أبوجهاد بتوفير العلاج، ودفع التكاليف التي بلغت حوالي 200 دولار، كما وفر له إقامة لمدة أزيد من 10 أيام في بيته هي مدة العلاج، و أعطاه بطاقة هوية مزورة تسهل عليه التنقل في العاصمة.

و في ما يخص المتهم الثاني لحمر عواد الذي التحق بالعمل المسلح عام 1993 حسب ما جاء في ملف الاتهام ، فإن علاقته "أبوجهاد المصري"، بدأت عندما أرسل المدعو سليم أبوجعفر الأفغاني أمير تنظيم "حماة الدعوة السلفية"، مبعوثه عواد إلى ياسر سالم برسالة يخبره فيها بحاجة الجماعة المسلحة لبعض الأموال، وهذا ما جاء على لسان عواد في اعترافاته الأجهزة الأمنية الجزائرية.
أما التهمة الثانية الموجهة لـ "أبوجهاد المصري"، فهي تتعلق بتجنيد الشباب الجزائري للجهاد المسلح في العراق، وقدرت صحف جزائرية عددهم بأنه يصل إلى 300 شاب، لكن حسيبة بومرداسي محامية "أبوجهاد المصري"، ترى أن عددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.

وبالعودة إلى ملف التحقيقات فقد اعترف "أبوجهاد المصري"، أنه ساعد بعض الشباب الجزائريين عبروا له عن رغبتهم في الجهاد في العراق، كحالة الشاب مراد الذي التقاه في مارس 2003 بأحد مساجد ولاية بجاية بمنطقة القبائل، وأعطاه مبلغ 100 دولار ثم اشترى له تذكرة سفر إلى سوريا.
السلطات الجزائرية أشارت خلال التحقيقات إلى أنها تملك أدلة على أن"أبوجهاد المصري"، أشرف على شبكة كبيرة تمتد من الجزائر نحو العراق عبر سوريا، قامت بتجنيد المئات من الشباب الجزائري الراغب في الجهاد في العراق.

وأن "أبوجهاد المصري"، انتقل أكثر من مرة إلى سوريا لتنسيق العملية، واعترف أنه سعى للحصول على جوازات سفر، و بطاقات هوية مزورة لاستعمالها من طرف الراغبين في الالتحاق بجبهات القتال في العراق، وأنه قدم فعلا 400 دولار، كمصاريف تنقل أحد الأشخاص الذي عبر عن رغبته طواعية في القيام بتفجيرات في تونس.
ووقع الاختيار على مدرسة الدعوة اليهودية بتونس، ولكن المعلومات المتوفرة لا تقدم تفاصيل عن تنفيذ العملية وتكتفي فقط بالإشارة إلى التخطيط .
ونفى محامي الجماعات الإسلامية، منتصر الزيات، أن يكون موكله "‬أبو‬جهاد المصري"، ‬ ‬التقى ‬أسامة ‬بن ‬لادن ‬أو ‬سافر ‬إلى ‬أفغانستان ‬أو ‬باكستان ‬من ‬قبل.
مؤكدا أن موكله تبرع بأمواله لمساعدة الجزائريين الراغبين في الذهاب إلى الجهاد في العراق عملا بفتوى الشيخ يوسف القرضاوي، الذي دعا المسلمين إلى مساندة إخوانهم في العراق، وقال الزيات "لقد قال لي ياسر سالم إنه قدم المساعدة للشباب الذين طلبوا منه المساعدة فقط وعددهم خمسة شبان اشترى لهم تذاكر سفر إلى سوريا من أجل الدخول إلى العراق عبر الحدود ‬العراقية ‬السورية، ‬كما ‬منح ‬لكل ‬منهم ‬100 ‬دولار .‬

وفي يناير 2010، أرسل "أبوجهاد المصري"، إلى الرئيس المصري الأسبق حسنى مبارك، يطالبه فيها بالتدخل والوساطة لدى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة للإفراج عنه.
وقال "أبوجهاد المصري"، في الرسالة التي بعث بها من خلال محاميه منتصر الزيات، أنه كان ضحية مكيدة عظيمة وأنه سجن بدون محاكمة ظلماً وعدواناً ثلاث سنوات، بل تم نفيه من سجن سركاجى بالعاصمة الجزائرية إلى سجن بعيد عن موقع المحكمة لإبعاده عن أسرته والسفارة المصرية، على حد قوله.
وأضاف أنه خلال الفترة من 2005 إلى 2007 صوت الشعب الجزائري بالموافقة على تنفيذ ميثاق المصالحة، التي يحق له بها قانونياً الاستفادة من الإفراج النهائي من السجن، مثل كل المساجين الذين أفرج عنهم طبقاً لقوانين المصالحة الصادرة في الجريدة الرسمية، لكنه الوحيد المصرى الذي لم يفرج عنه، بالرغم من استفادة آلاف من الخروج من السجن قبل محاكمتهم.
تابع موقع تحيا مصر علي