عاجل
الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

فيسبوك يكشف سر اختفاء عائلة لبنانية قبل 43 عامًا

تحيا مصر

بعد مرور 28 عامًا على انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، إلا أن ملفات المخطوفين والمفقودين لم تقفل بعد، ونادرًا ما تلقى قضية مفقود نهاية سعيدة، كتلك التي حصلت مع سميرة ابنة عائلة محسن عبد الحسين رضا.

فبعد 43 عامًا على اعتقاد العائلة، أن ابنتها سميرة التي كانت متزوجة في العام 1975 من السوري عزت الحلو (مجنس لبناني) وكان لهما 5 أولاد وابنة وحيدة، قتلت مع عائلتها ذبحًا على يد الميليشيات والكتائب، إلى جانب عشرات العائلات الأخرى، تبين اليوم أن العائلة لا تزال على قيد الحياة، والفضل يعود إلى “فيسبوك”، وللقاضي السابق جمال حلو، زوج شقيقة سميرة.

ففي العام 1977، حين توقفت الحرب الأهلية في لبنان، توجهت عائلة سميرة إلى بيروت الغربية عبر متاريس ارتفعت على خطوط التماس، وانتقلت إلى محلة سد البوشرية للتدقيق في ما إذا كانت سميرة أو أحد أولادها على قيد الحياة أو فعلًا قضوا في المجزرة التي ارتكبت في يوم مشهور بدمويته في لبنان وأطلق عليه “السبت الأسود”.

والتقت العائلة أشخاصًا في المنطقة وسألوا عن ابنتهم، وقيل لهم إن جميع من كانوا في هذا الحي قتلوا ذبحًا. وعادت العائلة أدراجها إلى بيروت الشرقية.

ومرت السنوات بين حرب وسلم، وتوفيت والدة سميرة في العام 2014 وبقي لزينب 9 إخوة ذكور وشقيقتان، بحسب صحيفة “الحياة”.
وفي العام 2016، فتح زوج زينب القاضي السابق حلو حسابًا على “فيسبوك“، من باب التواصل مع الأصدقاء والأقارب من عائلة حلو. وكان ثمة شابان من آل الحلو حسام وسامي يتواصلان معه كل على حدة دون معرفة مسبقة، ووصفهما بأنهما كانا مهذبين، وكان القاضي السابق حلو كلما نظر إلى صورة أحدهما على الموقع، يستغرب كثرة الشبه بين ابنه محمد وبين هذا الشاب الذي يدعى حسام.

ولم تكن زوجته زينب تشاركه مسألة التواصل على “فيسبوك”، إنّما لفتها الشبه بين ابنها وبين هذا الشاب الذي يتواصل معه زوجها، لكن الأمر كما قالت زينب لم يحفزها ولا لحظة واحدة على الربط بين الأمر وبين قضية شقيقتها، باعتبار أن الأمر حسم لدى العائلة بأن سميرة قتلت وعائلتها، وأنه لم يكن لدى العائلة ما يوثق القتل ولا حتى وجود جثث، ما أدى إلى عدم تثبيت الوفاة في سجلات الدولة.

ففي ذلك الوقت، يقول القاضي السابق حلو: “كانت آلة الحرب تفتك بالناس، ولا يوجد لا هواتف ولا مواصلات ولا كهرباء ولا أحد يسأل عن أوراق أو يهتم لحيازة أوراق. كانت قرقعة السلاح أعلى من أي شيء آخر”.

ويضيف حلو: أنه قبل أكثر من شهر تزوج ابني محمد، ونشرت صوره على حسابي الإلكتروني، وعلّق عليها حسام الحلو بالتهنئة، وخلال المحادثة قال لي إن أمه لبنانية وإن والده سوري، لكنه حصل على الهوية اللبنانية خلال عملية التجنيس في مراحل سابقة. وسألته من أين هي أمك، فقال لي من الجنوب اللبناني، ولم يحدد لي البلدة. وسألته عن عائلتها فسمى لي عائلة زوجتي زينب أي عبد الحسين رضا. وسألته عن اسم والدها فقال: محسن.

ويقول القاضي السابق حلو: “هنا بدأت القشعريرة تسري في عروقي، وكانت زوجتي زينب تجلس إلى جانبي وتسألني ما بك؟ ولم أجب، اعتقدت للحظة أن هناك من يحتال علي، أو أن ما أسمعه هو حلم، وتوالت أسئلتي وصار يقول لي: لماذا تحقق معي؟ ماذا فعلت؟ وسألته أن يأتي بصورة لإخراج قيد والدته ويرسلها إلي، ففعل، وهنا كانت المفاجأة… “سميرة عبد الحسين رضا، مواليد 3/ 6/ 1941″، تركته قليلًا وأحضرت إخراج القيد العائلي الذي يخص زوجتي، فتطابقت المعلومات وطلبت منه هوية والدته القديمة إذا كان يملكها فأحضرها، وإذ بالشبه بين زينب وسميرة لا يوصف. وأرسلت إليه إخراج القيد العائلي لزوجتي، وقرأ اسم سميرة فيه المتأهلة من عزت الحلو، وسألني إن كان باستطاعته أن يتصل بي هاتفيًا، لأنه لم يعد قادرًا على الكتابة.

ويضيف القاضي أنه في هذه الأثناء نظر إلى زوجته، وبدت كأنها على وشك الإغماء. قالت زينب: “لم أعد أتمالك نفسي، هل يعقل بعد 43 عامًا، أن أجد أولاد شقيقتي، لكن أين سميرة، والدتي توفيت وفي قلبها حسرة عليها، هل أخبر إخوتي؟ كانت لحظة لا توصف، وراح الدم ينبض في عروقي وكدت أغمى”.

وقال القاضي السابق حلو: “حين اتصل حسام بي كان مرتبكًا، وراح صوته يرتجف وقال: لم أفهم شيئًا رغم أنه قرأ اسم والدته على إخراج القيد الذي أظهرته له، قال: ماذا يعني ذلك، قلت له: يعني أنني أنا زوج خالتك، وهي إلى جانبي، تحدثْ إليها، فكانت لحظات بكاء وصراخ وفرح وحزن.

ويشير حلو إلى أنه جمع العائلة في منزله. وتبين خلال اللقاء أن سميرة توفيت في الأسبوع نفسه الذي توفيت فيه والدتها في العام 2014. وكانت أمضت حياتها بالبحث عن أهلها.
تابع موقع تحيا مصر علي