عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

النائب محمد فؤاد يكتب: التشريعات الضائعة "قانون المحليات.. الأمل المفقود"

د.محمد فؤاد عضو مجلس
د.محمد فؤاد عضو مجلس النواب

الحلقة الأولى: قانون المحليات.. الأمل المفقود

وضع غير جيد بالمرة تعانيه المحليات في مصر، فهي العنوان الأمثل للفساد وانتشار الرشاوي وخير مثال على بيروقراطية الجهاز الإداري للدولة، ناهيك عن عدم أهلية موظفيها في كثير من الأحيان، بما سبب ولا زال يسبب مشكلة عويصة تواجه أي خطط تنمية في الدولة أو تقديم خدمة متميزة تليق بمواطنيها.
هذا الوضع المترهل فطن إليه معدي دستور 2014، بما أنتج استحقاق دستوري هام للغاية وهو قانون المحليات، في محاولة لبدء إصلاح المنظومة التي أجمع الجميع على عدم أهليتها في ظل ما تسببه من أزمات متلاحقة، ومعاناة مستمرة سواء للمواطنين أو للمسئولين جراء عدم القدرة على تنفيذ خطط التنمية أو تطبيق اللامركزية.
لجنة الإدارة المحلية على مدار أكثر من دور انعقاد كامل، خصصت غالبية جلساتها لمناقشة القانون الجديد والاستقرار على مواد بالمفاضلة بين ما تراه الحكومة وما يتمسك به النواب، وخرجت بطرح أظنه مقبول تماما لإصلاح الوضع، إلا أنه اصطدم بعدم القدرة على التنفيذ من قبل الحكومة، رغم أنها قدمت مشروع قانون وأبدت موافقتها على الشكل النهائي له.
فاللجنة على مدار الانعقاد الأول والثاني بذلت مجهودا خرافيا لمناقشة القانون والتوافق على مواده، وهنا استغل الفرصة وأوجه الشكر إلى المهندس أحمد السجيني رئيس اللجنة على دوره في الانتهاء من القانون وفرض رأي أعضاء اللجنة، كما أنني شرفت بأن أكون أحد مقدمي مشروعات القواننين المتكاملة للإدارة المحلية بمشاركته.
التأجيل المستمر لقانون المحليات الجديد، له الأثر الأول على عدم الرضا الشعبي عن البرلمان الحالي، وتشتيت دور النواب بين الدور الرقابي وممارسته الدور الخدمي، فعدم وجود المحليات أعادنا إلى ظاهرة النائب الخدمي الذي لا يهمه إلا خدمة مواطنيه في الدوائر وتسهيل حياتهم وهل ما سبب تقصير في الدور الرقابي والتشريعي له، وظاهرة الغياب المستمر للنواب عن الجلسات العامة واجتماعات اللجان النوعية غير دليل على ذلك.
فبعدما كان النائب يقوم بالدور الخدمي بشكل تطوعي، الذي هو في الأساس مهمة المحليات، أصبح الأمر فرض عليه والمسار الأول لتقييمه شعبيا في دائرته، بما خالف جوهر ودور البرلمان الحالي، وسوف يسبب أزمة للنواب القادمين أيضا.
الغريب في الأمر، أن هناك مشروعات قوانين يتم تقديمها ومناقشتها وإقرارها في أيام معدودة للغاية رغم أنها قوانين خلافية بالمقام الأول، بما يعكس وجود رغبة في تطبيق هذه التشريعات من قبل الحكومة، وأيضا يشير إلى عدم الرغبة في تطبيق منظومة المحليات الجديدة.
بالطبع التنسيق بين البرلمان والحكومة أمر محبذ وفي صالح الاستقرار، إلا أن القاعدة الأساسية هي أن البرلمان يقر ويوجه والحكومة عليها التنفيذ، وإذا لم تكن قدرات وزرائها تكفي فيتم استبدالهم بسهولة دون أي أزمة، وهذا بالفعل إحدى أزمات البرلمان الحالي –الذي أتشرف بكوني أحد أعضائه-، فليس لديه الكلمة العليا على الحكومة ولم يستطع فرض كلمته أو توجهه في غالبية التشريعات أو المواقف، بما صدر صورة سلبية في الشارع عن أعضائه.
لا أنكر أن البرلمان قام خلال أدوراه الأربعة المنصرمة بمجهودات غاية في الأهمية والتأثير، إلا أن تقييم الذات أول أسباب التغلب على التقصير وتحقيق المأمول.. فقد نفهم أن ذلك -تنفيذ ما تطلبه الحكومة في الوقت الذي تريده الحكومة بالشكل الذي ترغب فيه- أمر ضروري لدعم الاستقرار وجعل العجلة تدور، إلا أن الأمر بوّخ بالفعل.. فهذا يمكن قبوله لعام أو لعامين إلا أننا دخلنا في الخمسة أعوام ولا تزال نفس الأسطوانة هي ما يتم ترديدها في كل مرة.
الحجج المتتالية التي تقدمها الحكومة أو قادة البرلمان لتأجيل مناقشة القانون والقائمة على عدم قدرة الوضع الحالي على قبول تطبيق القانون الجديد وانخفاض التدريب بالمحليات على منظومة اللامركزية التي يدعمها القانون، قد يتم قبولها لفترة إذا وجدنا خطوات على الأرض لتأهيل الواقع لاستقبال القانون الجديد، إلا أنه لا جديد في منظومة الإدارة داخل المحليات على الإطلاق، بل يزداد الأمر سوءا.
وبما أن البرلمان أنهى انعقاده الرابع دون التطرق إلى القانون من قريب أو بعيد فهو لا يزال مجمدا داخله منذ ما يقرب من العامين، ولم يتبقى إلا دور انعقاد واحد على انتهاء البرلمان الحالي، أتمنى في قراره نفسي اتخاذ خطوات جادة لإقرار القانون، لما له من حاجة ماسة لإصلاح الوضع المترهل في المحليات.
وللحديث بقية عن عدد أخر من التشريعات الضائعة في البرلمان...
تابع موقع تحيا مصر علي