عاجل
السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

نقيب الصحفين.. والمادة 33

تحيا مصر

اتصور وجوب الحوار دون اغفال ايا من هذه الحقائق :

واحد : وكالات الانباء العالمية ، التى كانت بالنسبة لنا ، هى المثل والقدوة فى الدقة والموضوعية ، سقطت فى وحل الانحيازات السياسية ، وراحت تعمل وفق اجندة "الغرب " وهذا واضح جدا خلال السنوات الاخيرة
اثنان : وكالات الانباء المعتبرة ، لم تسقط فقط فى وحل الانحيازات السياسية ، بل تجاوزت الامر ، وراحت تقود بنفسها عملية منهجية فى نشر الاخبار الكاذبة التى تخدم اجندة دولها السياسية ، وهذا ايضا واضح جدا جدا خلال السنوات الاخيرة ، وكان اكثر وضوحا خلال احداث سيناء الاخيرة فى اول يوليو.

ثلاثة : لم يعد "الاعلام " قاصرا على الصحافة فى العالم ، وفى مصر ايضا ، ودخلت قنوات فضائية خاصة لكل قناة اجندتها وبالتالي المسارات التى تعمل عليها ، وتركض اغلب هذه القنوات خلف الاعلان ، مما يجعل الحدث الساخن والكارثي هدفا لها ، فان لم تجده لقامت بصناعته او اختراعه وبالتالي تدور اغلب موادها المرئية حول قضايا هامشية يتم النفخ فيها لزوم تحقيق هدفها او اهدافها ، لاسيما وان هناك قنوات لديها ايضا اجندات سياسية ، بمعنى ان الاعلان يأتى فى مرحلة تالية لاهدافها ، وهذا ايضا واضح لمن يتابع القنوات المصرية او العربية او الغربية والامريكية !

اربعة : اضافة للقنوات الفضائية الخاصة ، دخلت الى ساحة الاعلام ، المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي ، والذى يكاد يكون قد غطى على الصحافة او ربما اصبح صوتا مواز للصحافة وللفضائيات ، وقد اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ، ساحة مفتوحة لكل شخص او جماعة ، لتؤدى رسالتها الاعلامية المطلوبة منها ، وبالطبع لدى هذه الجهات احترافية عالية جدا فى منطقة الخبر بالذات ، فتعمل على نشر اخبار مصنوعة بشكل احترافي ، وهى فى مجملها اكاذيب لكنها مصنوعة باتقان ، حتى انه يصعب على اى اعلامي محترف ، كشف الكذب فيها

خمسة : بعد كل هذا الاستطراد ، تجئ الصحافة باعتبارها "الوسيلة " الاقدم ، لتحاسب هى على الكوارث التى ترتكب من الوسائل الاخرى ، وتتحمل الصحافة اوزار بل جرائم الوسائل الاخرى ، لانها تنقل عنها حرفا بحرف وقولا بقول ، وغابت بالطبع المهنية بل اختفت بشكل كامل ، واصبح الحديث عن المهنية من التاريخ !

فى ظل هذا المشهد المتداخل والمنفلت من اى رقابة ، وجدت نقابة الصحفين ، نفسها وحيدة فى مواجهة "مادة " فى قانون مكافة الارهاب ، تؤدى صياغتها على النحو الموجود ، الى تراجع كامل فى عملية نشر الاخبار ، بمعنى ان العقوبة الموجودة فى القانون ، سوف تكون سيفا مسلطا على رقاب الصحفيين تحديدا ، وقد تطول العقوبة بعض ممن يعملون فى القنوات الفضائية المحلية ، بمعنى ان النقابة بدت وهى تدافع عن حرية نشر الاخبار باعتبارها معلومات ، بدت وكأنها تقف الى جنب الارهاب لتدافع عنه ، وتسانده كتفا بكتف ، وهذه احدى تجليات المشهد كله.

فالجميع حدد النقابة ومجلسها ونقيبها كـ هدف يجب تدميره ، على اعتبار ان هذا حل للمشكلة ، فى حين ان النقابة نفسها فى ورطة ، لانها مؤسسة ضمن مهامها الدفاع عن حرية الرأى ، فما بالك ان كان المعنى ، يدخل فى صلب عملها ، ألا وهو نشر الخبر ، فكيف تتوقف الصحف عن نشر الخبر، انتظارا لما يدلى به السيد المتحدث بشأن الحادث الارهابي !

ورغم اني ادين ما حدث من جانب الزملاء ، خلال متابعة وتغطية احداث سيناء الاخيرة ، فانى ازعم ان الجميع فى ورطة حقيقية ،هذا مع العلم ان الحكومة والجهات التى وقفت خلف "المادة " ، تعرف ان رؤساء التحرير هم "حراس البوابات " ، بكل ما تعنية المفردة ، اذ لايمكن نشر اية اخبار دون موافقة رئيس التحرير !

هنا يبرز سؤال جوهري : فان كانت الحكومة هى التى تعين وتختار رؤساء التحرير ، فلما تلجأ لمادة قانونية هى ليست فى حاجة لها ، ويكفيها ان تنبه على من عنيتهم بعدم نشر اية اخبار حول الحادثة الفلانية ، ويادار ما دخلك شر

هنا سوف يخرج علينا من يقول : ليس كل رؤساء التحرير هم من تختارهم الحكومة ، فهناك صحف حزبية وخاصة ومستقلة الخ ، وهنا ايضا اقول انه حتى هذه الجهات ، تخضع فى اختيار رؤساء تحريرها ، لبعض الاجراءات التى هى ليست بعيدة عن الجهات الامنية ، مما يعنى انها وبشكل او باخر يكون فى حسابها ، الجهات التى اعطت الضوء الاخضر لاختيارها او لشغلها موقع رئاسة التحرير !

هنا يمكن ان يتدخل النائب العام بقرار حظر نشر ، وطبعا هذا سوف ينطبق على الجهات الاعلامية المحلية ، ويترك الباب مفتوحا امام الجهات الاعلامية الخارجية ، وهذا خطر بل اخطر من ان تترك الصحف المحلية تنشر ، لان منع النشر عن المحلية ، سوف يدفع الناس للبحث عن الخبر فى امكان اخرى ، وهذا مكمن الخطر !

الم اقل بان الحكاية ملعبكة جدا ، لذا يجب التريس ، والبحث عن سبل اضمن ويكون مفعولها اوسع ، حتى وان كانت هذه السُبل اصعب على الحكومة ، لان البدائل كلها خطر فى خطر ، ولا بديل مضمون سوى نشر الحقائق اولا باول ، وبذلك تستطيع قطع الطريق على ناشري الاكاذيب وصناعها ، واظن ذلك كان واضحا ، فى معالجة المتحدث العسكري ، لاحداث سيناء بشكل جعل الذين روجوا للاكاذيب فى الصباح ، ابتلعوا ألسنتهم فى المساء واصيبوا بصدمة بل اصيبوا بـ كمد ، لان خطتهم فشلت والحمد لله.
تابع موقع تحيا مصر علي