عاجل
الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

الديمقراطية ستنتصر فى النهاية

تحيا مصر

يخطىء كل من يتصور أن الشعب فى غيبوبة عن كل ما يحدث حوله .. ويخطىء كل من يتصور أنه سيرضى باستمرار الفساد والاستبداد والديمقراطية الديكورية .. فالشعب قد يرضى بذلك فترة من الوقت ، ولكنه لن يرضى أبدا به طول الوقت ، ولأن الشىء بالشىء يذكر ، فإنه يخطىء كل من يعتقد أن الشعب لم يعد حيا بالمنظور السياسى ، أو أن الناس فى مصر أخافها ما حدث ومايحدث وما سوف يحدث ، والدليل على خطأ هذه الإعتقاد أن طلاب الثانوية العامة لم يخافوا من أحد عندما اعتصموا فى يوم واحد على مستوى الجمهورية ورفضوا دخول الفصول ، و أسقطوا بند الـ 10 درجات مقابل الحضور والإنضباط السلوكى .
وقد يقول البعض أن الأمر هنا مختلف لأن الطلاب اعتصموا لأمر خاص بهم ، ليس فيه سياسة ، وليس فيه شعارات سياسية ، ولو أنهم اعتصموا لأمر سياسى لكان لكل مقام مقال ، وربما وصل رد فعل الحكومة إلى إستيقاف قادتهم ، وقد يكون هذا الكلام له وجاهته لدى كثيرين ، ولكن حسب تقديرى أنا ، فهو كلام ينقصه الوجاهة ، لسببين مهمين ، أولهما أن المطالب السياسية غالبا ما يسبقها مطالب إجتماعية أو إقتصادية ، و ثانيهما أنه لا يمكن فصل ما هو سياسى عن ما هو مجتمعى ، وذلك من منطلق حقيقة بديهية ، مفادها " كل ما يتصل بالحياة سياسة .. وكل ما يتصل بالسياسة حياة" .
فالشعب المصرى بكل فئاته سوف يلتف يوما ما حول مبادىء وأهداف ثورة 25 يناير ومكملتها ثورة 30 يونية ، خاصة أنها مطالب يتفق عليها الجميع ، و الإختلاف بشأنها ينحصر فى " الأولويات" ، حيث يرى فريق أن الأولوية يجب أن تكون للأمن والأستقرار ، وفريق أخر يرى أنها يجب أن تكون للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان واحترام الكرامة الإنسانية .
وبين هذا وذاك فريق ثالث أكثر إتساعا ، يرى أن الأولوية لرغيف العيش ، ولكن هذا الفريق يتأرجح بين الفريقين وفقا للظروف المجتمعية والاقتصادية والسياسية ، ويسهل فى ظروف بعينها أن يشد ويجذب إلى أى الفريقين المتصارعين على السلطة والنفوذ ، وهو صراع مستمر لا محالة وسيظل واضحا للعيان ، مهما كانت محاولات إخفائه ، لكونه قانون مجتمعى . ولا بد أن يدرك الجميع أن هذا الصراع يعد " أمر طبيعى وصحى" ، شريطة أن يكون صراعا مقننا محكوما بقواعد اللعبة التى يحددها الدستور ، وهو صراع مستمر بصرف النظر عن أداء النظام ، و إن كان الأداء القوى المصحوب بالإنجازات يجعل مخرجات الصراع "آمنة "، فالناس ستنزع إلى الديمقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان وكرامته حتى ولو حقق الرئيس السيسى إنجازات ضخمة ، وذلك لسبب بسيط ، وهو أن التنافس القادم سيكون بين أنصار الديمقراطية الحقيقية والتحول الديمقراطى الحقيقيى وبين أنصار الديمقراطية الشكلية المعروفة فى كل وقت بأنها جنة " الأفاقين والأمنجية" من بين نشطاء التيارات السياسية المدنية .
و أعتقد أن تلك المرحلة بدأت بالفعل ، بمجرد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية ، والتى تنافس الجميع فيها على أمل الفوز ، ليس على أساس البرنامج والشعبية ، وإنما على أساس الزعم بالإيحاء أنه هو المرغوب فيه من جانب الرئيس السيسى و أجهزة الدولة ، حيث يشعر الخاسرون الآن بغصة فى الحلق ، ويشعر كثيرون بأن رجال العهد البائد عادوا مرة أخرى للتمتع بالوجاهة والحصانة ، ولم يتبق سوى قدرة النظام على تحقيق إنجازات حقيقية ترضى الأغلبية من خلال شعور الشعب بها ، وهو ما يتطلب سياسات تنموية مستدامة و تنمية اقتصادية ومجتمعية يستفيد من عوائدها كل فئات الشعب المصرى ، فهل هناك عاقل يسمعنى؟
تابع موقع تحيا مصر علي