عاجل
الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

بتكوين عملة رقمية تغزو العالم.. وصلت قيمتها إلى 15 ألف دولار أمريكي.. قبلت شركات عالمية مثل أمازون التعامل بها.. وطالب يؤكد أنها أكثر أمناً من العملات التي تسيطر عليها البنوك

تحيا مصر

في السنوات القليلة الماضية، أصبح في مقدور مستخدمي الإنترنت في العالم شراء عدد لا حصر له من السلع والخدمات باستخدام العملة الرقمية "بتكوين"، من شراء قطعة بيتزا إلى الاشتراك في مواقع التعارف على الإنترنت مروراً بحجز الفنادق وتذاكر السفر واستئجار السيارات.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أنه بعد أن كانت هذه العملة الافتراضية في وقت من الأوقات مقصورة على التعاملات المالية بين عشاق الإنترنت والكمبيوتر فقط، عندما ابتكرها شخص مجهول الهوية يعرف نفسه باسم "ساتوشي ناكاموتو" في 2009 لتنفيذ المعاملات المالية والتجارية عبر الإنترنت بين الأفراد والمؤسسات دون الحاجة إلى اللجوء للبنوك.

ومع الارتفاع الصاروخي لقيمة هذه العملة الرقمية في السنوات الأخيرة، لم يعد اهتمام العالم بها مفاجئاً.

قيمة العملة
ومنذ سنوات قليلة كانت عملة البيتكوين الواحدة تساوي 12 دولار، ووصلت قيمتها إلى حوالي 11 ألف دولار، قبل أن تتراجع بشدة لتصل إلى 9000 دولار، لتعاود الارتفاع مجدداً في الأسبوع الماضي فوصلت الأربعاء إلى 14 ألف دولار ثم إلى 15 ألف دولار يوم الخميس الماضي قبل أن تقفز إلى أكثر من 18 ألف دولار يوم الاثنين الماضي، في أول أيام طرحها للتداول الرسمي في بورصة شيكاغو للخيارات.

وبدأ عدد كبير من الشركات والتي يديرها في الغالب أشخاص مقتنعون بالعملة الرقمية، يقبل التعامل بالبتكوين.

في ضاحية "نيوكويلن" جنوب شرق العاصمة الألمانية برلين، يوجد مقهى "ليوشتشتوف" المليئ بالآرائك المترهلة والتي يرتادها الشباب المنكبين أغلب الوقت على أجهزتهم المحمولة.

وبدأ صاحب المقهى "نايلز جويتش" قبول البتكوين لسداد قيمة طلبات العملاء في 2013 وحسب ما قاله اثنان من عمال المقهى موريتس غايبل وديفيد كراوس، فإن فكرة قبول هذه العملة كانت على سبيل الفكاهة في المقام الأول.

يقول كراوس: "الأمر كان مجرد فكاهة... مجرد بداية للكلام"، مشيراً إلى أن العملاء يستخدمون العملة في المقهى بصورة نادرة للغاية لا تزيد عن مرة واحدة في الشهر تقريباً، وكان الأمر مجرد بدعة.

وعندما يسدد زبون قيمة مشروباته بالبتكوين، فإنه يفعل ذلك بهاتفه الذكي ويستخدم أحد تطبيقات تحويل الأموال لسداد الثمن.

ويرسل الزبون المبلغ الصحيح إلى محفظة البيتكوين الخاصة بصاحب المقهى، والتي تعادل حسابه المصرفي.

وبمجرد وصول تحويل البتكوين إلى حساب صاحب المقهي، تُضاف إلى السجلات، مع إشارة إلى سداد القيمة باستخدام البتكوين، وتخضع للضرائب مثل أي دخل.

وفي العامين الماضيين، بدأ عدد من شركات التجارة الإلكترونية الكبرى مثل أمازون وإي باي، في قبول المدفوعات باستخدام البتكوين.

وبالنسبة للكثيرين من مصدري عملة البتكوين فإن الأمر يتعلق بأفكار تركز على التكنولوجيا أكثر مما تركز على كسب الأموال.

عملة آمنة
يقول لينرات وهو طالب هندسة إنشائية ويستثمر 500 يورو في عملة البتكوين منذ يونيو الماضي، إن "الاهتمام بالربح ليس العامل الحاسم في قراره"، مضيفاً أن تكنولوجيا السلسلة المغلقة والتي تعني أن كل المعاملات المالية تخزن في وقت واحد على كل أجهزة الكمبيوتر على شبكة الإنترنت عبر دفتر حسابات يمكن للجميع رؤيته، تجعل من البتكوين عملة أكثر أمناً من العملات التي تسيطر عليها البنوك.

كما أن تعاملات البتكوين غير قابلة للاختراق من قبل قراصنة الإنترنت، حيث لا يوجد هيكل مركزي يمكن اختراقه لآن كل شيء فيها مفتوح.

في الوقت نفسه لا يوجد شخص واحد ولا جهة وحدة تتحكم في البتكوين كما هو الحال في العملات التقليدية التي تخضع لسيطرة البنوك المركزية.

ويقول لينرات إن نظام البتكوين "ديمقراطي للغاية حيث لا توجد أي عقبات تحول دون انضمام أي شخص إليه. ويمكن لأي شخص الحصول على محفظة بتكوين في ثوان معدودة، وأن يقوم بمعاملاته دون الحاجة إلى مساعدة أي بنك".

وفي حين يرى البعض أنها جديرة بالثناء، يرى آخرون أن عملة البتكوين خطيرةً بسبب إمكانية استخدامها في تمويل أنشطة إجرامية نتيجة سرية هوية المستخدمين.

وبالفعل حظرت الصين وكوريا الجنوبية استخدامها.

في المقابل قال بنيامين كيرشباوم المحامي في برلين المتخصص في ملف العملة الافتراضية، لوكالة الأنباء الألمانية، إن الاستثمار في هذه العملة أبعد ما يكون عن الأمان.

عيوبها
وقال كيرشباوم إن "أي شخص يريد الاستثمار في بتكوين، يجب أن يكون واعياً بطبيعة المضاربة في هذا الاستثمار. ويمكن القول إن هذه العملة أقرب إلى المقامرة في أندية القمار في لاس فيجاس، أي لا يجب استثمار مبالغ فيها أكبر مما يمكن خسارته".

وأضاف أنه في الماضي، كان يمكن تحقيق أرباح كبيرة من الاستثمار في بتكوين، ولكن أسعارها اليوم مرتفعة بالفعل وبالتالي من الصعب القول إن الاستثمار فيها مجدٍ.

وقال كيربشابوم: "أشك في قدرة أي شخص على التنبؤ بالسعر الذي ستصل إليه البتكوين خلال خمس سنوات مقبلة. ويمكن أن تصبح وسيلة دفع مقبولة في العالم.. ويمكن أن تصبح بلا قيمة بسبب خطأ تقني".

ويضيف أنه في حين يتزايد اهتمام الشركات بالعملات الافتراضية، فإن أغلب الاهتمام يتجه نحو تكنولوجيا السلسلة المغلقة أو العملات الافتراضية الأخرى مثل العملات البديلة وليس بعملة البتكوين نفسها.

ويقول كيرشباوم إن هذا التطور يتيح آفاق محتملة مهمة لمعالجة عمليات الدفع للشركات في الاقتصاد الرقمي، دون الطبيعة المتقلبة لسوق البتكوين.

وقد تحول لينرات على سبيل المثال، إلى العملات البديلة ألتكوينز.

ويعتقد بإخلاص أن العملات الرقمية ستكون جزءاً من المستقبل، لكنه يعتقد أن التكهنات التي تحيط بعملة بتكوين يجعلها متقلبة.

ويشعر جمهور البتكوين مثل كراوس وغايبل بالحزن لأن البتكوين، أصبحت أكثر احترافية وتجارية رغم كل شيء، في حين كان مؤسس هذه العملة يسعى فقط إلى تطوير وسيلة لتجاوز المؤسسات المالية التقليدية.
تابع موقع تحيا مصر علي