عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

انتخابات لبنان.. تبدّل في أحجام القوى و"حزب الله" الفائز الأكبر

تحيا مصر

بعد يوم انتخابي طويل، جرت خلاله أوّل انتخابات برلمانية في لبنان منذ تسع سنوات، استفاق اللبنانيون، اليوم الاثنين، على نتائج شبه نهائية للتصويت، من شأنها أن ترسم خريطة جديدة للتحالفات داخل البرلمان اللبناني الجديد، وإن كانت لا تقلب المشهد السياسي في هذا البلد، في ظل التوازنات الطائفية المشكّلة لنظامه السياسي.

الانتخابات البرلمانية، التي جرت للمرّة الأولى باعتماد صيغة معدّلة للنظام النسبي، من خلال ما يسمّى "الصوت التفضيلي" والتقسيم الطائفي للمقاعد الانتخابية، جاءت نتائجها بعكس ما أراد عرّابو القانون الانتخابي الجديد، لا سيما "تيار المستقبل" الذي يتزعمه رئيس الوزراء سعد الحريري، والذي تكبّد خسارة كبيرة في العاصمة بيروت، و"التيار الوطني الحر" المسيحي، الذراع السياسي للعهد الرئاسي، والذي يتزعمه وزير الخارجية جبران باسيل، زوج ابنة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أسس "التيار البرتقالي" وقاده حتى انتخابه رئيساً للبلاد في تشرين الأول/ اكتوبر 2016.
في المقابل، فإنّ "حزب الله"، كان الرابح الأكبر في هذه الانتخابات، إلى جانب "حركة أمل"، المنضوية معه في تحالف تاريخي، بعدما ثبتت اللائحة المشتركة لهذا الثنائي مواقعها الانتخابية في الدوائر التي تشكّل معقلاً لها، وتعد خزّانها البشري، في جنوب لبنان والبقاع، وإيصال ممثلين له في العاصمة بيروت، وعدد من حلفائه في دوائر أخرى، حتى أن البعض في لبنان وصف النتيجة الانتخابية التي حققها بـ"7 أيار البرلماني"، في إشارة إلى أحداث السابع من أيار/ مايو عام 2008، حين تحرّك "حزب الله" عسكرياً ضد خصومه، لا سيما "تيار المستقبل"، في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية، في واحدة من أخطر الأحداث الميدانية عنفاً منذ انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1990.

وشارك أقل من نصف الناخبين المسجلين في لبنان في عملية الاقتراع التي جرت للمرة الأولى بموجب قانون جديد يقوم على النظام النسبي، ما دفع القوى السياسية إلى تحالفات غير تقليدية جمعت حتى بين الخصوم.

وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق منتصف ليل الأحد الاثنين أن "نسبة المشاركة بلغت 49.20 في المئة، مقارنة مع 54 في المئة العام 2009"، معتبراً أن "عملية الانتخاب كانت بطيئة جداً" نتيجة القانون الجديد بعد عقود اعتمد فيها لبنان النظام الأكثري. وبلغ عدد الناخبين المسجلين الذين يحق لهم الاقتراع أكثر من 3.7 ملايين شخص. وتنافس 597 مرشحاً بينهم 86 امرأة، للوصول إلى البرلمان الموزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين في البلد الصغير ذي التركيبة الطائفية الهشة.

ولم يلبّ إقبال المواطنين طموحات الأحزاب السياسية، وهو ما ساهم في اهتزاز المشهد الانتخابي لدى متخلف القوى السياسية الكبرى، في ما عدا تحالف "حزب الله و"حركة أمل"، الذي تمكن من حشد ناخبيه.

وفي العموم، وبحسب النتائج شبه النهائية غير الرسمية، تراجعت حصة "تيار المستقبل" في الانتخابات الحالية، من 36 نائباً في برلمان عام 2009، إلى 20 نائباً في البرلمان الجديد. ومع ذلك، فقد احتفظ التيار الأزرق بموقعه كأكبر كتلة ممثلة للطائفة السنية في لبنان، ما يؤهل زعيمه سعد الحريري إلى تشكيل الحكومة اللبنانية مجدداً، وهو ما تجمع عليه الأطراف السياسية المختلفة في البلاد.

ومع ذلك، فإنّ الحريري سيكون أضعف في التركيبة البرلمانية، مقارنة بما كانت عليه الحال في السنوات الماضية. ولعلّ الأزمة الحقيقية التي تواجهه، تتمثل في الخسارة المدوّية التي واجهها في بيروت، حيث تفيد النتائج غير النهائية بحصوله على خمسة مقاعد من أصل 11، مقابل استحواذ ثنائي "حزب الله" و"حركة امل" على أربعة مقاعد، وبروز منافسين جدد على الساحة السنية، أمثال رجل الأعمال فؤاد مخزومي (وسطي) وعدنان طرابلسي (إسلامي).

وكذلك هي حال الحريري في الشمال، حيث برز أمامه منافسون في مدينة طرابلس، التي توزعت مقاعدها بين ثلاثة لـ"تيار المستقبل" وأربعة للائحة "العزم" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي، وواحد لفيصل كرامي، نجل رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي.

ولكن الحريري حقق، في العموم نتائج مقبولة في دوائر الشمال مجتمعة (عكار والمنية والضنية وطرابلس).

أما في صيدا، فلم يتمكن "تيار المستقبل" سوى من إيصال بهية الحريري، وهي عمّة سعد الحريري وشقيقة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، إلى الندوة البرلمانية، حيث تمكن المرشح الناصري المدعوم من "حزب الله" أسامة سعد من الفوز بالمقعد الآخر.

وبرغم إعلان جبران باسيل تحقيق "انتصار" في الانتخابات الحالية، إلا أن ثمة إجماع على أن "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه تعرّض لانتكاسة سياسية، بحصوله على 20 مقعداً. والجدير بالذكر أن "تكتل التغيير والإصلاح"، الذراع البرلماني لـ"التيار الوطني الحر"، قد ضم 37 نائباً بعد انتخابات عام 2009، لكنّ عدد أعضائه أخذ يتضاءل بسبب الخلافات السياسية، حتى استقر على 20 نائباً، وهي النسبة ذاتها التي حصل عليها في انتخابات الأمس.

تابع موقع تحيا مصر علي