عاجل
الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

النائب محمد فؤاد يكتب: وهم المكتسبات في قانون الأحوال

د.محمد فؤاد عضو مجلس
د.محمد فؤاد عضو مجلس النواب

«رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب».. هكذا كان الإمام الشافعي يقيم قراره وموقفه، أما أنا فأتعامل أن رأيي خطأ يحتمل الصواب، فلست أبدا متمسك برأي أو موقف ضمنته في مشروع قانوني للأحوال الشخصية، فأنا باحث عن الحقيقة فقط، تلك التي تضمن مصلحة الطفل وإصلاح وضع الأسرة، بعدما فتك باستقرارها القانون الحالي، وسبب خراب ظاهر للجميع، أنتج 44% حالات طلاق في المجتمع، وحوالي 15 مليون طفل شقاق، إضافة إلى ظاهرة قطع الأرحام، التي أصبحت تهددنا وتفسد الجيل القادم.

فقانون معني بالأسرة والأطفال، لا يجب وضعه انطلاقا من أهواء شخصية وتحيزات تخل بعدالته، وتجعلنا نعيد نفس الخطأ الذي ارتكبناه أثناء وضع القانون الحالي وتعديلاته، ولكن هناك متخصصين في علم النفس والاجتماع والتقاضي ومعنين بالجانب النفسي للطفل، يجب أن يتم الاعتداد بهم فقط في وضع القانون والاستقرار على مواده.

وفي سبيل ذلك هناك بديهيات طبقها العالم كله في القانون، سواء فيما يخص الاستضافة أو سن الحضانة أو ترتيبها وغيرها من البنود ، وهناك شبه إجماع على المواد الخلافية بدول العالم المسلمة وغيرها، مما يؤكد أن القانون الحالي خاطئ، وأن ما يتمسك به البعض من أمور لا يمكن وصفها إلا بالـ"عك".

كما أنه يخالف المنطق والعقل، أن تخرج علينا مؤسسة الأزهر - التي نكن لها كل الاحترام والتقدير على دورها الديني - وتبحث فيما قاله علماء سابقون، عن مواد القانون، ونحن الآن في مجتمع مغاير تماما لما كانوا فيه وتحكمنا ظروف لم يكون في حسبانهم أن تظهر من الأساس، وما قاله هؤلاء العلماء في أصله هو اجتهاد منهم، لم يأت به نص قراني أو حديث شريف.

كما أنه ليس من المنطق في شيء، أن تعد جهات، قانونا يمثلها، انطلاقا من فكرة المكتسبات التي أضرنا بها القانون الحالي، فهذه الفكرة - التي جاءت مع تعديلات الأحوال الشخصية عام 2000، ولعبت فيها السيدة الأولى آنذاك دورا كبير، بهدف تعظيم دور المرأة في المجتمع -، هي السبب الرئيسي فيما يعانيه المجتمع الآن من القانون، فبدلا من إلزام الشركات وغيرها بتعيين 50% نساء أو فتح المناصب العليا لها وعضوية هيئة كبار العلماء بمؤسسة الأزهر، كنوع من التمييز الإيجابي، تصب هذه المؤسسات إنصافها في الشأن الأسري و حسب.

واهم من يعتقد أن مكتسبات المرأة جزء من الأحوال الشخصية، وكأنه مصاب بمرض مجتمعي يجب استئصاله، - وحتى لا يتم فهم كلامي خطأ، فأنا مع أن يتم تطبيق التمييز الإيجابي لصالح المرأة إلى أبعد الحدود، إلا أن العلاقات الأسرية لا يوجد بها تمييز إيجابي.

أعلم أن المجلس القومي للمرأة، في مأزق بسبب قانون الأحوال الشخصية، فبالطبع هو لا يريد أن يتم إلغاء فكرة المكتسبات خاصة في ظل إدارته الحالية، ويظهر كأنه تخلى عن مزايا حصلت عليها المرأة في سنوات ماضية، ولكن هذا دفع به إلى اعتبار أن الأم الغير حاضن أو زوجة الأب ليست ضمن صنف النساء، وكذلك الجدات والعمات، فهن يعانين من القانون الحالي ومن فكرة المكتسبات التي تضمنتها مواده، فخيرا للإدارة الحالية أن يتم تذكرها بأنها أصلحت عيبا في قانون ونفعت به نساء أكثر ، بدلا من تذكرها بالدفاع عن وضع أضر المجتمع وسبب تناحره وكذلك يؤذي أكثر من 50% من النساء المتعاملين معه.

أؤكد أنني سأظل أدافع عن حقوق الطفل في القانون، واستحقاقه الرعاية المشتركة له من أبويه، ومن بعده العدل بين أطرافه سواء من ناحية الأب أو الأم، ولن ارتكن إلى جهات تحاول فرض وصاية على المجتمع في أمر لا يخصها، ولن أعبأ في سبيل ذلك ما يختلقه البعض من صراعات، وإطلاق أبواق صارت معروفة ومكشوفة لن تجدي نفعا بأي حال، فهدفي الأساسي هو إنقاذ مجتمع يعاني من ظروف صعبة، إذا استمرت فمستقبلنا سيكون أسوأ منها.
تابع موقع تحيا مصر علي