عاجل
الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

النائب محمد فؤاد يكتب: مجلس "النوام" وكائن البرلمان

د.محمد فؤاد عضو مجلس
د.محمد فؤاد عضو مجلس النواب

"البرطمان".. "مجلس النوام".. تتعدد أنماط الوصف السلبي لمجلس النواب الحالي بما يعكس أزمة حقيقة نشهدها في الشارع المصري، قوامها الرئيسي انسحاب المواطن نفسه من مسئوليته في الإتيان بنواب هذا المجلس، ناهيك عن دلالة ذلك على وجود خطوات كثيرة متبقية حتى نصل إلى مرحلة المشاركة السياسية المبنية على الفرز الديمقراطي.

ففكرة التقييم الجماعي غير مثمرة على الإطلاق ولن يكون لها جدوى طالما لا يوجد قبلها تقييم فردي لكل نائب على حدة ممن انتخبوه ووثقوا فيه، وبما أننا أمام شهور معدودة تفصلنا عن انتهاء دورة مجلس النواب الحالي، فإن المواطن أمام فرصة لتقييم أداء المجلس والوقوف على سلبياته وإيجابياته، ولكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة يجب في البداية أن تكون أسس التقييم واضحة ومبنية على قواعد منطقية تفرز بعد ذلك مواقف لصاحبها على الأرض.

ورغم أن المجلس الحالي، له بعضا من المميزات، و سلبيات كثر، -في تقييمي الشخصي-، فأرى أن المواطن لا بد أن يبتعد عن التقييم الجماعي وأن تتركز مهمته في فرز نائبه الذي انتخبه، وتحديد مدى تمكنه من تمثيله بشكل جيد داخل البرلمان على مستوى الرقابة أو التوجهات السياسية وغيرهما.

ففكرة محاسبة الكل كأنه فريق كرة قدم أو "كائن البرلمان" –بشكل جماعي-، بالطبع لن تكون مفيدة على أي شكل، وهنا أتحدث عن تقييم المواطن لنتيجة صوته في الانتخابات، فهو ليس مسئولا عن انتخاب 596 نائب على الإطلاق، بل كل ما يهمه في الأمر هو النائب الذي دعمه في دائرته أو من إختاره على أساس حزبي.

فعندما ذهب هذا المواطن، للإدلاء بصوته لم يختار كل أعضاء البرلمان ولكنه اختار فقط نائب لدائرته أو قائمة حزبية أو ائتلافية، وبناء عليه فإن محاسبة مجمل البرلمان أمر غير مجدي.

وبما أن دور الحزب أكبر من دور النائب منفردا، وقدرته أقوى بكثير، من خلال توجيه هيئته البرلمانية بناء على مطالب جماهيره، فإن المواطن عليه أن يسأل نفسه عن وزن الأحزاب السياسية، وتأثيرها في مجلس النواب، ومدى وقوف هيئاتها البرلمانية في صفه، وهل كان هناك ظهور واضح ومنظم لأي هيئة برلمانية تحت القبة تعكس وجود تنظيم حزبي، قد يتم تطويره مستقبلا ليكون حزبا للشعب، أم لا.

وحتى لا يتم فهم حديثي بشكل خاطئ، فأنا لا أتنصل أبدا من البرلمان وأدائه الجماعي، ولكن التقييم الجماعي ليس دور المواطن، الذي لا بد أن يعلم أنه شريك أساسي في أن يأتي بهذا البرلمان، وأي نجاح أو فشل للمجلس الحالي، هو نابع بالأساس من اختيار المواطنين، فهم من أتوا بأعضاء المجلس عن طريق انتخابهم أو حتى عن طريق إحجامهم عن المشاركة، فالديمقراطية بمن حضر!

الموضوع سهل وبسيط للغاية، ولا يوجد به أي مؤثرات، فالمواطن الذي يشعر بأن النائب الذي انتخبه مثله بشكل جيد وعبر عنه في مواقفه السياسية ووقف إلى جانبه لحل أزماته، يذهب مرة أخرى للصندوق ويدعمه، أما الذي يشعر بأن نائبه كان مخالفا لتوجهاته ومصالحه، فيدعم غيره في الانتخابات المقبلة، ممن يستشعر فيه القدرة على تمثيله، وهذا بالفعل خير وسيلة لدفع حركة الديمقراطية إلى الأمام وتعزيز النمو السياسي للدولة.

فحينما يكون النائب متأكد أن وجوده من عدمه قائم بشكل أساسي على مدى تمثيله لإرادة ناخبيه، بالطبع سيكون حريص على تنفيذ هذه الإرادة، وقبل ذلك يجب أن يكون المواطن على يقين كامل بأنه سببا في الإتيان بمجلس ناجح أو فاشل، وذلك من خلال اختيار ممثله عنهم، وبالطبع الحديث عن تزوير الانتخابات، كمبرر للتنصل من مسئولية الإتيان بهذا المجلس، أمرا لم يصبح واراد على أي مستوى، فعهد انتخابات مبارك انتهي بالفعل ولا يمكن أن يعلق المواطن تصديره لفشل البرلمان الحالي على شماعة تزوير الانتخابات.

وحتى نكون على قدر من الصراحة أمام أنفسنا، فبالتأكيد الديمقراطية هي إختيار و هي وسيلة للتعبير عما يراه الناخبون ومدى وعيهم في الأساس، ونتيجتها تكون سلبية حال كان رأي هؤلاء الناخبون خاطئا، فهي عملية فرز مستمر، وهي لا تفرز دوما الأفضل ولكنها تعكس الواقع.
تابع موقع تحيا مصر علي