عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

الحصانة البرلمانية.. حق مكتسب للنائب أم شوكة في حلق العدالة؟ .. سلاح ذو حدين ترك أثرا في الوجدان السياسي والسينمائي والروائي.. عبدالعال نجح مبكرا في تعويد النواب على حسن استغلالها عكس مجالس سابقة

الدكتور على عبد العال
الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب

تحتفظ "الحصانة البرلمانية" بأهمية خاصة عند الحديث عن أي مسار مرتبط بمراحل صعود النائب البرلماني، منذ تفكيره في الترشح، لخوض السباق، للنجاح والاستفادة منها، حيث تشكل محرك أساسي لدوافع الساعين لمنصب عضو البرلمان، ليتواصل بشأنها، جدل غير محسوم، عما إذا كانت حق مكتسب للنائب أم شوكة في حلق العدالة.

التعريف الإجرائي البسيط للحصانة، هو كونها أحد أنواع الحماية القانونية والسياسية التي تمكن النائب من أن يؤدي وظيفته الدستورية كاملة (كسلطة تشريعية) بعيدا عن تاثير السلطة التنفيذية على أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب، وقد كفلها الدستور لاعضاء المجلس حتى لايتم مؤاخذتهم عما يبدونه من الأفكار والآراء، وتمنع اتخاذ أية اجراءات جنائية ضدهم -في غير حالة التلبس- الا بإذن سابق من المجلس.

وبلغت حالة التشويق والهالة التي تحيط بفكرة "الحصانة البرلمانية" حد ترسيخها في وجدان المصريين سينمائيا وأدبيا وروائيا، وارتباطها الوثيق بصورة النائب البرلماني في أذهان العامة من الناس، لتظل مسألة شائكة وحساسة ومرتبطة بتاريخ طويل وسجل حافل من اساءة أو حسن استغلالها واستخدامها.

بإعمال نظرة واقعية على حقيقة الأمر، والكيفية التي يتعامل بها النواب مع مسألة الحصانة، ستجد من الممارسات العملية أن هناك تعدد في أوجه التعاطي معها، بين عدد من النواب احتموا خلفها عند الانطلاق في جولات ميدانية لكشف المستور، وآخرين سهلت لهم التواصل مع المسؤولين وكفلت لهم الحماية عند رفع سقف النقد ضد أشد واعتى الوزراء والمسؤولين، وبين من أساء استخدامها فوقع في فخ التربح والاستغلال المحرم والمجرم قانونا، أما أغلب الأعضاء فقد "أبطلوا مفعولها".

عدد النواب اللذين استخدموا الحصانة لاقتحام بؤر الفساد، أو محاسبة المسؤولين والهبوط عليهم في عقر دارهم، تظل قليلة جدا، كما أنه للأنصاف عدد النواب اللذين أساءوا استغلالها قليل للغاية إن لم يكن نادر، فيما ارتضى العدد الأكبر من الأعضاء بعدم استخدام مخالبهم التي كفلها لهم الدستور والقانون.

"الحصانة البرلمانية" تظل سلاح ذو حدين، فالبنظر لإيجابياتها، فبإمكانها أن تصنع كتيبة من النواب ذوي الجرأة والإقدام والشجاعة، وتساعد على رفع معدلات أداء نواب البرلمان وتطوير قدرتهم على حل المشكلات والتصدي للأزمات دون الخوف من أية عواقب، وكانت كفيلة أن تكون أحد أنجح الأدوات العملية لمكافحة الفساد، والضرب على رؤوس المتسببين فيه، بإعمال حالة النشاط البرلماني الممزوجة بالحماية والحصانة.

وبالنظر إلى سلبياتها، فإنها تكون باعث على تحريك الشر في النفوس، ودافع لإساءة استخدام النفوذ والسلطة، وذلك من جهة، أما من الجهة الثانية فهي تشكل عائق قوي أمام العدالة وكبرى جهات التحقيق وإعمال القانون، وتشكل حاجز قوي بين كل هؤلاء وبين نائب البرلمان، وهناك أحد الأعضاء الحاليين قد ورد بشأنه مايقارب الـ10 طلبات لرفع الحصانة وإعمال التحقيقات القانونية معه، ولكن دون جدوى.

وضمن المميزات التي تحسب للبرلمان الحالي وقائد سفينته الدكتور علي عبد العال، أنه قد فطن مبكرا إلى خطورة وحساسية مسألة الحصانة، وقال للنواب مرارا وتكرارا أنها ليست سوى ميزة لإنفاد القانون وليس العكس، وقد برع منذ البداية في إعمال حالة "خفوت للذات المتضخمة" داخل النائب الذي قد تغريه الحصانة، وأرسى مبكرا قواعد حسن التصرف والتعامل معها، وذلك بعدما كانت في برلمانات سابقة مسألة مرتبطة بكل التصورات السلبية عن اسأءة استغلال النفوذ.
تابع موقع تحيا مصر علي