عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

محمد بدر يكتب: نحو عقد اجتماعي عالمي جديد.. الكورونا امامنا و عادتنا السيئة من خلفنا

محمد بدر
محمد بدر

هدأت حده حالة الفزع في العالم بأسره، و بات الجميع يتسائل ماذا بعد؟ فخلال أقل من شهرين على تفاقم الأزمة أصبحت حياة ثلث سكان الكون، أكثر من 2.5 مليار نسمة محصورة ما بين البيوت و المنازل و محلات المواد والسلع التمونية والغذائية اضافة الي الصيدليات.

ويعود الجميع ليتساءل ماذا بعد، فلا يمكن ان نتصور ان يظل الامر على ماهو عليه ، فالخسائر الاقتصادية في العالم تتصاعد قيمتها يوما بعد يوم و بدأت تسود مبادئ لشريعة الغاب ، فماهي الحلول.

العديد و العديد من الاسئلة التى تطرح في هذا الشأن و اية اجابات متسرعة فما هي الا اجابات معلبة و جاهزة للهروب من فكرة الاجابة .

وعبر هذا المقال لن اتناول طرح لإجبات او حلول بل اننا سنسعى الي التفكير في تلك الاسئلة و بحث في البدائل المطروحة امام المجتمع الدولي في هذا الوقت.

فيما يخص السؤال الاهم الان هل يظل الوضع على ماهو عليه ؟ هل سيظل البشر أسرى في منازلهم ؟ هل يمكن ان تتحمل الانظمة الحاكمة استمرار الوضع كما هو و تتمكن من ادارة شئون البلاد و تدبير الاحتياجات الاساسية و الضرورية لشعوبها ؟

الاجابة قطعا بالنفي فالوضع يتحرك من سئ الي اسواء في ظل عدم اتضاح الرؤية و عدم وجود موعد تقريبي لانتهاء تلك الازمة و التي من المتوقع ان تستمر لفتره قد تصل الي عامين على الاقل .

فلك ان تتخيل انه خلال شهرين فقط ارتفع عدد طالبي اعانات البطالة في الولايات المتحدة الامريكية ليصل الي 30 مليون فرد بما يعني ارتفاع في معدلات البطالة و هو ما يشكل انتكاسة كبيرة لأكبر اقتصاد في العالم، حيث كان معدل البطالة يقارب نحو 3.5 في المئة. ويتوقع خبراء الاقتصاد الآن أن يكون هذا المعدل قد بلغ 20 في المئة. و عليه يمكن لك ان تقدر حجم الكارثة الانسانية التي تنتظر البشرية اذا استمر الوضع على ماهو عليه.

العديد من البلدان حول العالم ذهبت الي ضرورة عودة الحياة الي طبيعتها في المرحلة المقبلة في الاقتصاد العالمي لن يتحمل اختفاء الايدي العاملة اكثر من ذلك فحتى مع التطور التكنولجي فيما يخص التصنيع لا تزال للايدي العاملة القيمة الكبرى و لا يزال للعنصر البشري اليد العليا في ادارة منظومة العمل .

و مع الاعلان عن ضرورة عودة الحياة للنمط الطبيعي فيما قبل مارس الماضي – اعلان ان مرض كورونا هو جائحة عالمية – تبادر الي الذهن معضلة سياسية هامة الدولة ام الفرد ، ما قيمة الفرد و ماقيمة الدولة و هل يكون للدولة قيمه اذا ما قضينا على شعبها و هل يمكن للافراد ان يتعايشوا فيما بينهم دون وجود للدولة بما تمثله من قيم و نظم قانونية .

وتثير تلك المعضلة الفلسفية و السياسية جدلا كبيرا وهو ما يعني اننا ذاهبون – بلاشك – نحو عقد اجتماعي عالمي جديد بمبادئ و قيم جديدة تنزع من البشر جزء اخر من انانيتهم و حريتهم لصالح المجتمع و البشرية بمعنى ادق تمنح للمجتمع التدخل اكثر في حياة الافراد و الزامهم بتغيير عاداتهم و سلوكياتهم من اجل المجتمع و كذا التدخل لتحجيم او الحد من حقوق و حريات الافراد – الحقوق القابلة للمساس بطبيعتها – من اجل حماية المجتمع بأسره اضافة الي ضرورة اعادة النظر في الانظمة الاقتصادية فبات واضحا اننا بحاجة الي اليات اقتصادية جديدة تسمح للدولة بلعب دور اوسع من الدور الحالي بما يمكنها من توفير الرعايات الاقتصادية و الاجتماعية و الطبية لمواطنيها.

ومن هنا نجد اننا بالفعل بحاجة الي ان يتم البحث عن عقد اجتماعي جديد يتوافق مع المبادئ العامة لجاك روسو على ان تكون متوائمة مع المتغيرات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية الجديدة .

بداية فأن نظرية العقد الاجتماعي تتجلي فكرتها في أن الناس كانوا يعيشون في البداية علي الطبيعة القائمة على النزاعات والحروب مما دعا الناس إلى التفكير في إنشاء تنظيمات اجتماعية تنظم علاقاتهم الاجتماعية من أجل الدفاع عن أنفسهم من الأخطار الخارجية كالطبيعة أو الأقوام الأخرى, هذا يتم من خلال تنازل كل فرد عن قسم من أنانيته الفردية لكي يلتزم أمام الآخرين ببعض الواجبات من أجل تكوين تنظيم يساعدهم على البقاء، بشكل طوعي دون إلزام أو إكراه من قبل أفراد المجتمع ،وتدور نشاطات الإنسان لفترة طويلة العلاقة بين أفراد المجتمع بعضهم البعض من جهة وبين عناصر البيئة المتنوعة التي تحيط بهم من جهة أخرى, وهي علاقة الحاكم بالمحكوم.

لذا قامت نظرية العقد الاجتماعي على أسس عدة أبرزها، أن ظهور الأفراد يسبق ظهور الدولة، والأفراد في الحالة الطبيعية متساوون، وهم في علاقة تنافسية فيما بينهم، ولكن يجمعهم شيء واحد وهو الميل للحصول على الأمان، وهم عقلانيون وبالتالي يستطيعون المقارنة بين مزايا الحالة الطبيعية التي يعيشون فيها ومزايا حالة الدولة وبالتالي يفضلون الدولة على الحالة الطبيعية.

و بعيدا عن الخلاف الفلسفي بشأن نظرية العقد الاجتماعي و مدى خضوع الافراد للحاكم ..الخ الا ان الجميع قد اتفق على ان الانسان بطبيعته لجأ باختياره التخلي عن جزء من سيادته الشخصية و حريته من اجل ان يعيش داخل مجتمع يشعر فيه بالامان.

و عليه فأننا نرى انه كي يتمكن افراد المجتمع من ان يعيشوا بأمان دون ان يلحقوا اضرار ببعضهم البعض من جراء بعض العادات السيئة التي يتبعها البعض منا او الاصرار على مخالفة الضوابط الحياتية الجديدة اضافة الي اي ضرورة البحث عن انماط اقتصادية جيدية بعيدا عن نمط الرأسمالية الجيدة او التاتشرية، فعلينا ان نبحث عن ادوات اقتصادية اكثر فاعلية في حماية المجتمعات و الافراد التي وافقت على التخلي عن حرياتها في مقابل ان تعيش في مجتمعات أمنه متضامنه مع بعضها البعض .
تابع موقع تحيا مصر علي