عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

النائبة سوزي ناشد تكتب: المرأة المصرية والبرلمان

د سوزى عدلى ناشد
د سوزى عدلى ناشد عضو مجلس النواب

كانت للمرأة المصرية منذ فجر التاريخ مكانة هامة في الحياة السياسية، فقد شاركت المرأة في عصر مصر الفرعونية بشكل واضح في الحياة السياسية و ذلك في قيادة و إدارة شئون البلاد.

ويتضح ذلك جلياً في النقوش على جدران المعابد و في المتاحف و التماثيل العديدة للقيادات النسائية في ذلك العصر . و من أمثلة القيادات النسائية: حتشبسوت ، نفرتيتي ، نفرتاري، ايزيس ، ميريت ، كليوباترا..وقد تكون هذه المشاركة السياسية للمرأة من دعائم و مقومات الحضارة الفرعونية.

وتعد مشاركة المرأة في الحياة السياسية حقاً أساسياً من حقوق الإنسان تقدره الشعوب في جميع أنحاء العالم المتقدم و المتخلف على السواء.

وغني عن البيان، أن المجتمع الدولي يضع عدة معايير ،في هذا الصدد ، لتقييم الحريات و الحقوق في الدول المختلفة، وتعد مشاركة المرأة في الحياة العامة والحياة السياسية، أهم معيار للتقييم.

وظلت المرأة تدافع عن حقوقها بصورة مستمرة ، فشاركت في عام 1881 في الجهود الشعبية لمكافحة الإستعمار إبان ثورة عرابي . و كان دورها يتمثل في الإتصالات و توصيل الرسائل بين الثوار . حيث كانت المرأة بعيدة عن الشُبهات، في ذلك الوقت، و لذلك لم يفطن المحتلّون لدورها هذا.

وجاء دستور1923 الذي نص صراحة أن التعليم الإبتدائي إجبارياً و إلزامياً للجنسين، ولكنه لم يُعطِ اية حقوق سياسية للمرأة.

وفي عام 1942 تكونت أول جماعة نسائية تدافع و تطالب بمشاركة المرأة في الحياة السياسية و طالبت بمنح المرأة كافة حقوقها السياسية و الإجتماعية. فلم يكن للمرأة في ذلك الحين حق الترشح أو التصويت أو الإنتخاب في المجالس النيابية.

ومع إندلاع ثورة يوليو 1952 حدثت تغييرات سياسية و إجتماعية أثرت بصورة إيجابية على الحركة النسائية في مصر، حيث ورد في دستور 1956 و للمرة الاولى مبدأ المساواة المطلقة الغير مشروطة مع الرجل في كافة الحقوق والواجبات . و كان نتيجة ذلك تم إنتخاب سيدتين في برلمان 1957 بعد كفاح يتجاوز تسعون عاماً (1866-1957) لتنال المرأة حقوقها السياسية كاملة هما :- السيدة / راوية عطية و السيدة / أمينة شكري.

ومنذ عام 1957 و حتى الأن والمرأة ممثلة في البرلمان المصري بنسب متفاوتة.

فقد قرر دستور 1971 المساواة و عدم التمييز وأن الجميع له حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وتم تخصيص مقاعد للمرأة في الدوائر الانتخابية المختلفة، وتارة تم تخصيص حصة لها وتارة أخرى بدون حصة، وتوالت عدد مقاعد المرأة صعوداً وهبوطاً، وتم تعديل قانون الانتخابات عدة مرات و تغيير نظام الانتخاب، وكان لذلك تأثير سلبي وظل الامر كذلك حتى في برلمان 2012 (بعد الثورة) ، حيث كان عدد العضوات 10 نائبات (منهن 2 بالتعيين).

وجاء دستور 2014 متميزاً ومنصفاً الى حد كبير للمرأة المصرية التي كانت لها اليد العليا في ثورة 30 يونيو 2013 و ما تحملته من اجل نجاح هذه الثورة التي نقلت مصر من الظلام الى النور.

فنجد ان هناك خمسة مواد لها صلة رئيسية و مباشرة بالمرأة اهمها :-
المادة (1) المواطنة و سيادة القانون و المادة (9) تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تميز – المادة (11) المرأة – المادة (53) المساواة و عدم التمييز – المادة (180) المحليات والمرأة.

ولم يتضمن تمييزاً ايجابياً (كوتة او حصة للمرأة) ، و لكنه اعطى للمرأة في المادة (11) للمرة الاولى حقوقاً في عدة مناحي كالتالي:-
تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة و الرجل في جميع الحقوق المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية وفقاً لاحكام الدستور.

وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون.
كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة و وظائف الادارة العليا في الدولة.
والتعيين في الجهات و الهيئات القضائية ، دون تمييز ضدها.
وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل اشكال العنف.
وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الاسرة و متطلبات العمل.
كما تلتزم بتوفير الرعاية و الحماية للامومة و الطفولة و المرأة المعيلة و المسنة و النساء الاشد احتياجاً.
ونتج عن هذا الدستور إنتخاب 90 نائبة في مجلس النواب الحالي من اجمالي 596 عضو بنسبة 15.1% ، أثبتوا كفاءتهن و فعاليتهن في المجلس بشكل متميز.

وقد أصدر مجلس النواب مجموعة من القوانين منها ما يقرر حماية للمرأة المصرية بصورة عامة و اخرى بصورة خاصة مثال ذلك تغليظ العقوبة في جرائم : التحرش الجنسي - الختان – حجب الميراث عن المرأة - خطف الأطفال والنساء..بالإضافة الى مشروعات قوانين - قيد الدراسة - خاصة بالأحوال الشخصية ، والعنف ضد المرأة وغيرها.

وجاءت التعديلات الدستورية والتي تم الإستفتاء عليها في إبريل 2019 والتي أعطت تمييزاً إيجابياً نسبياً للمرأة، وكان من اهم هذه التعديلات التي تصب في التمييز الايجابي للمرأة النص على تعديل نص المادة (102) من الدستور و الخاصة بتشكيل مجلس النواب، فقد استهدف تعديل الفقرة الاولى منها بترسيخ تمثيل المرأة في مقاعد البرلمان ، و ان يكون لها حصة محجوزة لا تقل عن الربع (25% كحد ادنى).

كما تعلق التعديل بالمادتين (243 ،244) من الدستور، وهما يتعلقان بتمثيل الفئات المهمشة في المجالس النيابية (العمال والفلاحين والشباب والاقباط والمصريين في الخارج وذوي الاعاقة).

وكان التمثيل مؤقتاً لفصل تشريعي واحد (2016 – 2021) فنجاح تجربة تمثيلهم يتطلب زيادة تمثيل جميع فئات المجتمع مما يرسخ و يدعم مبدأ المواطنة و يقوي النسيج الوطني و توسيع المشاركة السياسية ، و ذلك على سبيل الدوام.

وبذلك فان هذا التعديل جعل للمرأة حق التمثيل بما لا يقل عن ربع المقاعد في مجلس النواب امتثالاً لقاعدة التمييز الايجابي . و ذلك انعاكساً لدورها في احداث ثورة 30 يونيو الشعبية ، حيث لعبت دورا مؤثراً كبيراً لا يمكن اغفاله او تجاهله خلالها ، و هو ما جعلها تحظى بمكانة كبيرة بين أطياف المجتمع، و جاء التعديل حرصاً على ترسيخ دور المرأة المصرية في بناء المجتمع، فهي تمثل نسبة 48.4% من اجمالي السكان.

ولما كان الدستور والقانون يغير وينظم سلوك المجتمع، فإن هذه التعديلات من شأنها تغيير النظرة الذكورية في المجتمع ، وعطا المرأة حقها في المشاركة السياسية، و من ثم قدرتها على المنافسة وإثبات كفاءتها وذاتها وقدرتها في الحياة السياسية.

وجدير بالذكر، فإن مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب بشأن انتخابات مجلس النواب قد تضمن تعديلات خاصة بنسبة المرأة في مجلس النواب لكي تتوافق مع نسبة 25% كحد ادنى للمقاعد المخصصة للمرأة التي قررها الدستور، كما أن مشروع قانون مجلس الشيوخ قد نص على أن تكون نسبة المرأة من الأعضاء لا تقل عن 10% من إجمالي مقاعد المجلس.

وفي النهاية يمكن القول أن المرأة المصرية تعيش أزهى عصورها السياسية، مما يدفعها إلى زيادة طموحها يوماً بعد يوم لتحقق كافة اهدافها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
تابع موقع تحيا مصر علي