عاجل
الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

رشا عمار تكتب: الأزمة الليبية.. إرهاصات ما قبل الحل!

الكاتبة الصحفية رشا
الكاتبة الصحفية رشا عمار

أربكت "المبادرة المصرية" ذات المباديء المتسقة مع مقررات الشرعية الدولية حسابات الرئيس التركي الذي دفع بكامل قوته العسكرية سواء المرتزقة والعناصر المؤدلجة "الإرهابيين" أو قوات الجيش التركي، علنًا، إلى ساحة القتال على الأراضي الليبية، في محاولة بائسة لكسب أي مساحة خارج الحدود الجغرافية التركية ترضي غرور الخلفية المزعوم، بعد أن فشل مشروعه التوسعي بشكل شبه كامل.

القاهرة، التي كانت حاضرة دائمًا في قلب الأحداث المتواترة في ليبيا، طرحت الحلول من خلال مبادرة اعتمدت على مخرجات مؤتمر برلين ويعد استكمالا لما تم الاتفاق عليه في "الصخيرات" تدعم الخيار السياسي والدبلوماسي في ليبيا، التي باتت ساحة حرب واقتتال داخلي على مدار نحو عقد كامل، وأحرجت القوى الدولية التي طالما أكدت على أهمية التمسك بالحل السياسي، خاصة القوى الإقليمية التي يمثلها دول الجوار "الجزائر، تونس، المغرب" في المقدمة.

المبادرة المصرية التي لاقت ترحيبا كبيرًا على المستويين الدولي والإقليمي، اصطدمت بطبيعة الحال مع المصالح التركية، والأمر منطقي، لأن مصر التي لم تسمح لأردوغان بابتلاع ليبيا على مدار سنوات، باتت تتصدر المشهد أمام المجتمع الدولي، مدافعة عن حقوق الشعب الليبي في تقرير مصيره والدفاع عن أرضه ضد العدوان التركي، وسياسات التقسيم وتعميق الأزمة التي ينتهجها عملاء الأتراك في الداخل وفي مقدمتهم فائز السراج وحكومته، وعناصر الإخوان النافذين بعدة مناصب تنفيذية منذ عام 2012.

المبادرة المصرية دعت إلى وقف إطلاق النار اعتبارا من الاثنين 8 يونيو، إلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، بجانب استكمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 في جنيف، فضلًا عن ضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاث، في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، أصابت الخليفة العثماني وجماعته بالجنون، جعله يتخذ قرارات موتورة بتكثيف تواجده العسكري ودعم الميليشيات والمرتزقة بالمال والسلاح، فضلًا عن استخدام كافة المنابر الإعلامية، خاصة الإخوانية، للهجوم على مصر ومبادرتها وتلفيق الاتهامات برغبة القاهرة في السيطرة على مقدرات النفط الليبي، دون أدنى نظرة للتاريخ القريب الذي كانت فيه تركيا ولا تزال الطامع الأكبر والأخطر في موارد النفط في المنطقة بدليل العدوان الإجرامي على شمال شرقي سوريا ومن بعده ليبيا.

أردوغان تخلى منذ زمن عن قواعد "اللعبة السياسية" وفضل دعم الإرهاب علنا لتحقيق مصالحه، ولكن المجتمع الدولي الذي غض الطرف، عن جرائمه في سوريا، لم يتغاضى عن ليبيا وربما ذلك بفضل الجهود المصرية، وبعد تضييق الخناق على خليفة الإرهاب سواء على المستوى الداخلي، حيث يرفض غالبية الشعب التركي سياسة العدوان ودعم الإرهاب التي ينتهجها أردوغان وجماعته، مع استمرار الانهيار الاقتصادي والانتهاكات غير المسبوقة في مجال الحريات وحقوق الإنسان، أو خارجيا حيث يدرك المجتمع الدولي الدور الذي يلعبه الرئيس التركي في إثارة القلاقل واستدعاء الحروب في الشرق الأوسط.

الحل في ليبيا كان يستوجب سقوط الأقنعة عن القوى الإقليمية التي تدعم الإرهاب وتمد المرتزقة بالمال والسلاح، وهذا ما فعله الرئيس التركي مجبرًا، خلال الأشهر الماضية، وبالتالي أصبح العدو في ليبيا واضحًا والأوراق مكشوفة، لذلك كان من الطبيعي أن توجه حكومات إيطاليا وفرنسا وألمانيا، الدول الأكثر تضررا من التواجد التركي داخل الأراضي الليبية لطبيعة عمل شركتها بالأبار النفطية، خطابا شديد اللهجة لتركيا عبر حكومة فائز السراج بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النيران ووقف دعم المرتزقة والمليشيات لإثارة الفوضى، واحترام قرار حظر السلاح الذي يفرضه مجلس الأمن.

لأن تركيا تدعم الحرب، السجال العسكري في ليبيا لا يزال مستمر، ولن ينتهي في وقت قريب، لكن تصاعد الاحداث وتداخل الصراع بين عدة قوى، تسعى لحفظ مصالحها بالأساس، وهى مصالح تتعارض مع المصالح التركية، ودخول مصر على خط المواجهة سواء بالحلول السياسية التي كانت في قلب السياسة المصرية تجاه الأزمة منذ بدايتها أو التدخل العسكري، الذي لم يحدث من قبل لكنه بات مشروعا، وعودة المجتمع الدولي بقوة لطرح الملف الليبي على أجندة الاهتمامات، كل هذه العوامل تؤكد أن الأزمة الليبية تقترب من إرهاصات ما قبل الحل.
تابع موقع تحيا مصر علي