عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

المستشار محمد عبد المولى يكتب: الشعب الليبي مصدر السلطات

المستشار محمد عبد
المستشار محمد عبد المولى

الحقيقة الدستورية المعمول بها في العالم هي أن الشعوب مصدر السلطات، وإذا نظرنا إلى الموقف في ليبيا نجد أن المشهد السياسي يتمحور حول إقرار الشعب الليبي لمخرجات اتفاق الصخيرات.

اتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه في 17 ديسمبر عام 2015 وضع خارطة طريق واضحة للأزمة الليبية، اعتمدت على تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية وهيئة تشريعية، ولكنه فقد شرعيته وانتهى رسميا بعد أعلن البرلمان الليبي في طبرق وهو الهيئة التشريعية للدولة وفقا لبنود اتفاق الصخيرات، إلغاء المصادقة عليه وانعدام كل ما ترتب عليه من آثار، بسبب دعم حكومة السراج للميلشيات والمرتزقة التابعين لتركيا وتوقيع اتفاقيات دولية معها تخطت الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكمة وفق هذا الاتفاق، مما أسقط مشروعية الحل السياسي في البلاد.

ولذلك دعت برلين 11 دولة هي: الولايات المتحدة، بريطانيا، روسيا، فرنسا، الصين، تركيا، إيطاليا، الإمارات، مصر، الجزائر، والكونغو، بجانب رئيس حكومة الوفاق فايز السراج والقائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، لعقد مؤتمر دولي في يناير الماضي، لمحاولة الاتفاق حول حل سياسي للأزمة يضمن وقف إطلاق النار من جميع الأطراف في البلاد.

وتمثلت أهم مخرجات مؤتمر برلين في تسريح ونزع سلاح الميليشيات وتنفيذ قرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، ووقف تقديم الدعم العسكري لأطراف الصراع وعدم التدخل الأجنبي في البلاد.

لكن حكومة فائز السراج سارعت بدعوة تركيا للتدخل العسكري في غرب ليبيا، وتوسعت الحكومة استخدام المرتزقة الممولين تركيًا لإشعال الحرب بين المواطنين، فزادت حدة الصراع، وتصاعدت المخاوف لدى الشعب الشقيق من أن يمتد العدوان التركي إلى الشرق الليبي، وكذلك زادت المخاوف الدولية من حرب أهلية وشيكة في البلاد.

اقرأ ايضاً: المستشار محمد عبدالمولى يكتب: الحقيقة الغائبة

وهو ما دفع مصر للإعلان عن مبادرة القاهرة التي اعتمدت بالأساس على مخرجات مؤتمر برلين في خروج كافة القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، ومحور جمع الفراق وإقرار الحل السياسي ووقف إطلاق النار، وسارع المجتمع الدولي بقبول المبادرة وتأييدها والمطالبة بسرعة تفعيلها، إلا أن حكومة السراج وتركيا أغلقا الباب أمام الحل السياسي نهائيا ورفضوا مبادرة القاهرة وقررا الدفع بمزيد من المرتزقة والجنود الأتراك إلى الأراضي الليبية.

وتفاجئ العالم بأن أحد الفصائل من الشعب يمثله الغرب الليبي القطاع الجغرافي الذي تسيطر عليه حكومة السراج المدعومة بالقوات والمليشيات التركية، نصب نفسه كمصدر وحيد للسلطات في البلاد واستبعد بقية الشعب واستدعى قوة خارجية ممثلة في الجيش التركي والمرتزقة لمحاولة السيطرة على البلاد وبسط السيطرة.

الأمر الذي جعل البرلمان الليبي يسارع إلى دعوة القاهرة للتدخل في ليبيا، مدفوعا بمطالب القبائل في شرق ليبيا، والتي عبر عنها مشايخ القبائل الليبية في لقاءهم مع الرئيس السيسي خلال الأسبوع الماضي، بضرورة التدخل العسكري المصري من منطلق الحق الشرعي لدفع العدوان التركي.

النقطة الأهم التي نود الإشارة إليها هي أن التحرك المصري بالأساس مدفوع أيضا بحقها في حماية أمنها القومي، والدفاع عن حدودها، لأن القوات التركية التي تتمدد في ليبيا الشقيقة، ذات عداء مسبق مع مصر، إذ أعلن أردوغان ذلك مرارا، واصفا النظام المصري بالانقلاب، وهو ما يمثل اعتداء على الشعب المصري ودستوره واختياره وحكمه الشرعي.

وبالطبع تتوافق السياسة التركية في محاولة الاحتكاك بمصر والاقتراب من الحدود الغربية مع مشروع جماعة الإخوان الإرهابية، الذي يخدمه بشكل مباشر التحالف (التركي القطري) الذي يستهدف أمن مصر في المقام الأول.

وباستعراض محايد للوضع في ليبيا وفق محددات القانون الدولي الذي يستمد قوته من الشرعية الدولية، والسيادة الوطنية التي هي ملك للشعب الليبي فقط، فإن تركيا ملزمة بمغادرة جميع الأراضي التركية، ووقف دعم المرتزقة، والتوقف عن تهديد دول الجوار لخدمة أطماع أردوغان، وترك الساحة الليبية لتحقق الحل السياسي.
تابع موقع تحيا مصر علي