عاجل
الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

المعترضون على "تقسيم الدوائر".. إشهار "سيف من ورق" وسط معركة طاحنة.. جهود خارقة لإعداد نصوص مثالية لن ينال منها اعتراضات طفولية

تحيا مصر

على النقيض تماما مما يفترض أن يمثله النائب البرلماني، من إلمام دقيق بالمقتضيات القانونية والدستورية التي تحيط بمسألة فنية هامة، ومن المصداقية التي يجب أن تكون حاكمه لكلامه وتصريحاته، ظهر أحد النواب ليلقي بسيل من الاعتراضات الوهمية "المغلوطة وغير المنطقية ضد قانون تقسيم الدوائر.

التشريع الذي حاز على "ختم الثقة" من أعلى منصة البرلمان، بشهادة إشادة من رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال، الذي أكد أن القانون تم إعداده بـ" مشرط جراح"، إلا أن المعترض أصر على ما اعتبرناه في تحيا مصر "افتراءات" طفولية، سنسلط الضوء عليها ونتولى تفنيدها دفع بها البعض في هيئة تساؤلات حول القانون.

الاعتراضات تمثلت في الآتي: نشهد غرائب في قانون الانتخابات بالاسكندرية، الفردي ١٦ و القائمة ١٨، هل هذا المفهوم الجديد للخمسين خمسين، فدائرة المنتزه (٤)العضو ٢٧٥.٥ الف، ودائرة العامرية (٤) العضو ١٩٧.٥ الف، أما دائرة الرمل (٣) العضو ٢٣٤ الف، ودائرة سيدي جابر (٢) العضو ٢٤٦.٩ ألف، ودائرة العطارين (١) العضو ٢٥٥.٦ الف، ودائرة محرم بك (٢) العضو ٣٥٣.٢ ألف.

ليسترسل في التساؤلات التي تحيطها الغرابة الشديدة: يعني المقعد في العامرية يوازي ٧١.٧ من المقعد بالمنتزه، يعني المقعد في العامرية يوازي ٥٥.٩ ، من المقعد بمحرم بك، الاغرب الرمل ٧٠٢ ثلاثة مقاعد، ومحرم بك ٧٠٦ مقعدين، في حين أن الجيزة الفردي ٢٥ و القائمة ٢٣ ، المنيا الفردي ١٦ و القائمة ١، ومن جماع ما تقدم يبدو ان هناك محافظات تم اخذ مقاعد منها لصالح محافظات اخرى لأنهم، الموضوع يحتاج تفسير و شرح.

وفي معرض التوضيح والتفسير القانوني السليم لما جاء، ترسخت لدينا مجموعة من الانطباعات، أولها يتعلق بأن هناك بعض المعترضين ممن على يرغبوا في الترشح بمحافظاتهم، وشعروا بالذعر الشديد، بعدما أصبحت الدوائر المستهدفه منهم على قدر من التنافسية.

بداية، من ساق تلك الأسئلة ذكر ما معناه أن الإسكندرية حصلت على (16) مقعد بنظام الانتخاب الفردي وعلى (18) مقعد بنظام الانتخاب بالقوائم، وهو ما يتعارض مع نظام الانتخاب المتخذ به والمتمثل في 50%، ويبدو أن الكاتب لم يكلف نفسه عناء قراءة الضوابط التي بني عليها تقسيم الدوائر الانتخابية، والتي من بينها أن المحافظات الحدودية تم تمثيلها دون التقيد بقاعدة متوسط التمثيل النيابي.

تلك الدوائر الحدودية تم تمثيلها بعدد (36) مقعد انتخابي في حين أنها تستحق مجتمعة في حالة تطبيق قاعدة متوسط التمثيل النيابي عدد (19) مقعد فقط، أي أنها حصلت على (17) مقعد إضافي، وهنا كان يجب على من قدم الاعتراضات أن يسأل نفسه سؤالا هاما، وهو من أين ستأتي الـ (17) مقعد، والإجابة ستأتي خصمًا من محافظات أخرى، وطالما أنها ستخصم من محافظات أخرى، فأن ذلك يعني أنه لا يشترط بالضرورة أن تتساوى عدد مقاعد كل محافظة في النظام الفردي مع نظام القائمة.

ونوضح أن المعول عليه للتأكد من سلامة تمثيل أي محافظة ليس بتساوي عدد مقاعدها الفردية مع عدد مقاعدها بالقوائم، وإنما العبرة بنسبة انحراف مجموع مقاعدها عن متوسط التمثيل النيابي، والحاصل أن محافظة الإسكندرية حصلت على عدد (34) مقعد بنسبة انحراف 3.3% تقريبًا من متوسط التمثيل النيابي، حيث يمثل كل نائب عدد (138396 مواطن)، ومعنى ذلك: أن محافظة الإسكندرية تم تمثيلها بشكل يقرب إلى المثالية في شأن عدد المقاعد.

ثم دفع المعترض مجموعة من الأرقام الخاصة بتمثيل دوائر الأسكندرية المختلفة، ليكون التعقيب المنطقي هو السؤال عن ماهية تلك الأرقام ومصدرها، فقد يكون هوى النائب صور له ذلك، ولكن ذلك ليس معيارا في الدفع باعتراض قانوني سليم، لنتساءل بدورنا: هل لديه قاعدة بيانات الناخبين والسكان الواردة من الهيئة الوطنية للانتخابات الواردة في مايو 2020 والتي بني عليها التقسيم.

والإجابة البديهية ستكون بالنفي، وأن المعترض يبني رأيه على أرقام غير صحيحة، وفي مقام الحديث عن قانون (تقسيم الدوائر) قائم على الأرقام لابد أن تكون على دراية بالأرقام الصحيحة، والحقيقة أن النائب في دائرة المنتزه يمثل (342298 مواطن)، والنائب في دائرة محرم بيك يمثل (341230 مواطن) والنائب في العامرية يمثل (277994).

والمحكمة الدستورية انتهت إلى أن المساوة الحسابية المطلقة في تمثيل النائب للمواطنين أمر مستحيل عمليًا، وأكتفت بأنه يجب أن يكون قريب من متوسط التمثيل (المذكور بالمذكرة الإيضاحية للقانون)، ومن هنا تم اعتماد نسبة الانحراف الــ (25%) سالفة الذكر، وبتطبيقها على الدوائر المُشار إليها يبين لنا بجلاء أن جميعها جاءت في نطاق متوسط التمثيل مضافًا إليه نسبة الانحراف.

وقد أورد المعترض أيضاً، ما معناه أنه من الغريب أن دائرة الرمل ٧٠٢ ثلاثة مقاعد و محرم بك ٧٠٦ مقعدين، هو أنه يتبين لنا أن (702) يقصد بها (702) ألف ناخب بينما يقصد بــ (706) هو أن ناخبي محرم بك (706) ألف الناخب، فقد أبدى اندهاشه كيف يكون دائرة عدد ناخبيها أقل تمثل بعدد مقاعد أكثر، وهو مايؤكد بما لايضع مجالا للشك ماذهبنا إليه من أن المعترض لم يبذل الحد الأدنى من المجهود ليقرأ ضوابط التقسيم.

ونتكفل بأن نوضح له بأن عدد الناخبين ليس معيار تقسيم الدوائر وإنما عدد الناخبين يأخذ في الاعتبار مع عدد السكان، حيث يجمع عدد السكان مع الناخبين ثم يتم القسمة على اثنين للوصول إلى المتوسط، ويبدو أنه المعترض لا يعلم أن جملة سكان دائرة الرمل (939186 مواطن) بينما جملة سكان دائرة محرم بك (658187 مواطن) أي أن عدد إجمالي الرمل يفوق دائرة محرم بــ (300 ألف مواطن) تقريبًا، ونتج عن ذلك أن متوسط دائرة الرمل أصبح (819993) بينما متوسط دائرة محرم بك (682461) ومن هنا كان مقاعد دائرة الرمل أكثر من دائرة محرم بك.

ونشدد على ضرورة أن يتحلى كل من يعترض على القانون، بأبسط مبادئ النقد السليم، وأن يكلف نفسه بقراءة ضوابط تقسيم الدوائر بتريث وتأني قبل الاندفاع وإبداء تعليقات هذلية على قانون بذل فيه مجهود خارق، وأن الغريب ليس نصوص القانون، وإنما في المسارعة للمزايدة وإشهار سيف الاعتراض الورقي والساذج في معركة حامية الوطيس من عمر الوطن.
تابع موقع تحيا مصر علي