عاجل
الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

توم حرب يكتب: "سي إن إن" تكشف بالخطاء عن دور للاخوان في الانقلاب ضد ترامب

توم حرب
توم حرب

كشفت مقالة صادمة نشرتها شبكة CNN ضد الرئيس ترامب عن غير قصد كيف تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من التلاعب بإدارة أوباما ووكالاتها الاستخباراتية، ومن خلال الوكالات المذكورة، نظام المحاكم الأمريكية.

شبكة "سي إن إن" قالت إن تحقيقًا منفصلًا أجراه بيروقراطيون من عهد أوباما عبر استخدام وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، انتهى قبل بضعة أشهر الى فشل ملحمي آخر تجلّى بعدم القدرة على توريط دونالد ترامب في بعض المخططات المالية، والنتائج كانت شبيهة بـ "خدعة روسيا" الفاشلة حيث أُطلقت التحقيقات من قبل معارضة الرئيس. وكشفت شبكة سي إن إن أن تحقيقًا عميقًا وسريًا ومكلفًا كان يجري بالتوازي مع تحقيق مولر في محاولة لتحديد ما إذا كان "شخص ما في مصر" قد قام بتحويل 10 ملايين دولار لتغطية نفقات حملة ترامب عام 2016. هذا التحقيق السري، بات يُعرف الان "بالتحقيق الاسود".

إن مجرد قراءة هذا الادعاء الغريب يعد أمرا محيرا. فكيف يمكن لأي شخص لديه عقل في واشنطن، ناهيك عن الوكالات الحكومية مثل وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل، أن يعتبر هذا الأمر جدي؟ من هو في مصر، من بين جميع دول الشرق الأوسط ، سيحول 10 ملايين دولار لحملة أمريكية في سبتمبر - أكتوبر 2016؟ في الشرق الأوسط، يضحك الناس على هذا الزعم الغبي، الذي كلف التحقيق فيه تبذير أكثر من 30 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب! ولكن الأسوأ من ذلك، فان هذا "التحقيق السري" دمر حياة عدد من مستشاري ترامب. المصريون وغيرهم من العرب يستزهئون ويقولون: ماذا؟ مصر لديها أموال لإرسال دعم سري لترامب؟ فهو رجل الأعمال الذي كان بإمكانه التأثير على اقتصاد مصر لو أراد ذلك ". ويضيفون: "لو كانت CNN ، أو مصادرهم "السرية" قد ادعت ان المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة أو قطر أو الكويت أو حتى الجزائر، كانت وراء تحويل ١٠ ملاين دولار لترامب لكان ذلك معقولاً (و بالطبع لم يكن منطقياً) ، لكن مصر؟"

لم يتطلب الأمر كثيرا من الجهد من قبل المحللين السياسيين في الشرق الأوسط والولايات المتحدة لمعرفة أن هذا الادعاء شبه الكوميدي، و قد عرّض الديمقراطية الأمريكية للخطر، لم يتم "انتاجه" من قبل أي شخص آخر، غير جماعة الإخوان المسلمين السيئة السمعة ، المعروفة بتلاعبها بالإعلام وأنظمة العدالة، ووكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم.

فقد انخرط "محتالو القرن" هؤلاء في معركة حياة أو موت مع الحكومة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ يونيو 2013 ، عندما أُزيحوا عن السلطة بسبب عنفهم وعلاقاتهم مع "الشبكات الجهادية" الارهابية بفعل ثورة اطلقها 30 مليون متظاهر في يونيو.و كانت الثورة مدعومة من الجيش المصري. فقد تلقى الإخوان منذ عام 2009 دعماً من الرباعي أوباما وبايدن وكلينتون وكيري. أراد الإخوان الانتقام من السيسي ، وأراد محور أوباما ضرب ترامب خلال حملة 2016 - و اسقاطه بعد أن شكل إدارته في عام 2017. إلى جانب ذلك، كانت إدارة أوباما وبايدن غاضبة من السيسي لمساعدته الثورة ضد مرسي ولم تعترف به أبدًا واصفة ما جرى بـ "الانقلاب".

بالتالي خلقت الوكالات التي يقودها أوباما والإخوان المسلمين "ملف مصر الاسود" لإزاحة ترامب.

استهدف التحقيق الخاص بمصر إظهار أن السيسي ساعد ترامب في الفوز بالانتخابات - بالمال! وتعتقد مصادر أن جماعة الإخوان المسلمين ، -مع احتمال كبير لتورط قطر- ، نسقت هذه الكذبة مع فريق أوباما الموكل العمل في الشراكة مع الإخوان.
هكذا ، عمل المدعون العمون و المحققون التابعين لتياراوباما على "ملف مصر" وحصلوا بطريقة ما على أمر قضائي من المحكمة الخاصة للتجسس و جمع المعلومات واستدعاء "الشهود". واستند "الملف" ، بحسب صحيفة نيويورك تايمز ، على "معلومات سرية" من مصر ، وهو مصطلح آخر يشير في الواقع إلى جماعة الإخوان المسلمين. تم استخدام عناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي لجمع المعلومات وإحضار الشهود. واولهم كان ستيفن بانون مدير حملة ترامب.

كان السيناريو الذي وضعه المدعون العامون ووكلائهم هو أن "بعض الأشخاص" في حملة ترامب كُلفوا بإقامة علاقات بين السيسي وترامب و "جلب الدعم المالي من مصر إلى رجل الأعمال في نيويورك!" كانت هذه الفرضية في حد ذاتها كوميدية-مأساوية ، خارجة من عقول ليس لديها فكرة عن مصر والعلاقات الدولية. ثم بدأ التحقيق في "ملف مصر" بإضافة "قصص" إلى هذا الملف. أولاً ، كان هناك ما يسمى بتحويل مصرفي غامض قدره 10 ملايين دولار من "بنك مصري" إلى "حساب في نيويورك" دون أي دليل على وجود هكذا المعاملة ، على من بادر بها أو من صرفها. و كأنك تقرأ حكايات دعاية الإخوان. فهل ضحكت الجماعة على مكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعين العامين في وزارة العدل؟ هل يمكن ان "نخبة النخب" في الاستخبارات لعب عليها محتالو الإخوان؟ كيف يمكن أن يكون ذلك ممكناً؟ هل كان ذلك بسبب دور ما لمدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان الذي كان صديقاً لهذه الشبكة الاسلاماوية؟ أم أن فريق أوباما أراد اسقاط ترامب باية طريقة لأنه كان يمثل تهديدًا لصفقة الاتفاق النووي الايراني لدرجة أنهم قرروا اقحام ترامب بمسألة تتعلق بالسياسة الخارجية ، اي مصر، كما حاولوا مع روسيا و ثم في وقت لاحق أوكرانيا؟

وعلى ما يبدو، فإن الاخوان قد اقترحوا استراتيجية لفريق اوباما لربط ترامب بملف فضيحة مُلفقة في مصر. وهم كانوا يخشون أيضًا أن يضعهم الرئيس ترامب على قائمة الإرهاب الأمريكية ، كما وعد خلال الحملة الانتخابية. كان لكل من ثنائي أوباما والإخوان مصلحة حيوية في انهيار ترامب ، والإطاحة بالسيسي ، وضرب الشخصيات الاستراتيجية الرئيسية في السياسة الخارجية في الحملة.

على ما يبدو نجح الإخوان بايقاع فريق أوباما و ايهامه بان هنلك فعلا خط قائم بين حملة ترامب و مؤييدين في مصر يبغون تقديم مساعدات مالية للمرشح! ليست هنالك معلومات دقيقة حول ملف المعلومات الكاذبة الذي قدمته "المصادر المصرية"، كما كتبت النيويورك تايمز نقلا عن مصادر منزعومة في وزارة العدل، التي قد تكون من فلول اوباما.

هل سربت هذه "المصادر" لبيروقراطيي اوباما اسم مصرف في القاهرة و زعموا ان تحويلة ارسلت لترامب؟ هل حاولت الاخوان اقحام مستشاري ترامب باختلاق اكاذيب لحرقهم؟ التفاصيل غير متوفرة بعد، و لكن مصادرنا تعتقد انها آتية.

هذه "المصادر" نجحت في استدراج بيروقراتيي اوباما لفتح "ماف مصر-ترامب" من دون مراجعة الكونغرس، و استعمال الملف لضرب مجموعة من مستشاري ترمب لمنعهم من مساعدة الرئيس و ادارته في مواجهة الاخوان و ايقاف الدور القري.

فبدأت ادارة اوباما منذ صيف ٢٠١٦ تتجسس على حملة ترامب و على الفريق الذي يعمل على مصر و المنطقة العربية في الحملة. فحرك اوباما الوكالات الأمريكية للتنفيذ. و بعد انتصار ترامب، جّهز فريق اوباما و بايدن البيروقراتي الذي استمر في الدولة كفلول، ملفان. الاول علني و اعلامي واسع، ركز على روسيا، بينما استهدف التحقيق الثاني السري، الزعم ان شيئاً ما حصل بين ترامب و السيسي.

كانت هذه التحقيقات تجري تحت "غواصة مولر" من 2017 إلى 2019 ، على الرغم من أن المؤشرات الآن تشير إلى أن التحقيق الموازي السري تجاوز تحقيق مولر ، وأنفق المال العام وأخفى التحقيق عن أعين الرأي العام. التحقيق الروسي بات يُنظر اليه كوزن خفيف الآن أمام تحقيق مصر الخطير. وهناك الأسوأ، فالتحقيق المظلم غير المعلن ، بالإضافة إلى كونه ذراعًا آخر لنشاط مولر، استهدف أيضًا جهات فاعلة محددة ضمن حملة ترامب على المستويات الاستراتيجية.

على الرغم من أن المصادر تدعي أن "التحقيق المصري" تجسس على الدور المحتمل للجنرال فلين مع مصر ، إلا أنه تم استجواب بانون ، وفقًا لشبكة CNN ، بشأن مصر والعلاقة بين السيسي وترامب. وبناءً على ذلك ، تم التحقيق معه في "الجانب المالي". وسئل ايضاً جورج بابادوبولوس عن مصر ، حيث كانت له اتصالات بوزارة الخارجية المصرية. وبحسب المصادر ، كان بانون وبابادوبولوس على اتصال بالسفارة المصرية في العاصمة ، للتحضير للقاء بين ترامب والسيسي ، كما فعل فريق كلينتون.

ومع ذلك ، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز وسي إن إن ، استهدف التحقيق المظلم مستشارين آخرين في حملة ترامب ، بما في ذلك الدكتور وليد فارس وتيرا دال. كان فارس هو أول مستشار للسياسة الخارجية يُعين لمرشح ترامب وخبيرًا ومؤلفًا بارزًا معروفًا منذ فترة طويلة في واشنطن العاصمة ، والذي عمل أيضًا مستشارًا للأمن القومي لرومني في 2011-2012 ، بالإضافة إلى خدمته كمستشار لـ العديد من أعضاء الكونجرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي. اما تيرا دال ، التي كانت موظفة في الكونغرس ، فقد انضمت إلى حملة ترامب في فريق السياسة الخارجية وتم تعيينها لاحقًا في منصب كبير في مجلس الأمن القومي.

استهداف هذه الأسماء المذكورة أعلاه كشف وجهة مختلفة لما كان معسكر أوباما وجماعة الإخوان المسلمين يحاولون تدميره ، بما يتجاوز "مسألة روسيا" و تبين ان هذا الملف الخير كان فارغاً. باختصار ، كان استهداف الدكتور وليد فارس خطوة خطيرة لابعاد أحد أكثر العقول الاستراتيجية في مجال الأمن القومي ومكافحة الإرهاب والمعرفة الجيوسياسية في الولايات المتحدة عن مراكز القرار، مما أدى الى شل قدرته في الانضمام إلى إدارة ترامب. و قد ادى ذلك الى حرمان الحكومة الأمريكية من ضم أحد العقول الاستراتيجية لمواجهة المتطرفين في الخارج. ولفارس أكثر من 14 كتاباً ، من بينها كتاب "مستقبل الجهاد"، الذي قرأه ودرسه كثيرون في دوائر الدفاع والأمن القومي، و كتاب "الثورة القادمة" وهو الكتاب الوحيد في العالم الذي تنبأ بالربيع العربي وعواقبه، بما في ذلك صعوده داعش والصفقة الإيرانية. كان فارس بمثابة رادار عالمي في أمريكا ، يحذر من التحركات الإستراتيجية من قبل القوى الأكثر عدائية ، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لقد استُهدف من قبل جماعات الضغط الإيرانية والإخوانية على مدى عقدين من الزمن ، وبشكل مكثف عندما تم تعيينه مستشارًا لرومني وترامب. استهدفته عشرات المقالات الصادمة على مدار العقد الماضي نشرت Mother Jones و Washington Post.

لماذا استهدف فارس من قبل القوى المتطرفة؟، لأنه أولاً، وضع أفكاره في اطارعلمي متقدم ؛ ثانيًا ، كان ُمتابعا من قبل السياسيين ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وكان لديه قدرة فائقة باستشراف التهديدات الآتية. في الأساس ، إنه قادر على تحديد الاستراتيجيات المختلفة قبل أن تتاح لها الفرصة للتنفيذ. أراد النظام الإيراني والإخوان المسلمون تحييد قدرته على مساعدة الحكومة الأمريكية.

اما مجموعة أوباما فرأت فيه مشكلة من حيث وجوده الإعلامي وقدرته على مساعدة اخصامهم كرومني و خاصة ترامب. فشنوا عليه حملة ايام رومني و اخرى اشرس خلال حملة ترامب. هذا و كان فارس قد تبارز في مناظرات مع مستشاري اوباما و كلنتون لأشهر في مناظرات حول السياسات الخارجية. وفي رأينا ، هزمهم بسهولة. لذا فوجوده في إدارة ترامب بالبيت الأبيض كان سيشكل كارثة لمعسكرهم.

كتب الصحافي لي سميث "أن جماعة أوباما استهدفت أكبرعقلين استراتيجيين في فلك ترامب ، الجنرال مايك فلين والدكتور وليد فاريس وأخرجهما من السلطة.

فارس ، وبحسب ما سمعنا من وسائل الإعلام الموالية لأوباما ، نيويورك تايمز وسي إن إن ، تم التحقيق معه من قبل فريق مولر وشهد أمام لجنتي المخابرات بمجلس الشيوخ ومجلس النواب. و لوحظ ان فارس لم يعلق بشيء على كل هذه التطورات منذ ٢٠١٧، على الأقل حتى الآن.

هل سأله التحقيق في الملف المصري عن معرفته بما يسمى "نقل -الأموال-"؟ و كيف يُعقل ذلك؟ لم يكن لدى فارس أي اتصالات مع الاجهزة المالية للحملة ؛ فهو كان مكلفاً فقط بملفات اعلامية و ديبلوماسية.

و على الأرجح ، كما تقول مصادر استخباراتية سابقة ، كان هدف أوباما والاخوان هو جمع معلومات من الدكتور فارس عن لاعبين إقليميين مع الإضرار في نفس الوقت بمكانته من أجل منعه من التعيين أو التثبيت في منصب حكومي في عام 2017. يبدو هذا نظرية هي ذات مصداقية. كما تم استهداف تيرا داهل ، التي عملت معه قبل الحملة والمعروفة بدورها البارز الذي تلعبه من اجل الحرية في الشرق الأوسط ، بعد انضمامها إلى الإدارة. حيث لم يتم منحها التصريح الأمني ، واضطرت إلى الاستقالة قبل إعادة توظيفها مرة أخرى.

يبدو أن "التحقيق الاسود" بشأن مصر هو عملية استخبارية مضادة ، مشتركة بين فلول اوباما في البيروقراطية الاميركية والمصالح الأجنبية ، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين والأنظمة التي تقف وراءهم. ويبدو أن بعض المؤشرات المتفرقة تثبت صحة هذا السيناريو. لكن لماذا استمر التحقيق في "ملف مصر" كل هذا الوقت؟ ربما لأن هذه القوى الاقليمية الذين هم كانوا المفسدين بحق فارس أرادوا "بوليصة تأمين" لإبقائه بعيدا عن إدارة ترامب. لأنه ما دام كان المستشار تحت مجهر الملف، و حتى من دون علمه ، فلا يمكن أن توظفه الحكومة! هكذا نجح الاخوان، و ربما وراءهم ايران، و فلول اوباما من اسبعاد فارس من خدمة الادارة، و لكن ليس من التأثير عليها. فالادارة عامة و مجلس الامن القومي استمروا بتستعمال افكاره، و استراتيجياته لاربع سنوات.

لكن لماذا تم إغلاق الملف مؤخرًا و بسرعة؟ ربما لأن فارس نشر كتاباً جديداً يفضح تأثير الإخوان وإيران على الإدارة السابقة ، وقد يفضح هذا "أنشطة الفلول " ضده. لا نعرف. لكن ما نعرفه هو أن هذه "القضية" هي الآن في بدايتها ، وقد رأينا فقط قمة جبل الجليد.

بقلم المهندس توم حرب، مدير التحالف الاميركي الشرق اوسطي للديموقراطية
تابع موقع تحيا مصر علي