عاجل
الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: كورونا وضرباته الموجعة!

تحيا مصر

"كورونا" يوجه ضرباته للفقراء ويقصي فرحة الفنانين بالجونة وينشر المزيد من الخوف في العالم بشأن انتشار العدوى. هذا ملخص لأحوالنا محليا ودوليا.
كان العالم خلال الأسبوع الماضي يحتفل بيوم إنهاء الفقر على وقع أخبار حزينة تشير إلى ارتفاع معدلات الفقر المدقع عالميا وسقوط عدد إضافي يبلغ ما بين 88 مليون شخص و 115 مليونا في براثن الفقر المدقع بسبب جائحة كورونا مع توقعات بسيناريوهات أكثر سوءا وتأثيرات اقتصادية واجتماعية أشد عنفا نتيجة استمرار الجائحة. يتزامن ذلك مع موجة ثانية عاتية للفيروس تجتاح بقوة أوروبا وتمتد تدريجيا لعدد آخر من الدول،من بينها مصر. ويبدو أن البشرية لن ترتاح فيما تبقى من شهور العام "المنحوس" بل إن التوقعات تتجه نحو العودة للإغلاق الذي يلقي بتبعاته على الاقتصاد والأوضاع الاجتماعية. عدد حالات الإصابة يرتفع بمعدلات سريعة ويقترب من رقم الخمسين مليون إصابة على مستوى العالم بالإضافة إلى نحو مليون و300 ألف حالة وفاة. وبالنسبة لمصر، يأتي ترتيبها 45 عالميا حيث هناك 108 ألف إصابة و6310 حالة وفاة؛ ورغم أن الوضع مازال تحت السيطرة في مصر لكن المخاوف في تزايد نتيجة سرعة انتشار العدوى خاصة بعد إعلان عدد من الفنانين عن إصابتهم بكورونا على إثر مشاركتهم في فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته الرابعة وملأت أخبارهم وسائل الإعلام مما سبب حالة من الذعر في أوساط المتابعين وسرعان ما تحول عرس السينما في الجونة إلى غيمة داكنة بالأحزان وأقصى أفراح الفنانين.. و"يا فرحة ما تمت"!
وفي ظل توقعات متشائمة باستمرار زيادة الأعداد عالميا خلال شهور الشتاء والربيع مع اتجاه المزيد من البلدان إلى اتباع سياسة الإغلاق، فإن الفاتورة الاقتصادية للوباء ستكون باهظة كما أن التكلفة الاجتماعية التي يتحملها المواطن ستكون بدورها كارثية حيث يُتوقع أن يشهد هذا العام ولأول مرة منذ عقدين عودة لزيادة الفقر المدقع (أقل من 1.9 دولار/اليوم) وستصل وفقا لتقديرات البنك الدولي إلى 115 مليونا بنهاية 2020 ، و150 مليونا بنهاية 2021 ، ليبلغ إجمالي عدد الفقراء في العالم 736 مليونا.
أما على المستوى المحلي، فقد قدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية عدد المعرضين لفقد وظائفهم بنهاية 2020 بنحو 824 ألف عامل. وفي حال استمرار الأزمة مع السنة الجديدة من المتوقع أن يصل العدد إلى 1.2 مليون فرد، معظمهم في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والنقل التخزين والصناعات التحويلية والسياحة والخدمات المنزلية. يضاف إلى هؤلاء، العمالة العائدة من الخارج خاصة من دول الخليج والتي تأثرت بشكل ملحوظ جراء جائحة كورونا حيث تزامنت مع تراجع أسعار النفط والذي يعد المصدر الرئيسي للدخل بهذه الدول.
وإزاء هذا المشهد الذي بدأت تلوح ملامحه مع تغليب السيناريو الأكثر تشاؤما في القادم من الأيام، فإن هناك عددا من الملاحظات التي يمكن تسجيلها في هذا السياق.
أولا، من الواضح أن الموجة الثانية من عدوى كورونا تسير بشكل أسرع بكثير مما توقعته معظم الحكومات أويمكنها التعامل معه، لذلك من المستبعد أن تتوقف تماما دورة العمل في الشركات والمصانع والإدارات المختلفة بل ستضطر إلى المراوحة ما بين الاستمرار مع فرض قيود صارمة، والإغلاق عندما يستحيل ذلك، مع التقييم المستمر للوضع لحساب التكلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الباهظة ومحاولة الحد منها.

اقرأ أيضًا.. ألفة السلامي تحذر:"ماكرون" يسكب الزيت على النار!

ثانيا، ضياع فرصة "الصيف" في تحقيق تقدم حقيقي في مجال التجارب على اللقاحات من شأنه أن يلقي بالمزيد من المسؤولية على الأفراد في حماية أنفسهم من مخاطر العدوى لأنه لا بديل عن ذلك بعد أن ثبت أن سياسة "النفس القصير" غير مجدية كما أن الرسائل الحكومية التي قد تكون شجعت الكثيرين للتخلي عن حذرهم بهدف تحقيق انتعاش اقتصادي أكبر يعوض التراجع الذي تم خلال الشهور الماضية لا مجال للتمسك بها بعد اليوم.
ثالثا، من المتوقع أن تختلف هذه الجولة الثانية من عمليات الإغلاق عن تلك التي بدأت في شهر مارس الماضي، حيث ينتظر أن تكون أقل شمولية في ظل سعي المدارس والجامعات والمصانع والشركات إلى الاستمرار في أنشطتها أطول فترة ممكنة رغم المخاطر المتزايدة. أما الحكومات، فمن غير المتوقع أن تقدم حزمة إضافية من المساعدات المالية إما لأنها غير قادرة أو غير راغبة في تكرار حزم الإغاثة الضخمة التي خففت من آثار الجائجة في الفترة الماضية. بالتالي ستواجه الأسر الضعيفة ظروفا أكثر صعوبة في نهاية العام الحالي حيث أن التداعيات الناتجة عن الجائحة غير متكافئة لدى الشرائح والطبقات الاجتماعية والأضرارالفادحة التي تلحق بالصحة والدخل والثروة والفرص تتحملها الشرائح الأكثر حرمانا اجتماعيا واقتصاديا.
وفي ضوء ذلك، ستواجه الحكومات تحديات ذات شقين: أولاً ، تحدي الانفتاح على المواطنين لشرح الوضع الحالي والتداعيات الناتجة عنه وإقناعهم بكافة السياسات المتبعة لإيجاد حلول للصعوبات والسيناريوهات المتوقعة، بما في ذلك السيناريو الأسوأ وهو عدم التوصل للقاح فعال، وأيضا تحديد المطلوب من كل طرف ابتداءا من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني وصولا للمواطن نفسه.. لأن التعاون بين هذه الأطراف من شأنه أن يخفف من التداعيات لحدها الأدنى.
ثانيًا، تحدي إدارة الأزمة واتباع حزمة من السياسات للتخفيف منها مع تركيز الاهتمام على الفئات الأكثر ضعفًا لدعمها اجتماعيا وصحيا.

اقرأ أيضَا.. ألفة السلامي تكتب عن فيلم هز العالم .. الوجه القبيح للرأسمالية!
ولعل الفترة القادمة تحمل الكثير من المفاجآت في ضوء الغموض لحد الآن حول إمكانية التوصل إلى لقاح للفيروس خاصة في ضوء تقديرات الخبراء التي تشير إلى استمرار التداعيات لحد صيف2021 . وكلما زادت دورات الإغلاق ثم إعادة الفتح غير المستدامة، زادت الندوب الاقتصادية والتشوهات، بما في ذلك زيادة حالات الإفلاس والبطالة طويلة الأجل وانعدام الأمن الاقتصادي داخل الأسرة.
لذلك تحتاج الحكومات إلى استغلال هذا الوقت على وجه السرعة لوضع حلول مبتكرة تناسب التحديات الحرجة المتوقعة ووضع أنظمة متماسكة لإدارة الأزمة الناتجة عن الجائحة بشكل أفضل. وعلى صعيد آخر، هناك حاجة ملحة إلى دعم البلدان الأكثر ضعفاً والتي تحتاج إلى إنفاق المزيد من الأموال على الصحة والقطاعات الاجتماعية الأخرى، من ذلك تمديد فترات سداد الديون التي توفرها العديد من حكومات مجموعة العشرين لأفقر البلدان النامية وتقديم حزمة من المساعدات الجديدة الكفيلة بتسكين الضربات الموجعة التي تحدثها كورونا على الفئات الأكثر ضعفا في تلك الدول.
[email protected]
تابع موقع تحيا مصر علي