عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

محمود علوان يكتب: بين فلسفة مشروع التعليم وتطبيقه

تحيا مصر

هل تبنت الدولة مشروعاً فاشلاً في تطوير التعليم؟ هل الرؤية المطروحة خاطئة؟ هل نريد فعلاً العودة لمربع الصفر كما قال وزير التعليم في جلسة مجلس الشيوخ؟هل مشروع الثانوية التراكمية هو المنقذ للتعليم المصري؟

فشل القائمون على التنفيذ

للأسف الإجابة على كل تلك الأسئلة هي ( لا ) فالدولة لم تتبن مشروعاً فاشلاً وإنما فشل القائمون على التنفيذ، فشلوا على مدار 4 سنوات في أن تعقد امتحانات الثانوية العامة وفقاً للطرح الجديد بدون مشاكل في السيستم أو أزمات، وعلى مدار السنوات الأربع الماضية زاد حجم مشكلات التعليم، فتكدست الفصول بأعداد أكبر بدلاً من أن يتم تخفيف نسب الكثافات، وتراجع مستوى الطلاب قرائياً وكتابياً في الصفوف الأولى، وتدنى المستوى التربوي للمدارس، وتفاقمت مشكلات وأزمات التعليم الخاص والعام في مرحلة ما قبل الجامعة بشكل مخيف، وتشهد المدارس عجزاً صارخا في أعداد المعلمين، يحدث كل ذلك في الوقت الذي قدمت فيه الدولة وتقدم كل دعم ممكن لوزارة التربية والتعليم ووزيرها الحالي من أجل النهوض بالعملية التعليمية، دعماً لم يتحقق من قبل ولم يحصل عليه وزير سابق سواء من النواحي السياسية أو المادية أو الدعم المعنوي، وبالرغم من ذلك كانت النتائج على مدار السنوات الماضية مخيبة للآمال، تلك النتائج التي دفعت مجلس الشيوخ – مؤخراً – أن يعلن رفضه وبقناعات كبرى لمشروع قانون تقدمت به وزارة التربية والتعليم لتعديل قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 بشأن الثانوية العامة، وهو المشروع الذي كان يسعى من خلاله وزير التعليم الحالي إلى تطبيق نظام الثانوية التراكمية الذي أثبت فشلاً كبيراً، وأمام انتقادات أعضاء مجلس الشيوخ حاول الوزير أن يضفي على مشروعه مساحات أكبر من الأهمية فقال إنه يتم تنفيذ مشروع الثانوية التراكمية بتعليمات رئاسية، ولم يكتف بذلك؛ بل قال في حديثه لأعضاء مجلس الشيوخ : " العيب ليس في القانون المعروض على المجلس، وإذا كان مجلس الشيوخ عايز البلاد تتقدم كان يجب دعم نظام تطوير التعليم"، وهو ما أثار غضب النواب وانفعل عدد كبير منهم رافضين حديث الوزير.

تعليق رئيس الشيوخ على حديث وزير التربية والتعليم

وعلق المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المجلس – في أثناء الجلسة - قائلا: " ليست هكذا تدار الأمور ولا بهذه العبارات يا معالي الوزير، والشيوخ لم يكن أبدا عائقا لسياسة الدولة وما دار في مضمون الحديث آراء رافضة للتعديلات وليست رافضة التطوير". 

لايوجد شخص يرفض التعليم

من حديث المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، نقف عند جملة تلخص الأزمة القائمة حالياً، وتكشف حجم المأساة التي يعيشها التعليم في هذه المرحلة، فرئيس مجلس الشيوخ قال إن ما دار عبارة عن آراء رافضة للتعديلات المطروحة وليست رافضة للتطوير، والحقيقة أنه لا يوجد شخص يرفض تطوير التعليم، وأن الدولة بكل أجهزتها والشعب بكل فئاته مؤمنون بضرورة تطوير التعليم، ويدعمون الاتجاه للتطوير؛ ولكن ما حدث على مدار السنوات الماضية كشف أزمات ضخمة في عملية تنفيذ مشروع التطوير المقترح، وهو ما يوضح أن الرئيس يدعم اتجاهات التطوير في كل مرافق الدولة ومن الملفات التي أولاها الرئيس اهتماما كبيراً ملف التعليم؛ ولكن ما حدث هو أنه توجد خطايا كبرى في عملية تنفيذ ما تم طرحه أمام السيد الرئيس وأمام الرأي العام والجهات المختلفة، ما تم طرحه أفكار لمشروع طموح؛ لكن تنفيذها كان دون المستوى. 

غياب الاستراتيجية

ومن أكبر الخطايا المرتكبة هو غياب الاستراتيجية المكتوبة التي تمثل العقد بين الوزارة وبين متلقي الخدمة وأمام الجهات الرقابية المسئولة عن متابعة عملية التنفيذ، تلك الاستراتيجية التي توضح ببرامج زمنية محددة آليات التنفيذ ويمكن محاسبة المسئولين عن عملية التنفيذ في حالة التقصير؛ لكن في وضعية المشروع المطروح من قبل وزير التعليم الحالي لم نر أي استراتيجية مكتوبة منذ أربع سنوات مضت، وهذا الأمر فتح المجال لطرح العديد من الأفكار بعضها كان متناقضاً وبعضها معاكس ومتضاد. 

الاعتماد على الشخصيات دون المستوى

أيضا من خطايا التنفيذ هو الاعتماد على العديد من الشخصيات دون المستوى وكفاءاتهم أقل كثيراً من موظفين في الوزارة ، بجانب اتباع سياسات العند والإصرار على نعت كل من ينتقد خطأ من أخطاء التنفيذ على أنه يسير ضد التطوير، ومحاولات الزج باسم السيد الرئيس وأنه داعم لمنظومة التعليم الجديدة باعتبار أن الأمر بهذه الصورة يجعل المنتقدين يتراجعون، والحقيقة أن السيد الرئيس يدعم كل مشروع للتطوير ولكن على المسئولين التنفيذيين أن يدركوا أن هناك فارق شاسع بين الأفكار والفسلفة النظرية وبين التطبيق والتنفيذ على أرض الواقع، والنتائج النهائية هي التي تحكم على ما قدموا وما فعلوا، وأن دعم السيد الرئيس وكافة أجهزة الدولة وكافة أطياف الشعب لما تم الإعلان عنه كان يتطلب من وزير التعليم وفريقه المعاون أن يكونوا على قدر المسئولية وأن يحققوا النتائج المطلوبة والتي وعدوا بها بدلاً من البحث عن شماعات جديدة لتعليق نتائج فشلهم عليها.

تابع موقع تحيا مصر علي