عاجل
الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: عيد الفنانين!

تحيا مصر

في مبادرة رئاسية لعودة الفن والفنانين إلى دورهم الريادي، أصدر الرئيس السيسي قراراته مؤخرا بحماية فناني ومبدعي مصر باعتبارهم قوتها الناعمة وأحد مصادر إشعاعها بصرف معاشات لهم لتأمين سبل الحياة الكريمة لهم ولأسرهم.

وهي خطوة ضرورية لاستكمال منظومة المعاشات التي شملت فئات عديدة من المصريين في السنوات الأخيرة. وقد فرح الفنانون وكأنه يوم عيدهم، واستبشروا بهذه اللفتة الإنسانية من رئيسهم، لأنه استشعر معاناتهم من ظروف مادية وصحية صعبة في ضوء معاشات زهيدة تصرفها النقابات الفنية ولا تفي بنفقات الحياة والعلاج.

كما أن العديد منهم غير مشترك في معاشات النقابات الفنية، ولم ينتبهوا إلى أهمية المعاش التأميني إلا بعد أن تقدم بهم العمر أوأصابتهم الأمراض فأصبحوا غير قادرين على العمل وغالبيتهم لم يدخروا "تحويشة" تحميهم من تقلبات العمر. وبالتالي، هم جميعا في أشد الحاجة إلى معاش تأميني وحماية اجتماعية وصحية.

هناك في الساحة الفنية بمختلف مجالاتها آلاف الفنانين الذين يتقاضون أجوراً زهيدة ويحتاجون إلى هذه المبادرة التي أعادت إليهم كرامتهم وإنسانيتهم حيث كانوا في عداد المنسيين وكان الانتباه منصبا دائما على النجوم الذين يتقاضون الملايين بينما هم في الحقيقة استثناء وعددهم قليل مقارنة بالأعداد الكبيرة للفنانين الذين يعيشون على الكفاف. 

وقد وفرت الحكومة من خلال الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي تيسيرات كبيرة لانضمام الفنانين لمظلة التأمين وعقدت النقابات الفنية من جهتها اجتماعات لحث الفنانين على ضرورة الاشتراك في المنظومة وشرح السبيل إلى ذلك. 

هذه المبادرة تساهم في تعزيز وحماية القوة الناعمة لمصر، وهي تتمتع بدور عالي القيمة في تزويد الشعب بالغذاء الروحي وتشبه النبع المتدفق في العقل والوجدان فيمنحهما قوة التأثير ويساهم في تعزيز الهوية وإشعاعها الداخلي والخارجي.

والفنانون يحتلون الصدارة بين القوى الناعمة وبفضلهم تبوأت مصر على امتداد عقود مكانة رفيعة في العقل العربي والضمير الإنساني، لذلك يمكن تشبيه الفنون بالنسبة للمجتمعات كالدماء في الجسد وعندما تتراجع أو تغيب فلنا أن نتخيل جسدا جامدا هامدا منطفئا، بينما عندما تستعيد نشاطها وتوهجها تستفيق الشعوب وكأنما تعود من موتها إلى الحياة. 

ولأن الفنون مثل الكائن الحي فإنها تحتاج إلى رعاية مستمرة من الدولة خاصة في ضوء التحديات والمخاطر التي تهددها بسبب دخول وسائل أخرى منافسة في التأثير على العقول وتشكيل الوجدان، من ذلك القنوات الكثيرة والوسائط والمنصات المتعددة والإعلام الجديد.

وعندما تتوقف الرعاية تعتل الفنون وتمرض وقد جربنا موت الفنون في مرحلة حكم الإخوان ورأينا ما يحدث للمجتمع من تجهيل وتزييف للوعي عندما تتأخر الفنون عن دورها في تطوير المجتمع ونهضته. كما شاهدنا ما حدث لشعوب ليست بعيدة عنا وما آلت إليه ثقافتها وفنونها عندما اعتلى السلطة بها من يعادون العقل والتفكير ويكرهون الفنون لأنها تحركهما وتحفزهما.

ومصر تزخر بفنانين من العيار الثقيل معجونين بتوليفة من المهارات الإبداعية والبهارات الحضارية التي تميز جينات هذا الشعب عبر حقب طويلة من الفنون والثقافة المتراكمة.

وهنا لا أرمي عليهم الورود جزافا وإنما سطر الفنانون مسيرتهم بحروف من ذهب ويكفي استعراض ما قاموا به في حروب مصر ونكستها وأزماتها وآخرها وقفتهم ضد الإرهاب والتشدد وكيف كانوا أيضا سفراء لمصر خارجيا لنعرف أهمية الأدوار التي تولوها سواء في التوعية بمشاكل مجتمعهم، أو إعلاء قيم العمل والتعليم والعلم والفضيلة، أو الدفاع عن الوطن وهويته والتصدي للتطرف والكراهية والتحفيز على التسامح والتعايش السلمي إلى آخر هذه القيم التى تشكل عصب نجاح وتطور أي مجتمع متحضر. 

وبفضل هذه الدفعة القوية من الدولة التي أنصفت الفنانين في مختلف المجالات ننتظر عودة الفنون إلى الحياة، وعودة الفنانين إلى مكانتهم وثقلهم في المجتمع لتغذيته بإكسير الحياة، فأينما وُجد الفنانون والفنون يحلّ الازدهار، ويتضاعف النمو، ويزدهر الوعي ليدفع الأمة إلى مكانة من الرقي تليق بها بين الأمم.[email protected]  

تابع موقع تحيا مصر علي