< منهم نساء وأطفال ومسنّون|«الأكبر من نوعها».. مأساة جديدة للتهجير في القدس الشرقية
تحيا مصر
رئيس التحرير
عمرو الديب

منهم نساء وأطفال ومسنّون|«الأكبر من نوعها».. مأساة جديدة للتهجير في القدس الشرقية

تحيا مصر

شرعت آليات تابعة للسلطات الإسرائيلية، اليوم الإثنين، في هدم مبنى سكني مكوّن من أربعة طوابق في بلدة سلوان بالقدس الشرقية المحتلة، كان يقطنه أكثر من مئة فلسطيني، بذريعة البناء من دون ترخيص، في عملية وصفتها منظمات حقوقية بأنها الأكبر من نوعها خلال العام 2025.

طوق أمني وبدء التنفيذ

وأفادت مصادر ميدانية بوصول ثلاث آليات ثقيلة إلى الحي القريب من البلدة القديمة، يرافقها طوق أمني مشدد من الشرطة الإسرائيلية، حيث باشرت الجرافات هدم المبنى أمام أعين سكانه، الذين يضمّون أكثر من عشر عائلات، بينهم نساء وأطفال ومسنون.

شهادات من قلب المأساة

وقال عيد شاور، أحد سكان المبنى، والذي كان يقيم مع زوجته وأطفاله الخمسة في إحدى الشقق، إن ما جرى يمثل “مأساة حقيقية لجميع السكان”. وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس: “كسروا الباب ونحن نيام، طلبوا منا تغيير ملابسنا وأخذ الأوراق والوثائق الضرورية فقط، ولم يسمحوا لنا بإخراج الأثاث”.

وأكد شاور أنه لا يملك أي بديل سكني، مشيرًا إلى أن عائلته المؤلفة من سبعة أفراد ستضطر إلى المبيت داخل مركبته في ظل غياب أي حلول فورية.

توثيق ميداني للهدم

ورصد مصور وكالة فرانس برس ثلاث حفارات وهي تواصل عملية الهدم، وسط حالة من الذهول والانهيار النفسي بين الأهالي الذين شاهدوا منازلهم تتحول إلى ركام في دقائق معدودة.

إدانة فلسطينية رسمية

وندّدت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية بعملية الهدم، ووصفتها بأنها جزء من “سياسة ممنهجة للتهجير القسري” تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية، ولا سيما في الأحياء القريبة من البلدة القديمة.

أزمة سكن خانقة

ويعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن حادة، في ظل ما يقولون إنه قيود مشددة تفرضها بلدية الاحتلال على منح تراخيص البناء، إذ نادرًا ما تُمنح هذه التراخيص بما لا يتناسب مع النمو السكاني الطبيعي، ما يؤدي إلى نقص حاد في المساكن.

ويؤكد نشطاء حقوق الإنسان أن هذه السياسة لا تراعي الواقع الديموغرافي، وتدفع الفلسطينيين للبناء دون ترخيص، ثم استخدام ذلك ذريعة لتنفيذ عمليات هدم لاحقة.

أرقام مقلقة لعام 2025

وبحسب منظمتين حقوقيتين، فإن هذه العملية تُعد “أكبر عملية هدم نُفذت في القدس خلال العام 2025”، مشيرتين إلى أن نحو مئة عائلة فلسطينية في القدس الشرقية فقدت منازلها منذ مطلع العام الجاري.

الرواية الإسرائيلية

وردًا على استفسارات وكالة فرانس برس، قالت بلدية القدس الإسرائيلية إن المبنى “شُيّد من دون ترخيص”، وإن “أمر هدم قضائيًا ساري المفعول بحق المبنى منذ عام 2014”. وأضافت أن الأرض المقام عليها المبنى “مصنفة لأغراض الترفيه والرياضة”، وليست مخصصة للسكن.

مشهد قاتم وتصعيد ممنهج

تعكس عملية الهدم في سلوان خطورة المشهد المتصاعد في القدس الشرقية، حيث تتقاطع سياسات التخطيط المقيدة مع أدوات قانونية وأمنية لإعادة تشكيل الواقع الديموغرافي بالقوة. فالهدم الجماعي لمبانٍ تؤوي عشرات العائلات لا يقتصر أثره على فقدان السكن، بل يمتد ليصيب النسيج الاجتماعي والاستقرار الإنساني، في سياق يرى فيه مراقبون تصعيدًا ممنهجًا يهدد بتحويل التهجير القسري إلى واقع يومي يفرض بالقوة، وسط صمت دولي وعجز عن كبح هذا المسار المتسارع.