من المحاربين الفرس إلى آسر ياسين.. رحلة «الحلق» الرجالي عبر العصور
بعد ظهور الفنان آسر ياسين في الساحل الشمالي مرتديًا قرطًا (حلقًا) في أذنه، عاد الجدل حول هذه الظاهرة إلى الواجهة، ليثير تساؤلات الجمهور حول أسباب ارتداء عدد من نجوم الفن الرجال لـ"الحلق"، رغم انتقادات كبيرة من المتابعين.
ياسين، المولود في القاهرة عام 1981 والحاصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج السينمائي الدولي عام 2011، يُعد أحدث من لحقوا بطابور من الفنانين المصريين والعرب الذين اختاروا هذه الإطلالة.
سبقه إليها الفنان محمد رمضان في أكثر من مناسبة، سواء في حفلاته أو ظهوره الإعلامي، وكذلك تامر حسني الذي ظهر بالحلق في أذنه خلال فترة التسعينيات وأوائل الألفينية في بداياته الفنية، كما ظهر به الفنان اللبناني عاصي الحلاني بهذه الإطلالة في مراحل مختلفة، ولم يكن الهضبة عمرو دياب بعيدا عن هذه الفئة فقد ظهر مؤخرا بحلق في أذنه، إضافة إلى أحمد سعد وأحمد الفيشاوي.
رمز القوة والبأس في المعارك
تاريخيًا، تعود ظاهرة ارتداء الرجال للقرط إلى حضارات قديمة متنوعة، حيث تشير الأدلة الأثرية والمصادر التاريخية إلى أن هذه الممارسة بدأت في الشرق الأوسط، تحديدًا في بلاد فارس (إيران حاليًا) منذ آلاف السنين.
كان المحاربون الفرس يرتدون القرط كرمز للقوة والبأس في المعارك، وانتقلت هذه العادة لاحقًا إلى الحضارات المجاورة، كما عُرف عن البحارة في العصور الوسطى، وخاصة في أوروبا، ارتداء قرط في أذن واحدة، حيث كانوا يعتقدون أنه يحسن الرؤية أو أنه يعمل كتعويذة ضد الغرق، وكان في أحيان أخرى دليلًا على اجتيازهم رحلة بحرية خطيرة أو عبورهم خط الاستواء.
إحياء الموضة على يد نجوم البوب والروك
أما في العصر الحديث، فقد أعاد نجوم البوب والروك الغربيون إحياء هذه الموضة وجعلوها ظاهرة عالمية في النصف الثاني من القرن العشرين. يُعد المغني الراحل ديفيد بوي من الرواد في هذا المجال، حيث كان إطلالته المميزة جزءًا من شخصيته الفنية الثورية في السبعينيات.
كما اشتهر نجم البوب الأميركي الأمير (Prince) بارتداء الأقراط بأنواعها.، وفي عالم الرياضة، ساعد نجم كرة القدم البرازيلي رونالدو، خلال تسعينيات القرن الماضي، على تعميم هذه الموضة بين جماهير الشباب في جميع أنحاء العالم. وفي هوليوود، ظهر عدد لا يحصى من النجوم بالقرط، أبرزهم جوني ديب، وويل سميث، وبراد بيت، الذي ارتداه في العديد من أفلامه وأحداثه العامة.
لماذا يفضل بعض النجوم الرجال ارتداء القرط
يفضل بعض النجوم الرجال ارتداء القرط لأسباب متعددة تتجاوز مجرد الموضة. بالنسبة للكثيرين، هو شكل من أشكال التعبير عن الذات والتمرد على التقاليد الاجتماعية والصور النمطية حول الذكورة، أو إرسال رسالة بعدم الاكتراث لانتقادات الجمهور. بالنسبة لآخرين، هو جزء من صناعة علامة تجارية (Brand) مميزة وشخصية فريدة تعلق في أذهان الجمهور، أو مرتبط بمرحلة فنية معينة يعبرون عنها.
على الرغم من انتشار الظاهرة عالميًا، إلا أن ردود فعل الجمهور العربي تبقى متحفظة في الغالب، حيث لا تزال هذه الإطلالة تواجه انتقادات لتعارضها مع التقاليد السائدة في الثقافة العربية. يرى منتقدوها أنها لا تليق بالرجل وتقلل من هيبته، بينما يدافع مؤيدوها عن حق الفرد في اختيار مظهره كجزء من حريته الشخصية.