< السفير عمرو حلمي: إسرائيل تتحايل علي القانون الدولي بادعاء السماح بالخروج الطوعي للفلسطينيين والاتفاقيات الدولية تحسم الأمر
تحيا مصر
رئيس التحرير
عمرو الديب

السفير عمرو حلمي: إسرائيل تتحايل علي القانون الدولي بادعاء السماح بالخروج الطوعي للفلسطينيين والاتفاقيات الدولية تحسم الأمر

تحيا مصر

صرح السفير عمرو حلمي، عضو مجلس الشيوخ المصري، أن محاولات إسرائيل التحايل على القواعد القانونية الدولية عبر الادعاء بأنها تفتح الباب أمام ما تسميه بالخروج “الطوعي” للفلسطينيين من أراضيهم، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، هي محاولات باطلة لا تغيّر من عدم مشروعيتها في شيء ، إذ تمثل في حقيقتها شكلاً من أشكال الالتفاف الممنهج على القواعد القطعية للقانون الدولي الإنساني، إذ أن المعيار الحاكم في هذا السياق ليس ما تطرحه إسرائيل من تسميات أو أوصاف شكلية، وإنما الواقع الموضوعي الذي يثبت أن الفلسطينيين يُدفعون دفعاً نحو مغادرة أراضيهم نتيجة ضغوط قاهرة وبيئات قسرية معدّة خصيصاً لحرمانهم من مقومات الحياه والبقاء.

«السفير عمرو حلمي: تهجير الفلسطينيين جريمة حرب ضد الإنسانية مهما حاولت إسرائيل تغيير مسماها»

وأضاف حلمي أن إسرائيل، كقوة احتلال، تعمل على خلق بيئة خانقة تجعل بقاء الفلسطينيين في أراضيهم أمراً شبه مستحيل، حيث يجد المدنيون أنفسهم محاصرين في ظروف معيشية كارثية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء وغذاء ورعاية صحية، أو تحت تهديد دائم بالقتل والقصف والاعتقالات الجماعية وهدم المنازل، الأمر الذي يجعل خيار “المغادرة” ليس تعبيراً عن إرادة حرة، بل استجابة اضطرارية للنجاة من جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي تمارس ضدهم بصورة مباشرة وبشكل ممنهج

وأشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن السوابق القضائية الدولية حسمت هذه المسألة بوضوح، إذ قضت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضية كرستيتش بأن الإخلاء الذي تم تحت تهديد السلاح وفي ظل ظروف قهرية لا يمكن اعتباره طوعياً، بل شكّل جزءاً من سياسة تطهير عرقي ممنهج. كما أوضحت المحكمة في قضية ستاكيتش أن النقل السكاني لا يُعد طوعياً إذا كان نتاج بيئة أُعدت مسبقاً لجعل استمرار الجماعة في موطنها مستحيلاً. وأكدت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا في قضية أكاييسو أن مغادرة المدنيين لمناطقهم هرباً من القمع والاضطهاد تُعتبر في جوهرها تهجيراً قسرياً حتى لو ادّعت السلطات أنه تم “برضا السكان”.

وشدّد حلمي على أن محاولات إسرائيل توصيف التهجير القسري بأنه “طوعي” لا تضيف شيئاً سوى تضليل جديد يضاعف جسامة الجريمة، ويكشف عن نية إسرائيليه مبيتة لتصفيه القضيه الفلسطينيه ولتدمير الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني وفرض وقائع ديموجرافية بالقوة، في تعارض صارخ مع حق الشعب الفلسطيني الثابت في البقاء على أرضه وحقه الثابت في تقرير المصير، كما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة

وأكد السفير عمرو حلمي أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تعد المرجع الأساسي لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة، حيث نصّت في المادة 49 بوضوح على حظر النقل الفردي أو الجماعي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أي أراضٍ أخرى، مهما كانت المبررات، باستثناء حالات استثنائية ضيقة ولأسباب أمنية مؤقتة، مع التأكيد على عودة السكان فور زوال الخطر. وبيّن أن الاتفاقية اعتبرت هذا الحظر قاعدة آمرة لا يجوز الخروج عنها، وهو ما يعكس إدراك المجتمع الدولي لخطورة التهجير القسري وما يترتب عليه من اقتلاع جماعات بشرية كاملة من أرضها وطمس معالم الهوية الوطنية والثقافية للسكان الأصليين.

واوضح أن البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 عزز هذا الحظر وأكّد عليه، حيث نصت المادة 85 على أن النقل القسري للسكان يشكل “انتهاكاً جسيماً” يرتقي إلى مستوى جريمة حرب. وبذلك انتقل النص من مجرد حظر سلوكي إلى تجريم دولي يرتب مسؤولية جنائية. وهذا التوصيف يتفق مع التطور اللاحق للقانون الجنائي الدولي الذي تجسد في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، حيث أدرج الترحيل أو النقل القسري ضمن جرائم الحرب في المادة 8، وأدرجه أيضاً ضمن الجرائم ضد الإنسانية في المادة 7 متى كان واسع النطاق أو منهجياً، الأمر الذي يؤكد أن المجتمع الدولي قد أقر بأن التهجير القسري لا يشكل مجرد انتهاك لحقوق الأفراد، بل اعتداء خطيراً على الإنسانية.

وأكد حلمي أن التهجير القسري في ظل الاحتلال يمثل خرقاً واضحاً لاتفاقيات جنيف، كما أنه لا ينفصل عن مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير الذي نص عليه ميثاق الأمم المتحدة في مادته الأولى، مؤكداً أن احترام هذا الحق يعد أساساً للسلام والاستقرار الدوليين. ومن ثم، فإن أي محاولة إسرائيلية لفرض وقائع ديموجرافية جديدة عبر اقتلاع الفلسطينيين وحرمانهم من البقاء على أرضهم تُعد باطلة قانوناً.

وأضاف السفير عمرو حلمي أن محاولات إسرائيل وصف التهجير بأنه “طوعي” لا تضيف سوى تضليل جديد يضاعف جسامة الجريمة  وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحق الفلسطينيين الثابت في البقاء على أرضهم، ويتعارض جذرياً مع حقهم في تقرير المصير.

وأكد السفير عمرو حلمي أن استمرار إسرائيل في الإفلات من العقاب بدعم بعض القوى الكبرى لا يهدد فقط الشعب الفلسطيني وحقوقه، بل يقوض المنظومة القانونية الدولية بأكملها، ويضعف مصداقية العدالة الدولية، ويبعث برسالة خطيرة إلى العالم مفادها أن القانون يمكن تعطيله عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.

واختتم السفير عمرو حلمي تصريحه بالتأكيد على أن التهجير القسري للفلسطينيين، مهما وُصف بعبارات مضلله مثل “الطوعية”، يظل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، ويجب أن يكون موضع محاسبة دولية عاجلة.