اعتراف بريطاني بدولة فلسطين.. تصحيح خطأ تاريخي بعد قرن من الوعد المشؤوم
اعترفت بريطانيا رسميا بدولة فلسطين لتصبح أول قوة استعمارية سابقة في المنطقة تعترف بالكيان الفلسطيني على نحو كامل، في خطوة وُصفت بأنها تحول نوعي في الموقف الغربي من الصراع العربي الإسرائيلي، وذات دلالات سياسية ورمزية عميقة. القرار جاء مصحوباً بإجراءات عملية بينها إدراج فلسطين على خرائط جوجل الرسمية واعتمادها ضمن السجلات الحكومية، بما يعكس انتقال لندن من موقع المتفرج إلى موقع الفاعل المباشر في واحد من أعقد ملفات الشرق الأوسط.
ووفق تقرير لـ «اندبندنت عربية» فإن الاعتراف البريطاني جاء بعد نقاشات مطوّلة داخل مجلس العموم وضغوط من قوى سياسية ومنظمات حقوقية، في وقت يتزايد فيه الغضب الشعبي إزاء استمرار الحرب في غزة وما خلّفته من ضحايا مدنيين ودمار واسع. التقرير أكد أن الخطوة البريطانية قد تفتح الباب أمام دول أوروبية أخرى لاتخاذ قرارات مشابهة، بما يشكّل بداية لتكتل دولي يضغط على إسرائيل للانخراط في مسار سياسي جدي.
تفاصيل الاعتراف البريطاني
أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أن فلسطين ستعتمد دولة معترفاً بها رسمياً على الوثائق الحكومية والخرائط الرسمية، بما في ذلك أنظمة جوجل الجغرافية التي ستحدث تلقائياً لتظهر فلسطين باسمها الكامل بدلاً من الوضع السابق الذي كان يضعها تحت تصنيفات ملتبسة. كما أُبلغت السفارات والبعثات الدبلوماسية البريطانية حول العالم بتعديل صيغ الخطاب الرسمي في المراسلات والبيانات لتتضمن الإشارة إلى «دولة فلسطين» بدلاً من «الأراضي الفلسطينية».
تداعيات على العلاقات البريطانية الإسرائيلية
أثار القرار ردود فعل غاضبة في تل أبيب، إذ وصفته الحكومة الإسرائيلية بأنه «خطوة أحادية الجانب تقوّض فرص السلام» واستدعت السفير البريطاني للاحتجاج الرسمي. محللون في لندن يرون أن العلاقة بين البلدين ستدخل مرحلة برود سياسي وربما تجميد لبعض التعاون في ملفات أمنية واستخباراتية، على الرغم من استمرار المصالح الاقتصادية المشتركة.
الموقف الفلسطيني
رحبت السلطة الفلسطينية بالخطوة البريطانية واعتبرتها نصراً دبلوماسياً طال انتظاره، فيما خرجت تظاهرات في رام الله وغزة تعبيراً عن التأييد. مسؤولون فلسطينيون أكدوا أن الاعتراف يعزز من شرعية الدولة الفلسطينية على الساحة الدولية ويمنح دفعة قوية لمساعي الانضمام إلى مؤسسات الأمم المتحدة بصفة كاملة. كما شددوا على أن هذه التطورات يجب أن تقترن بضغط حقيقي لوقف الحرب ورفع الحصار.
أمريكا وإسرائيل في مواجهة العزلة
رغم الخطوة البريطانية، ما زالت الولايات المتحدة ترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتتمسك بدعم إسرائيل في حربها على غزة. البيت الأبيض وصف التحرك البريطاني بأنه «متسرع ولا يخدم المفاوضات»، في حين رأى مراقبون أن واشنطن تواجه تحدياً متزايداً في إقناع حلفائها الأوروبيين بجدوى الاستمرار في النهج التقليدي. إسرائيل من جهتها تشعر بتزايد العزلة الدولية مع توسع رقعة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وهو ما قد ينعكس على مكانتها الدبلوماسية في المحافل العالمية.
المواقف الأوروبية والعربية
في القارة الأوروبية، يراقب صناع القرار باهتمام كبير الخطوة البريطانية، إذ من المتوقع أن تعلن دول مثل فرنسا وإيرلندا والنرويج مواقف متقدمة في الفترة المقبلة، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد لمح سابقاً إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين «ليس مسألة وقت فحسب بل ضرورة سياسية». أما عربياً، فقد رحبت السعودية ومصر والأردن بهذه التطورات ورأت فيها بداية لتصحيح اختلال تاريخي في الموقف الغربي.
البعد الرمزي والتاريخي
يحمل اعتراف بريطانيا رمزية خاصة بالنظر إلى دورها التاريخي في المنطقة منذ وعد بلفور عام 1917 الذي مهد لقيام إسرائيل. ويرى باحثون أن قرار لندن الحالي يعكس محاولة لمراجعة ذلك الإرث الاستعماري وتصحيح جزء من الخلل الذي ظل يلاحق صورتها في الشرق الأوسط لعقود. هذا البعد الرمزي يمنح الخطوة البريطانية ثقلاً إضافياً يتجاوز مجرد البعد السياسي الآني.