اسرائيل في يد كل من يتعامل مع الذكاء الاصطناعي

افتخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تصريح خطير فى 16 سبتمبر بقوله "إن كل شخص يملك هاتفًا محمولًا هو في الواقع يحمل جزءًا من إسرائيل بين يدي".

وصرح نتنياهو، خلال لقائه وفدًا من الكونجرس الأمريكي في القدس المحتلة، إلى قدرات إسرائيل في إنتاج الأدوية والأسلحة والتقنيات المرتبطة بالهواتف، وأضاف "على الأمريكيين أن يدركوا حجم الفوائد التي يحصلون عليها من إسرائيل"، مشيرًا إلى الهواتف المحمولة والأدوية والمواد الغذائية.

وتابع: "كما هو الحال في مجال الاستخبارات التي نتقاسمها مع الولايات المتحدة، فإن جزءا كبيرًا من معلوماتكم الاستخباراتية مصدره إسرائيل، وأنظمة الأسلحة لدينا نتشاركها أيضًا مع الولايات المتحدة".

وفى الحقيقة ان تصريح نتنياهو منقوص جزء هام جدا والقول الصحيح " أن إسرائيل في يد كل من يتعامل مع برامج الذكاء الاصطناعي" ويتعامل مع الابلكيشن الذي يعتمد عن تقنيات الذكاء الاصطناعي سواء في البيانات المتداولة أو عمليات البحث واستخدام البيانات الشخصية وغيرها.

جهاز الموبايل لو يمثل خطورة كبيرة على كل من يستخدمه من الاختراق او التجسس عليه فبرامج الذكاء الاصطناعي تمثل خطورة أكثر ومذهله اكثر مما نتوقع لان التحكم فيها واختراقها من قبل الشركات التي تمتلك الأدوات المنتجة لها والتي من بينها إسرائيل أصبحت تمتلك وتعرف عننا كل شيء سواء من خلال عمليات التصنت أو تحديد اماكنا او تحليل احتياجاتنا ومعاملاتنا اليومية وتحليل سلوكيتنا وأدوات القوة والضعف في شخصياتنا وكل شيء نبحث عنه او تشاهده هو موضع تحليل دقيق.

لافندر اسرائيل

وعلى سبيل المثال لا الحصر من البرامج التي تستخدمها إسرائيل حاليا في تتبع أجهزة المحمول وتفتخر بها في استخدامها خلال حرب غزة هو نظام "لافندر" للذكاء الاصطناعي حيث استخدمت اسرائيل هذا النظام لاختراق أجهزة المحمول والتتبع عبر برنامج يقوم بتحليل البيانات بشكل سريع من 15 – 25 ثانية ويحدد الأهداف ويتخذ القرارات.

حيث يعتمد نظام "لافندر" في تحليل بياناته على بيانات يحصل عليها من الاستخبارات العسكرية امثال عنوان المستهدف ورقم الهاتف ويقوم البرنامج بتحليل البيانات والتتبع وتحديد المكان واستهداف الاشخاص بشكل عام وليس بتحديد دقيق للشخص المستهدف.

وكشف قائد الوحدة 8200 العميد يوسي شارئيل قوله إن نظام "لافندر" يحل محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها" ، وأكد "يوسي" إلى أن برنامج "لافندر" حقق معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.

عاماً على عملية البيجر 

خلال شهر سبتمبر الحالي يكون قد مر علينا عاماً على الحادث الأقوى في الاختراق فى العقد الاخير حيث شهدت لبنان الاستهداف الأكثر خطورة ودقة لكوادر وقيادات حزب الله في 17 سبتمبر 2024، انفجرت أجهزة البيجر في يد كل من كان يحملها من عناصر حزب الله ومدنيون بشكل متزامن، تبعها بيوم واحد تفجير أجهزة اللاسلكي "ووكي توكي"، ما أدى إلى مقتل 39 شخصا وإصابة أكثر من 3400 آخرين طبقا للتصريحات الاعلامية.

ويعتمد عمل "البيجر" على إرسال إشارات عبر الشبكات اللاسلكية، وكانت تستخدم بشكل رئيسي في المستشفيات، والشركات، وبين رجال الأمن، وأحياناً قليلة بين الأفراد.

وحادث البيجر جرس انذار حقيقي في عمليات التتبع لأجهزة تظهر أمامنا أنها غير مخترقه من الذكاء الاصطناعي فمالنا بالأجهزة المحمولة وبداخلها تقنيات الذكاء الاصطناعي وبرامجها المختلفة والتي نفتخر بها في عمليات البحث وتحويل الصور والفيديوهات وعمليات الشراء المتنوعة والتسوق الالكتروني وهو ما يجعل تصريح نتنياهو منطقي جدا ويجعله يفتخر بذلك.

مصر ونشر ثقافة الذكاء الاصطناعي

أن تصريح نتنياهو خطير على مستوي الامن القومي ويدفعنا بشكل عاجل لضرورة رفع الوعي وثقافة الذكاء الاصطناعي فى مصر خاصة أن عالم الذكاء الاصطناعي حاليا يشير بشكل قوي وواضح أن من يمتلك أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنياته ويمتلك مفاتيح تطوير هذه الإمكانيات والتقنيات هو يمتلك جزء من العالم وله اليد العليا.

ومن هنا نطالب المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي ورئيس الوزراء بصفته المسئول المباشر عن هذا المجلس بالاتي:

• ضرورة اطلاق مبادرات قومية بالمدارس والجامعات تهدف نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي ومعرفة المميزات والسلبيات وخطورة هذه التقنيات فى بعض الاحيان على الاجيال القادمة!.
• ضرورة أتخاذ خطوات أكثر فاعية فى ملف حوكمة الذكاء الاصطناعي فى مصر والتنسيق مع الدول الاقليمية والعربية والافريقية بعمل بروتوكولات تعاون حول حوكمة الذكاء الاصطناعي لحماية الامن القومي المحلي والعربي من مزيد من الاختراقات؟
• أهمية نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي بالمصالح الحكومية وأهمية وضع آليات لحماية البرامج التي يتم استخدامها فى هذه المؤسسات لمنع الاختراق الخارجي لها؟
• ضرورة أنشاء أدارات للذكاء الاصطناعي فى الوزرات والهيئات والشركات الحكومية تكون مسئولة عن آليات استخدام الذكاء الاصطناعي والمشرفة على التحول الرقمي للاعمال الادارية والفنية وتكون أيضا المسئولة عن التدريب ورفع كفاءة الموظفين ونشر ثقافة الذكاء الاصطناعي فى هذه المؤسسات بالتنسيق مع المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي؟!
• ضرورة عمل التنسيق بين الحكومة والاحزاب والجمعيات الاهلية والنقابات للمشاركة فى رفع الوعي وانتشار ثقافة الذكاء الاصطناعي وعمل ندوات ومحاضرات متخصصة فى هذا الامر بجميع محافظات مصر.

أخيراً مصر لديها فرصة مهمه الان وبشكل عاجل أن تتخذ خطوات أكثر قوة وفاعلية سواء في نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي وتطوير سوق الذكاء الاصطناعي في مصر وشركاته الناشئة ودعمها وتوفير البيئة التي تساعد على النجاح في الوقت نفسه تفعيل حقيقي للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي بمحاورها السته والمبادرات الـ21 داخل الاستراتيجية في جميع المجالات، كل ذلك سيجعلنا نتخذ خطوات اكثر فاعلية في مستقبلنا الذي نريده افضل واقوي.

د. محمد كمال

باحث في مجال الذكاء الاصطناعي