أوباما يدعو لدولة فلسطينية ويوجه انتقادات حادة لسياسات إسرائيل.. تحول جديد في الخطاب الأميركي يثير صدي واسع
في تطور لافت في الخطاب الأميركي حول القضية الفلسطينية، أدلى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بتصريحات علنيّة دعا فيها إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، معبّرًا في ذات الوقت عن رفضه واستنكاره لما يحدث في قطاع غزة من دمار ومعاناة مدنية.
حين يقول أوباما ما لم يُقال بصوتٍ أعلى
وقد حظي هذا الموقف بتغطية إعلامية واسعة، ولاحقًا تباينت ردود الفعل بين داخل الولايات المتحدة وخارجها
فيكشف لنا تحيا مصر، تقرير يستعرض فيه التفاصيل الدقيقة لهذا التصريح، من حيث السياق الزمني، الدوافع السياسية، ردود الأفعال، أبرز الأصوات الأميركية المؤيدة، وتحليل الموقف من وجهة نظر الخبراء
السياق الزمني والمضمون التفصيلي للتصريحات
جاءت تصريحات أوباما في إطار تعليقات علنية حول الوضع في غزة، حيث قال إنه “لا مبرر عسكريًا للاستمرار بقصف ما هو منهار بالفعل” منتقدًا التدمير الواسع والبنى المعيشية المتضررة في القطاع.

كما أكد على ضرورة" الاعتراف بمن لا يشاركون في العنف" بأنهم أيضاً شركاء في البحث عن الحل، ودعا لعدم اختزال الصراع في إطار هم ضدهم.
ومن جهة أخرى، في منشور على منصته، قال أوباما إنه مع أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، فإن طريقة القتال يجب أن تلتزم بالقانون الدولي، وتجنب الأضرار الواسعة بالسكان المدنيين.
وبدورها أكدت ورسائل إعلام، مثل "فوكس نيوز" نقلت أيضاً أن أوباما دعا إلى السماح بتدفق المساعدات إلى سكان غزة، بغض النظر عن تسوية رهائن محتملة، معتبرًا أن حرمان المدنيين من الغذاء والماء “لا مبرر له".
تصريح كهذا يُعدّ من النادر أن يخرج من رئيس سابق يتبنى حذراً في الشؤون الخارجية عادة.
دوافع ومغزى الانتقال في الخطاب
نجد تعاطف شعبي متزايد مع معاناة المدنيين في غزة داخل الرأي العام الأميركي، كما أظهرت استطلاعات تُبيّن أن غالبية الأميركيين يفضلون أن تعترف الولايات المتحدة بفلسطين.
ومن الناحية السياسية، يُنظر إلى هذا التصريح كإشارة إلى أن الخطاب الرسمي الأميركي – حتى إن لم يتغيّر سريعًا – قد يتأثر بتغير المزاج الشعبي والضغط الإعلامي.
وعلى مستوى الأخلاق والدعوة الدولية، يسعى أوباما في بعض تصريحاته إلى استعادة مركزية مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان كمعيار في السياسات الأميركية تجاه الصراع.
من هم أبرز الأصوات الأميركية الداعمة لإقامة دولة فلسطينية؟
إلى جانب أوباما، هناك عدد من الشخصيات والمؤسسات البارزة في الولايات المتحدة تدعم علنًا فكرة الدولة الفلسطينية
جوش روبنر: وفنجد المحلل والناشط، وهو المدير القومي لمؤسسة “US Campaign for Palestinian Rights”، يعمل على وقف الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل.
فيليس بنيس: ومن جانبها تنتقد الناشطة وكاتبة سياسية معروفة، بشدة السياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط وتدافع عن حقوق الفلسطينيين.
وفي ذات السياق، تأتي منظمات مثل If Americans Knew تنتقد التغطية الإعلامية الأمريكية وتحاول تسليط الضوء على الكلفة الحقيقية للدعم الأميركي لإسرائيل.
أصوات من داخل الكونجرس، خصوصًا من النواب الديمقراطيين التقدميين، تتزايد مطالبهم بإعادة النظر في المساعدات العسكرية للإسرائيليين وشرطتها لاحترام حقوق الإنسان (هذه الأصوات تُغطّى كثيرًا في وسائل الإعلام الأميركية، وإن كان بعضها يظل على الهامش).
ردود الفعل والتباينات الداخلية
بعض المعلقين المحافظين الأميركيين شنّوا هجومًا على تصريحه، معتبرين أن محاولة ربط الدعم لإسرائيل بشرط حقوق الإنسان قد تضعف موقفها في مواجهة التهديدات الأمنية.
أما في الوسط والإعلام التقدمي، فاستُقبل التصريح بالإشادة، على أنه خطوة نحو إعادة التوازن في الخطاب الأميركي بالشرق الأوسط.
جدير بالذكر، يصفون خبراء العلاقات الدولية الموقف الراهن بأنه “رسالة رمزية قوية” أكثر من كونه تحوّلًا فوريًا في السياسة الأميركية، لكنهم يرون فيه مؤشرًا إلى أن الضغوط الداخلية قد تصنع تغييرًا تدريجيًا.
تحليل الخبراء: ما بين الرؤية الواقعية والمثالية
يرى بعض الخبراء أن استعادة خط الشراكة الأخلاقية من قِبل أميركيين سابقين مثل أوباما تُعدّ استراتيجية ضغط اخلاقية وسياسية لتعزيز الحل الدبلوماسي
لكن هناك من يحذّر بأنه إذا لم يصاحب هذا الخطاب أدوات تنفيذية – مثل تغيير في التمويل، أو مواقف رسمية في الإدارة الحالية – فسيبقى مجرد “صوت معنوي” بلا تأثير كبير.
ويُشير تحليل مراكز أبحاث إلى أن التغيرات في المواقف الأميركية تجاه الصراع غالبًا ما تتأخر بسبب التوازنات السياسية الداخلية، نفوذ لوبيات، والارتباطات الأمنية مع إسرائيل.
ومع ذلك، بالموازاة، تشكّل التغطية الإعلامية والتحولات في المزاج العام مكامن ضغط لا يُستهان بها على صانعي القرار.
بين القول والفعل
تشكل تصريحات أوباما علامة بارزة في تطوّر الخطاب الأميركي تجاه القضية الفلسطينية، تعكس ما قد يكون تحوّلًا تدريجيًا في نبرة الخطاب السياسي الأميركي العام. لكن الأهم هو ما إذا كان هذا التوجه الكلامي سيترجَم إلى مواقف عملية داخل الإدارة الأميركية، تغيير في المساعدات، أو إعداد لدور أميركي مؤثر في تسوية الصراع