الاقتصاد السلوكي فى مصر .. والذكاء الاصطناعي
شهدت مصر عام 2024 إنشاء أول وحدة للرؤي السلوكية من قبل الهيئة العامة للاستثمار بهدف دعم الابتكار وتصميم السياسات الاستثمارية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وهو ما يدعم الاقتصاد القومي أو ما يسمي "الاقتصاد السلوكي".
وتهدف وحدات الرؤي السلوكية (Behavioral Insights Units) الى تعزيز فعالية السياسات العامة عبر فهم أعمق لسلوك الافراد والجماعات، وتصميم تدخلات دقيقة قائمة على الادلة وتوجيه السلوكيات المجتمعية نحو تحقيق أهداف تنموية مستدامة للاقتصاد.
وعلى المستوي العربي يوجد 14 وحدة 6 منها بالمملكة العربية السعودية، ثم تأتي فى المرتبه الثانية الامارات بثلاث وحدات ومصر بوحدة وكلا من قطر وسلطة عمان ولبنان والكويت بانشاء كل منهم وحدة واحدة.
وحول العالم تم أنشاء 367 وحدة رؤي سلوكية وكانت البداية انشاء اول وحدة عام 2010 فى المملكة المتحدة تحت اشراف ريتشارد ثالر مؤسس علم الاقتصاد السلوكي وذلك بهدف تطبيق المبادئ السلوكية على العديد من المجالات المهمة وترشيد أستخدام الطاقة وتعيير المناخ.
وتهدف وحدات الرؤي السلوكية علي مستوي العالم عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي العمل بعمق فى القضايا والملفات التالية " تحسين تصميم السياسات الاقتصادية والاجتماعية – تعزيز الاستجابة للازمات – قطاع التعليم – قطاع الصحة – تعزيز الامتثال الضريبي – الخدمات المالية والشمول المالي – دعم الاستدامة البيئية والتغير المناخي – قطاع الصناعة – الاستثمار وريادة الاعمال".
وحدة الرؤي السلوكية والاستثمار فى مصر
أعلنت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحره فى سبتمبر 2024 طبقا لتقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري عن شراكة استراتيجية مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تهدف الى تطوير منصة رقمية تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي فى تحليل بيانات اكثر من 400 الف كيان اقتصادي تابع للهيئة، كما تستهدف الوحدة السلوكية التالي :
- توظيف ادوات الاقتصاد القياسي لفهم سلوك رواد الاعمال والتحديات التى تواجههم.
- قراءدة الاتجاهات الاستثمارية والتنبؤ بالمخاطر وتحسين كفاءة تخصيص الموارد.
- استخدام الذكاء الاصطناعي فى رصد استجابات المستثمرين لتغيرات السياسات وتحليل دوافعهم.
الرؤي السلوكية والصحة فى مصر
أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية عن تدشين أول مركز لتطبيق الذكاء الاصطناعي فى مصر وافريقيا بمحافظة الاسماعيلية خلال 2025 وفق خطة من ثلاث مراحل :
- الاستعانة بالخبراء
- بناء قدرات
- انشاء مركز تميز خلال 5 سنوات
بالاضافة الى التوسع بجاهيزية البنية التحتية والثقافية الرقمية وانشاء 6000 وحدة طب اسرة و 1000 مستشفي بحلول 2030 باستخدام الذكاء الاصطناعي بشراكة دولية لضمان الاستدامة.
تحليل الوضع الحالي
طبقا لتقرير مركز معلومات مجلس الوزراء الذي تم رصدها فى السطور السابقة يظهر توجه الدولة نحو هذه الخطوة الهامة فى الرؤي السلوكية واستخدامه عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي فى مجال الاستثمار والصحة ومن هنا يحق لنا تحليل هذه البيانات ومقترحتنا حول هذا الملف الهام جدا :
- طبقا لتقارير مركز معلومات مجلس الوزراء الصادر سبتمبر الحالي تضمن معلومتان مختلفين أولا معلومة ان وحدة الرؤي السلوكية فى مصر تم تدشينها فى 2024 ومعلومة اخري انه تم تدشينه فى مايو 2023 فما هي المعلومة الصحيحة ؟!
- طبقا للتقرير يكون قد تم مرور عام أو أكثر على انشاء هذه الوحدة وبناء عليه اين التقرير السنوي لها؟ وما تم على ارض الواقع من نتائج ملموسة لانه طبقاً لما تم تناوله من تقارير رسمية أنه تم اتخاذ خطوات بتحليل بيانات أكثر من 400 الف منشآة فما هي النتائج والحصائيات والتوصيات الصادرة عن هذا العمل؟
- لماذا لا يتم انشاء وحدات جديدة منفصلة بالرؤي السلوكية عن مجالات هامة ستكشف لنا وتساعدنا على التوجه السلوكي فى مجالات مختلفة مثلا وحدة للرؤي التعليمية لرفع كفاءة التعليم، وحدة للرؤي السلوكية للاقتصاد الابداعي، وحدة للرؤي السلوكية للشباب بالمحافظات وتوجهاتهم، وحدة للرؤي السلوكية للصحة لاصحاب المعاشات والتى اثبت نجاح باهراً على سبيل المثال فى اليابان "تاكاهاما – تشيبا – طوكيو"؟!
- لماذا لا نفكر فى انشاء وحدات رؤي سلوكية فى المحافظات تساعد المحافظين والوزارات المعنية فى عملها فى المحليات!؟
- لماذا لا يتم تدشين وحدة للرؤي السلوكية تكون تابعة للمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي وتقدم لها تحليل سلوكي فى كل المجالات التى يستهدفها المجلس سواء فى التدرب او التطوير ضمن الخطة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025 – 2030.
- لماذا لا يكون هناك توجه بانشاء ادارات للذكاء الاصطناعي بكل الوزارات الحكومية والهيئات الكبري بداخلها أدارة عن الرؤي السلوكية وهو ما سيساعد بشكل كبير جدا فى فهم توجهات الموظفين وتطوير اداهم؟!
- لماذا لا يكون هناك وحدات للرؤي السلوكية بتم استخدامها فى المصالح الحكومية الخدمية تساعد فى فهم سلوك الجمهور المستهدف وزيادة الوعي وانهاء المشاكل الادارية التى تواجه الموظف وصاحب الخدمة !؟
- أخيراً لماذا يتم عقد البروتوكولات الخاصة بتقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل الجهات الحكومية المختلفة مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ولا يتم عقدها مع المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي وهو المجلس المنوط بالاساس عن هذا الملف، ويلاحظ دائما أن هناك دائما خلط بين المجلس والوزارة لان رئيسهم واحد وهو وزير الاتصالات؟!
وهناك الكثير من الاسئلة والاقتراحات التى تحتاج لنظرة خاصة من قبل مجلس الوزراء والمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي.
وبعد أن أتخاذ مصر خطوات فعالية مثل انشاء وحدة الرؤي السلوكية هي خطوة هامة جدا وتؤكد أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح وتتكامل هذه الخطوة بالتوسع فيها بشكل علمي وفعال بكافة المجالات عن طريق الذكاء الاصطناعي التى تساعد على تعظيم جهود الدولة نحو التنمية المستدامة وحرص رئيس الجمهورية الدائم على توجه الدولة نحو استخدام الذكاء الاصطناعي بكل المجالات بالجمهورية الجديدة وتوجها نحو مستقبل افضل لبلادنا.
أخيرا مصر تسير فى الاتجاه الصحيح ونحن معاها ونطمع فى المزيد حباً فى بلادنا التى نريدها افضل وارقي لنا وللاجيال القادمة باذن الله.
د. محمد كمال
باحث فى مجال الذكاء الاصطناعي