< تحت ضغط خطة ترامب.. مشاورات مكثفة داخل حماس بشأن نزع السلاح وإبعاد الكوادر
تحيا مصر
رئيس التحرير
عمرو الديب

تحت ضغط خطة ترامب.. مشاورات مكثفة داخل حماس بشأن نزع السلاح وإبعاد الكوادر

تحيا مصر

تسعى حركة حماس إلى تعديل بنود خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في قطاع غزة، فيما يتعلق بنزع السلاح وإبعاد الكوادر، في وقت تواصل فيه القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية وتصعد من حربها النفسية بتحذيرات أخيرة لسكان مدينة غزة.
وفقًا لتقرير نشرته "إندبندنت عربية" تجري المشاورات على مدار الساعة داخل قيادة الحركة في فلسطين والخارج ومع الوسطاء، حيث عقدت أربعة لقاءات الاثنين في الدوحة مع الوسطاء القطريين والمصريين في حضور مسؤولين أتراك، في مؤشر على حساسية المرحلة وأهمية القرار المتوقع .
وأبلغت حماس الوسطاء بضرورة توفير ضمانات دولية للانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وعدم خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار، مستشهدة بما حدث في مارس الماضي عندما انتهكت إسرائيل الهدنة.
وتنص خطة ترامب التي كشف عنها الاثنين الماضي، ووافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على وقف فوري للحرب في قطاع غزة فور موافقة طرفي الحرب على الخطة، على أن يلي ذلك الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في قطاع غزة وعن مئات المعتقلين الفلسطينيين. وتتألف الخطة من 20 بنداً منها نزع سلاح حركة حماس وخروج مقاتليها من القطاع إلى دول أخرى، وإدارة غزة من لجنة فلسطينية من التكنوقراط والخبراء الدوليين، بإشراف مجلس يترأسه ترامب نفسه ومن أعضائه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير .

انقسام داخلي وسباق مع الزمن

كشفت مصادر لـ "إندبندنت" عن وجود رأيين داخل حركة حماس حول كيفية التعامل مع الخطة الأمريكية. الرأي الأول يؤيد الموافقة غير المشروطة على الخطة، ووقف إطلاق النار على أن يتولى الوسطاء ضمان تنفيذ إسرائيل للخطة، بينما يتمسك الرأي الثاني بتحفظات كبيرة على بنود مهمة منها رفض عملية نزع السلاح وإبعاد أي مواطن إلى الخارج. ويمثل هذا الطرف الذي يؤيد الموافقة المشروطة مع إيضاحات، حتى لا يتم إعطاء شرعية لاحتلال قطاع غزة وتجريم المقاومة. 
وأكد مصدر قريب من حماس أن "لا قرار نهائياً بعد في حماس حتى الآن"، مضيفاً أن الحركة "تحتاج ليومين أو ثلاثة أيام على الأغلب، وستصدر بياناً رسمياً" عن موقفها و"تبلغ الوسطاء به" .
ويعكس هذا الانقسام الحيرة العميقة التي تعيشها القيادة الفلسطينية بين مخاطر القبول والرفض، حيث قال مسؤول فلسطيني مطلع على مداولات حماس مع الفصائل الأخرى: "قبول الخصة مصيبة ورفضها مصيبة أخرى، ولا يوجد خيارات جيدة لكن ما يمكن قوله هو أن هذه الخطة هي خطة نتنياهو وتم التعبير عنها بواسطة ترمب". 
وأضاف أن "حماس حريصة على أن تنهي الحرب وأن تنهي الإبادة وستقوم بالرد بالشكل الذي يستجيب ويخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني"، في حين رفضت ثلاثة فصائل فلسطينية مسلحة أصغر حجماً في غزة الخطة، ومن بينهم فصيلان من حلفاء حماس، وقالت إنها ستقضي على "القضية الفلسطينية" وستمنح شرعية دولية لسيطرة إسرائيل على غزة .

تحذير أخير إلى سكان غزة

في خضم هذه التطورات السياسية، وجه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس تحذيراً أخيراً إلى سكان مدينة غزة لمغادرتها نحو الجنوب، قائلاً: "هذه هي الفرصة الأخيرة لسكان غزة الراغبين في ذلك للتحرك جنوباً وترك عناصر حماس معزولين داخل مدينة غزة".
وأضاف كاتس في بيان نشر عبر وسائل إعلام إسرائيلية "من يبقى في غزة سيعتبر من الإرهابيين وداعمي الإرهاب"،  كما أعلن الجيش الإسرائيلي إغلاق شارع الرشيد، آخر ممر متاح لسكان جنوب غزة للوصول إلى الشمال، في إجراء يذكر بالإجراءات المشابهة التي اتخذت في الأشهر الأولى للحرب .

تفاقم الكارثة الإنسانية

وأدى استمرار العمليات العسكرية إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، حيث أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأربعاء أن تصعيد العمليات العسكرية في مدينة غزة أجبرها على تعليق عملها موقتاً، محذرة من أن "عشرات آلاف السكان" الذين ما زالوا في المدينة "يواجهون ظروفاً إنسانية مروعة".
وجاء في بيان اللجنة "أجبر تصعيد العمليات العسكرية في مدينة غزة اللجنة الدولية للصليب الأحمر على تعليق عملها موقتاً في مقرها بمدينة غزة ونقل موظفيها إلى مكاتبها في جنوب قطاع غزة لضمان سلامتهم واستمرارية عملهم" .

ضغوط دولية ومواقف متباينة

ويواصل الرئيس الأمريكي ضغوطه المكثفة على حركة حماس، حيث توعدها أمس الثلاثاء بمصير قاتم وأمهلها ثلاثة أو أربعة أيام للرد على خطته للسلام. وقال ترامب للصحافيين إن أمام "حماس" ثلاثة أو أربعة أيام للرد على خطته، وذلك رداً على سؤال في شأن إطار زمني. وتوعد الحركة، في اجتماع ضم جنرالات أميركيين في ولاية فيرجينيا، بمصير قاتم إذا لم تقبل خطته قائلاً: "نحن بحاجة إلى توقيع واحد فقط، وهذا التوقيع إذا لم نحصل عليه فسيدفعون ثمنه في الجحيم". 
من جهته، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون الثلاثاء إنه إذا رفضت "حماس" خطة ترامب لإحلال السلام في غزة، فإن إسرائيل "ستنجز المهمة" وتعيد جميع الرهائن المتبقين .

ردود الفعل الدولية تتوالى

في المقابل، بدأت ردود الفعل الدولية تتوالى، حيث أثنى بابا الفاتيكان الثلاثاء على خطة ترامب لإحلال السلام في غزة المكونة من 20 بنداً، وعبر عن أمله في أن تقبلها حركة "حماس". ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية عن البابا لاوون الـ14 قوله: "هناك عناصر مثيرة للاهتمام للغاية (في الخطة)، آمل أن تقبلها (حماس) ضمن الإطار الزمني المحدد". 
كما قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الثلاثاء، إن حكومته تؤكد استعدادها لتحمل كامل مسؤولياتها الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة،  وأضاف مصطفى في مستهل جلسة للحكومة أن "إعلان نيويورك التاريخي، والاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين، وما تبعها من خطط وجهود دولية لإنهاء الحرب، هي معطيات يجب البناء عليها" .

وتواجه الحركة معضلة حقيقية بين قبول خطة تفرض عليها تنازلات تاريخية، أو رفضها والمخاطرة باستمرار الحرب والإبادة التي يتعرض لها سكان غزة، بينما  تكمن المأساة الحقيقية للشعب الفلسطيني في أن مستقبل القطاع وقضيته يتم التفاوض عليهما من قبل أطراف خارجية، بينما يستمر نزيف الدماء والمعاناة الإنسانية دون أي مؤشرات حقيقية على قرب انتهاء هذه الجولة الدموية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، ودمرت البنية التحتية لقطاع كان يعاني أصلاً من حصار خانق منذ أكثر من عقد ونصف ، بينما تشكل الأيام القليلة المقبلة محطة فارقة في مسار الصراع في غزة، حيث ستحدد طبيعة الرد الذي ستقدمه حركة حماس على خطة ترامب مصير القطاع ومستقبل الصراع كله.