عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024 الموافق 06 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ياسر حمدي يكتب: الحرب الروسية الأوكرانية ستنتهي إلى نظام دولي جديد

تحيا مصر

تناولت كافة الصحف العربية والأجنبية تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على خارطة التحالفات والتوازنات الدولية، والحقيقة المؤكدة والواضحة من خلال قرائتي المتواضعة للمشهد بشكل عام فإن العالم يشهد اليوم تحولاً مهماً وكبيراً، ومنطقة الشرق الأوسط لن تكون بمنأى عن هذا التحول.

 تحيا مصر

نعم فإن العالم أمام تحول كبير بعد ضرب الدب الروسي لأوكرانيا وجرأة بوتين على خوض حرب بهذا الحجم، إذ أن الإمبراطورية الأمريكية لم تعد اللاعب الوحيد على الساحة الدولية، ولا هي المتحكم الأوحد بالعالم، فيما بدأت القوى الكبرى المنافسة وذات الأطماع تدرك ذلك وتحل مكان الولايات المتحدة، حيثما تقهقرت وتراجعت، وبطبيعة الحال فهذا ليس معناه توقع إنهيار واشنطن، وإنما تراجع هيمنتها الدولية، وظهور أقطاب أخرى تلعب على الساحة الدولية.

التدخل النووي

روسيا لوحت بالتدخل النووي مما رفع سقف المخاوف العالمية تجاه هذا التصعيد الذي لم يعد يهدد دولة أو إقليماً، بل يهدد الأمن والسلم العالميين، ولا شك أن هذا التطور -في حال حدوثه- فإن منطقة الشرق الأوسط لن تكون بمنأى عن هذا الخطر، بل هي في قلب الصراع.

والأكيد أن العالم على أعتاب نظام عالمي يتشكل اليوم، وقد تكون الحرب الباردة بنسختها الجديدة جزءاً من هذا النظام الذي سوف يقلب الموازين ويمهد لما هو أسوأ من الحرب العالمية، وهي الحروب الطويلة الأمد، وحروب المصالح والهيمنة على حساب طمس دول أخرى.

فالحرب اليوم داخل أوكرانيا لكن الرهان خارجها، حيث تحولت إلى مسرح لإستعادة الأوزان السياسية في العالم، وإعادة تموضع التحالفات والتوازنات لكل دول العالم بناء على نتائج ما يحدث.

الأزمة الأوكرانية تحولت إلى ورشة مفتوحة للتحالفات والعلاقات الدولية، لكن الأكيد أن روسيا بوتين تدرك أنها تعيش التحدي الأكبر منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي، وليست المسألة في مشروع توسعي قدر أن أسئلة الجيوسياسية بلغت مأزقاً وجودياً ومقامرة عالية المخاطر في فرض صعودها مع بوتين كقوة كبرى أو عودتها مجدداً إلى الانكسار.

ضرر حرب اليوم بين روسيا وأوكرانيا

والحقيقة المؤكدة فإن ضرر حرب اليوم بين روسيا وأوكرانيا لن يقتصر على قطاع دون آخر، فبينما يعتقد بعضهم أن شرر هذه الحرب لن يطاول بلاد العرب، بحكم بعدها الجغرافي نسبياً، هناك من يرى أن العرب، بحكم غيابهم الفعلي عن التأثير السياسي على الملعب الدولي منذ عقود، سيكونون أكثر المتضرّرين منها.

سنشهد مزيداً من التداعيات ومن التداخلات، وصولاً إلى بلورة عالم جديد، لا مكان فيه لمفاهيم السياسة القديمة وقواعدها، فأياً ما كانت نتيجة هذه الحرب، فإنّها ستنعكس على خريطة التحالفات التي شكلتها الأنظمة العربية خلال عقود، سواء بالارتماء الكامل في الحضن الأميركي الغربي، أو بمحاولة بعض هذه الأنظمة استبدال هذا الحضن بدفء الدب الروسي، على إعتبار أن الأخير أكثر مصداقية في تعامله معهم.

والخلاصة هي أن الحرب الروسية الأوكرانية هي لحظة تاريخية فاصلة ومهمة على مستوى العالم، إذ إنها إيذان بميلاد نظام دولي جديد.. وهذا ربما ما يُفسر المواقف المترددة لبعض الدول العربية، إذ رغم أنها حليف للأمريكيين إلا أنها تخشى من إغضاب روسيا والمعسكر الشرقي المساند لها.

تابع موقع تحيا مصر علي