عاجل
الجمعة 01 نوفمبر 2024 الموافق 29 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: التكافل بدلاً من التبذير!

تحيا مصر

هدر الغذاء سلوك رمضاني لا يتأثر بالأزمات الاجتماعية على الرغم من أن هناك ضرورة قصوى لتبني سلوك مغاير قائم على الاقتصاد في الغذاء بدلًا من التبذير الذي يزداد في شهر رمضان أكثر من الأيام العادية. 

نحن شعب مبذر أو كنَّا كذلك لوقت قريب وأتمنى أن تغيرنا الأزمات، إذا كان لها من فائدة تُذكر، وليكن شعارنا أن ما يكفي عائلة واحدة قد يكفي عائلتين، والمطلوب بدلاً من التبذير تفعيل صور التكافل الاجتماعي في هذه الأيام، ومضاعفة أعمال الخير بدافع ديني أو إنساني أيضًا، من خلال دعم الأشخاص الذين لم يعدْ قوت يومهم كافٍ لتغطية حاجياتهم في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن مثله مثل أوطان كثيرة تأثرت بالأزمات العالمية المتلاحقة. 

وليس هناك شكّ في أن الظروف الحالية تستدعي وقفة جماعية مع من يحتاج العون من الأقارب، والجيران، وأبناء القرية والمدينة والوطن، حيث أن هناك أناسًا كانوا مستورين وعرتهم الأزمات المتلاحقة ولابدّ أن يظلوا مكفولين بالسّتر بفضل التكافل والتضامن. ولا يجب أن ننتظرَ سؤال الناس للمساعدة بل لابد أن يتأكد كل شخص قادر على مد العون لغيره أن من يعيشون بجواره وفي محيطه أو تربطه بهم صلة قرابة -وهم الأولى بالمعروف- يتمتعون بالأمن الغذائي وكذلك الصحي .. ولو هناك أشخاص يعملون في دائرتنا المقربة يقدمون لنا خدمات من الضروري التأكد عند دفع الحساب لهم أنهم راضون وكذلك التأكد أنهم تناولوا إفطارهم و إذا كانوا يتناولون دواءً أنهم أخذوه وإذا كانوا يحتاجون متابعة عند الطبيب من الممكن توفير ثمن الكشف وتأمين الدواء لهم أيضًا.

البعض قد يقول أن هذه الفئة المحتاجة قد تطمعُ وتلحُّ في الطلب دون توقف وبتكرار مزعج… وأنا أقول أن كل شخص لو استطاع المساعدة وكان في مقدوره المزيد، فلْيفعل هذه الأيام وليختَرْ من يعرفهم ويكون متأكدًا من حاجتهم للعون!

هذا الأمر أراه في منتهى الأهمية خلال هذه الفترة لضمان الأمن الاجتماعي .. وأنا على يقين من أن الكثيرين يبادرون لمساعدة الناس في الأيام العادية ومن تلقاء أنفسهم بدافع مشاعر الخير أو في باب الصدقة أو الزكاة وكفالة اليتيم والمقربين، غير أن الظروف حاليًا ستتجاوز هذا الإطار وتستدعي توسيع قاعدة المنتفعين بالمساعدات حيث أن المطلوب كفالة عائلات بكاملها ولو هناك فرص عمل يمكن توفيرها لأفراد منهم فهذا سيكون الهدف الأجدى والمستدام.

ولا أتحدث هنا عن الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني التي أعرف جيدا أنها تلعب دورًا كبيرًا ومتزايدًا وتتضاعف أهمية المجتمع المدني في الظروف الحالية، وخاصة مع قدوم شهر رمضان، وأظن أن هذه الجهات تعرف طريقها للمحتاجين لخدماتها وبشكل منظم ومن خلال قوائم مدروسة بعناية وغير مكررة تضم الفئات المحتاجة في مختلف القرى والنجوع والأحياء الشعبية، وإنما أقصد هنا الأفراد والعائلات ومجموعات الأصدقاء وزملاء العمل؛ أتحدث عن هؤلاء جميعًا لتقديم المساعدات العينية والمالية ولنعتبرها في حكم الواجب علينا جميعًا وأنه لا يجوز التقاعس في تقديمها من قبل المقتدرين. كما أدعو إلى عدم الاستسهال في تقديم الصدقة والزكاة لأشخاص لا نعرفهم حتى نتحرى الدقة في إيصال الدعم لأصحابه.

 أتمنى أن تكون الدوائر المقربة لنا جميعًا "شبعانة" وسليمة صحيًا وآمنة في هذا الشهر الكريم بحيث يحصل الفقراء على الموارد الأساسية لاستمرار حياتهم، وسد حاجاتهم اليومية. ويمكن من جانبنا التنازل عن بعض الرفاهيات أو نجعلها مختصرة في أضيق الحدود ونعلِّمُ أولادنا على عدم الأنانية ومشاركة الآخرين في بعض النعم التي نتمتع بها. كما أدعو  الجميع إلى عدم نسيان دور الأيتام ودور الرعاية لكبار السنّ في محيطنا الجغرافي، فقد أصبحت المبالغ الشهرية للتبرعات سواء ذلك الدعم الشهري الذي يصلهم من وزارة التضامن أو مساهمات المتبرعين من رجال المال والأعمال وأهل الخير لا تكفي احتياجاتهم من الغذاء والحياة الكريمة. 

وأتمنى إطلاق مبادرة عامة لتقليل استهلاكنا ومشاركة الفائض مع غيرنا من المحتاجين؛ وتذكروا ان ما يكفي شخصين قد يكفي أربعة وما يكفي أربعة يمكن أن يكفي ضعفهم!

والخير في أمتي إلى يوم الدين كما قال رسولنا الكريم. كل عام ونحن في تضامن وتكافل لتحقيق كرامة الإنسان، بعيدًا عن الأنانية أو السلبية، وعلى أساس من الإخاء الصادق، والعطاء والتعاون على البِر والتقوى باعتباره واجبًا حضاريًا وإنسانيًا ووطنيًا ودينيًا، ورافدًا من روافد المعنويات الضرورية للشعب، ربما يسهم في تخفيف العبء الاقتصادي عن الناس، ويوفر فرصًا اقتصادية تساعدهم على تلبية احتياجاتهم الحياتية في هذه الظروف الصعبة.

تابع موقع تحيا مصر علي