عاجل
الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

لماذا تتدخل الحكومة لمساندة القطاع العقاري؟

شهد الشهران الماضيان اجتماعات متكررة على أعلى المستويات بين الحكومة وممثلي المنظمات المعنية بملف التطوير العقاري، كان آخرها اللقاء الذي جمع رئيس مجلس الوزراء مع أعضاء غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، لمناقشة آليات الخروج من نفق التضخم الذي أصبح شبحًا يهدد القطاع العقاري، ولعل المتابع للقرارات الحكومية التي صدرت مؤخرا لإعادة التوازن والاستقرار للسوق العقاري سيستشعر مدى إدراك السلطة التنفيذية للمخاطر التي تحيق بهذا القطاع، الأمر الذي دفعها إلى الاستجابة الفورية لأغلب الطلبات التي تقدمت بها شركات التطوير العقاري التي تضمنت رفع النسب البنائية في المشروعات، وتطبيق قاعدة الحجوم، ومنح مهل إضافية لتنفيذ المشروعات، فضلا عن تثبيت الفائدة على أقساط الأراضي وغيرها من القرارات التي تستحق الحكومة عليها الثناء.

وقد يتبادر إلى أذهان الكثيرين شكوك وتساؤلات مشروعة حول قدرة القطاع العقاري المصري على الصمود في وجه الصدمات الداخلية والخارجية في ظل هذا الاهتمام الاستثنائي من الحكومة، وهنا يجب أن واضح للجميع أن القطاع العقاري المصري ليس معرضا للانهيار نظرًا لاختلافه وتميزه في معايير القوة والصمود عن باقي الأسواق الأخرى، بالنظر إلى أنه يرتكز على طلب حقيقي ومتنامي يقابله عجز في المعروض - رغم كثرة المشروعات - كما يجب ألا نغفل تفضيل غالبية المصريين حفظ قيمة مدخراتهم في عقارات وهو سلوك جمعي لا يمكن تجاهله.

البرهان على موضوعية هذا الطرح أن القطاع العقاري تعرض خلال الأعوام الـ 15 الأخيرة لاهتزازات وتحديات كبيرة، لكن قوى السوق والخبرات المتراكمة لدى المطورين العقاريين حالت دون انهيار القطاع، حيث نجحوا في تجاوز كافة الصعوبات بمساندة صادقة من جانب الدولة التي نجحت في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مكنت القطاع العقاري وباقي القطاعات الاستراتيجية من الصمود.

لكن علينا أن ندرك جميعا أن ما يتعرض له القطاع العقاري حاليًا يفوق كل التحديات التي مرت به سابقًا في ظل معدلات التضخم التي أربكت دراسات الجدوى وآليات التحوط ضد المخاطر التي وضعتها الشركات عند البدء في طرح مشروعاتها وتحديد الأسعار، بل إنها طالت حسابات التكلفة والأرباح، ما يعني أن المطورين العقاريين قد يجدوا أنفسهم مضطرين لتنفيذ المشروعات المباعة خلال العامين الماضيين بخسائر كبيرة، بينما تخيم حالة من الضبابية على سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار وهو الأمر الذي يحد من قدرة الشركات علي اتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة، وبالتالي فإن التدخل الحكومي الشامل في ظل الظروف القهرية بات الآلية الأهم لتسريع فرص التعافي من الأزمة الراهنة.

على الجانب الآخر يترقب العملاء والمستثمرون - بوصفهم طرف أصيل في تلك المعادلة - ما ستؤول إليه التطورات المتسارعة في القطاع العقاري، وفي ظني أن التدخل الحكومي بعث لهم برسائل مطمئنة، فالحكومة حينما تقرر أن تمد يد العون لأحد القطاعات الاستراتيجية فإنها لا تستهدف إنقاذ رجال الأعمال كما يتصور البعض بل إنها تنظر لأبعد من ذلك وفي بؤرة اهتمامها المواطن الذي وضع مدخراته في عقار ما وتحمل جزءا من فاتورة الاضطرابات الاقتصادية التي تعصف بالأسواق لكنه في نفس الوقت يدرك أن قيمة العقار لن تنهار وسوف يحقق أرباحا مضاعفة قد تتجاوز 200% حتى وإن تأخر في استلام وحدته لبعض الوقت.

تابع موقع تحيا مصر علي