< التقرير السنوي لـ «حقوق الإنسان» يطالب بتحويل الالتزامات الدستورية والدولية إلى ممارسات ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية
تحيا مصر
رئيس التحرير
عمرو الديب

التقرير السنوي لـ «حقوق الإنسان» يطالب بتحويل الالتزامات الدستورية والدولية إلى ممارسات ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية

تحيا مصر

انطلق التقرير السنوي الثامن عشر للمجلس القومي لحقوق الإنسان من مرجعية دستورية واضحة، أساسها الدستور المصري الصادر عام 2014، والذي أرسى منظومة شاملة من الحقوق والحريات، وجعل صون الكرامة الإنسانية جوهرًا لا يجوز المساس به. 

ويؤكد التقرير أن الدستور ألزم الدولة باحترام حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها، وربط بين هذه الحقوق ومبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، بما يضع إطارًا ملزمًا لعمل مؤسسات الدولة كافة

الأساس القانوني لاستقلال المجلس القومي لحقوق الإنسان

استند التقرير إلى النصوص الدستورية والقانونية التي تُنظم عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان بوصفه هيئة وطنية مستقلة، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري. وأوضح التقرير أن هذا الاستقلال يُمكّن المجلس من أداء دوره في الرصد والتقييم وإبداء الرأي في التشريعات والسياسات العامة، وتلقي شكاوى المواطنين، والتواصل مع الجهات المعنية داخل الدولة وخارجها، دون تدخل أو وصاية

المرجعية الدولية والالتزامات الأممية

أكد التقرير أن مرجعيته لا تقتصر على الإطار الوطني، بل تمتد إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر، والتي أصبحت جزءًا من منظومتها القانونية. وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقيات مناهضة التمييز وحماية المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة. كما ربط التقرير تحليله بالتزامات مصر أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، خاصة في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل

المقاربة القائمة على حقوق الإنسان

اعتمد التقرير بشكل أساسي على المقاربة القائمة على حقوق الإنسان، والتي تنظر إلى الحقوق والحريات باعتبارها التزامات واجبة النفاذ، لا مجرد سياسات أو مبادرات اختيارية. وركّزت هذه المقاربة على مبادئ أساسية، من بينها عدم التمييز، والمشاركة، والمساءلة، والشفافية، وربط الحقوق بالواجبات الدستورية للدولة، مع إيلاء اهتمام خاص بالفئات الأولى بالرعاية

المنهجية المبنية على الأدلة

أوضح التقرير أنه اعتمد منهجية قائمة على الأدلة والوقائع، من خلال تحليل التشريعات، والقرارات التنفيذية، والسياسات العامة، ورصد الممارسات العملية، والاستناد إلى بيانات رسمية، وشكاوى المواطنين، وتقارير الزيارات الميدانية. 

وتهدف هذه المنهجية إلى تقديم تقييم موضوعي بعيد عن التعميم أو الطرح الإنشائي، يعكس الواقع كما هو، بإيجابياته وسلبياته

دور القضاء كمصدر مرجعي للتحليل

من العناصر المنهجية الأساسية في التقرير الاعتماد على الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض والمحاكم الإدارية، باعتبارها تفسيرًا عمليًا للنصوص الدستورية وضمانة لحماية الحقوق والحريات. 

وقد استخدم التقرير هذه الأحكام لتقييم مدى توافق التشريعات والسياسات مع المبادئ الدستورية، وترسيخ مفهوم سيادة القانون

من الرصد إلى التقييم والتوصية

لم يكتفِ التقرير بالرصد الوصفي، بل انتقل إلى التقييم النقدي وتقديم التوصيات، في إطار ما وصفه بـ«المساءلة الإيجابية»، الهادفة إلى دعم جهود الإصلاح وتطوير الأداء المؤسسي. وربط التقرير توصياته بمخرجات الحوار الوطني، وبالحاجة إلى تحويل الالتزامات الدستورية والدولية إلى ممارسات ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية