160 مليار جنيه على مائدة المواطن.. التموين تفتح صمام الأمان الغذائي وتعيد رسم خريطة الدعم
في زمن تتسارع فيه المتغيرات الاقتصادية وتشتد فيه الضغوط المعيشية على الأسر، يعود ملف الدعم ليقف في صدارة أولويات الدولة، باعتباره خط الدفاع الأول عن الاستقرار الاجتماعي، والضمانة الأهم لوصول السلع الأساسية إلى ملايين المواطنين دون اضطراب أو نقص.
ملامح مرحلة جديدة في إدارة منظومة الدعم
فالدعم لم يعد مجرد أرقام تُدرج في الموازنات العامة، بل أصبح رسالة طمأنة يومية، يشعر بها المواطن حين يجد الخبز متوافرًا بسعر ثابت، والسلع الأساسية حاضرة على بطاقة التموين، مهما كانت التقلبات في الأسواق العالمية.
وفي هذا الإطار، تكشف وزارة التموين والتجارة الداخلية عن ملامح مرحلة جديدة في إدارة منظومة الدعم، مرحلة تعتمد على التوسع المدروس، وضمان الاستدامة، وتعزيز المخزون الاستراتيجي، في وقت يشهد فيه العالم أزمات متلاحقة في سلاسل الإمداد وارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الغذاء والطاقة. فالقرار برفع مخصصات دعم السلع التموينية والخبز معًا إلى 160 مليار جنيه في موازنة العام المالي 2025 – 2026، لا يعكس فقط التزام الدولة بحماية الفئات الأكثر احتياجًا، بل يؤكد أيضًا أن الأمن الغذائي أصبح قضية أمن قومي لا تقبل التهاون.
الخبز، هذا الرغيف البسيط الذي لا تخلو منه مائدة مصرية، لا يزال في قلب هذه المنظومة. ملايين الأرغفة تُنتج يوميًا، وتصل إلى المستحقين بسعر رمزي ثابت، في معادلة صعبة تجمع بين العدالة الاجتماعية وضبط الإنفاق العام. وفي الوقت نفسه، تتسع مظلة السلع التموينية لتشمل عشرات الأصناف الأساسية، بما يخفف العبء عن كاهل الأسر، ويمنحها مساحة من الأمان في مواجهة موجات الغلاء.
ولا يتوقف دور وزارة التموين عند حدود الدعم النقدي أو السلعي، بل يمتد إلى إدارة شبكة ضخمة من المنافذ الثابتة والمتحركة، وضمان توافر اللحوم والدواجن بأسعار تنافسية، خاصة في فترات الذروة والمواسم، حين يتزايد الطلب وتتصاعد المخاوف من نقص المعروض. إنها معركة يومية لإدارة التوازن بين العرض والطلب، وبين حماية المستهلك والحفاظ على استقرار الأسواق.
وسط كل ذلك، تبرز الأرقام كدليل ملموس على حجم الجهد المبذول: ملايين المستفيدين، مئات الملايين من الأرغفة يوميًا، وعشرات الآلاف من المنافذ المنتشرة في أنحاء الجمهورية.
أرقام تحمل في طياتها حكاية دولة تسعى إلى تثبيت أقدام مواطنيها على أرض صلبة، في عالم تتغير معادلاته بسرعة، وتبقى فيه لقمة العيش خطًا أحمر لا يجوز الاقتراب منه.
مشروع موازنة العام المالي 2025 – 2026
أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية عن زيادة مخصصات دعم السلع التموينية والخبز في مشروع موازنة العام المالي 2025 – 2026، لتصل إلى نحو 160 مليار جنيه، في خطوة تستهدف تعزيز الحماية الاجتماعية وضمان استقرار إمدادات الغذاء للمواطنين.
وأوضح تقرير رسمي للوزارة أن دعم الخبز يستحوذ على النصيب الأكبر من هذه المخصصات، بإجمالي يقدر بنحو 124 مليار جنيه، حيث يستفيد من منظومة الخبز المدعم قرابة 68 مليون مواطن من حاملي البطاقات التموينية. ويتم إنتاج ما يتراوح بين 250 و270 مليون رغيف يوميًا، يُصرف للمستحقين بسعر ثابت يبلغ 20 قرشًا للرغيف، بما يعكس التزام الدولة بالإبقاء على الخبز كسلعة أساسية مدعومة رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وفيما يتعلق بالسلع التموينية، أشار التقرير إلى توفير أكثر من 30 سلعة أساسية على البطاقات التموينية لنحو 61 مليون مستفيد، بإجمالي دعم يقدر بنحو 36 مليار جنيه. وتشمل هذه السلع احتياجات غذائية رئيسية تساهم في تخفيف الأعباء المعيشية عن الأسر، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار.
وأكدت الوزارة أن السلع التموينية والسلع الحرة يتم طرحها من خلال شبكة واسعة من المنافذ الثابتة والمتحركة، التي يصل عددها إلى نحو 40 ألف منفذ، تشمل بدالي التموين، ومنافذ «جمعيتي»، والمجمعات الاستهلاكية، إضافة إلى السيارات المتنقلة التي تصل إلى المناطق الأكثر احتياجًا.
وفي سياق متصل، تواصل وزارة التموين جهودها لتأمين مخزون استراتيجي آمن من اللحوم الحية والمجمدة والدواجن المجمدة، بما يضمن تلبية احتياجات المواطنين دون حدوث نقص. ويتم طرح اللحوم الطازجة والمجمدة داخل المجمعات الاستهلاكية بأسعار تنافسية على مدار العام، مع تكثيف المعروض خلال فترات الأعياد والمواسم التي تشهد زيادة في معدلات الاستهلاك.
وأوضح التقرير أن الرصيد الحالي من اللحوم، مدعومًا بالتعاقدات المستقبلية، يكفي لتغطية احتياجات البلاد لفترات آمنة، إلى جانب تعزيز المخزون الاستراتيجي بكميات مناسبة تضمن استمرار التوافر طوال العام. كما تحرص الوزارة على توفير الدواجن المجمدة باعتبارها مصدرًا مهمًا للبروتين الحيواني منخفض التكلفة، بما يدعم الأمن الغذائي ويخفف الأعباء عن المواطنين.