«خطة ترامب بين الأمل والخطر».. مبادرة سلام جديدة تُشعل الجدل حول مستقبل غزة
أعادت خطة السلام الجديدة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، فتح ملف التسوية السياسية في الشرق الأوسط مجددًا، وسط انقسام واضح بين من يراها بارقة أمل لإنهاء دوامة النار، ومن يحذر من ألغامها السياسية ومخاطرها المحتملة على القضية الفلسطينية.
خطة من 21 بندًا برئاسة ترامب شخصيًا.. بين طموح نوبل واتهامات بالمصالح الاقتصادية
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، فإن الخطة التي تضم 21 بندًا سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، تهدف إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وبدء عملية شاملة لإعادة إعمار غزة، في إطار اتفاق متعدد الأطراف قد يشمل دولًا عربية وإسلامية إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل.

ترامب على رأس "مجلس السلام".. دور شخصي غير مسبوق
في خطوة غير تقليدية، أعلن ترامب أنه سيترأس بنفسه "مجلس السلام" المكلف بالإشراف على تنفيذ بنود المبادرة، ما يعكس وفق مراقبين رغبته في لعب دور مباشر في إدارة العملية السياسية، وربما أيضًا طموحه لنيل جائزة نوبل للسلام.
ويرى محللون في واشنطن أن تولي ترامب شخصيًا قيادة المجلس يمنحه زخمًا سياسيًا داخليًا وفرصة لتعزيز موقعه الدولي، لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات حول تضارب المصالح، خاصة بعد أن أشار مسؤولون أميركيون سابقون إلى احتمال تورط أفراد من عائلته في مشاريع إعادة إعمار غزة مستقبلًا، وهو ما قد يمنحه دافعًا اقتصاديًا لإنجاح الخطة.
مشروع لإعادة إعمار غزة بقيادة ترامب وكوشنر
تتضمن الخطة إطلاق مبادرة اقتصادية ضخمة تحت إشراف مباشر من ترامب، لإعادة بناء غزة عبر لجنة من الخبراء الذين ساهموا سابقًا في تأسيس مدن اقتصادية حديثة في الشرق الأوسط.
ويؤدي جاريد كوشنر، صهر ترامب ، دورًا محوريًا في صياغة الخطة، التي تشمل إنشاء منطقة اقتصادية خاصة في غزة لتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة للفلسطينيين.
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول أميركي سابق قوله: "مع الإمكانيات التي تتيحها هذه الصفقة، قد يكون ترامب مستثمرًا فيها فعليًا، وهو ما يجعلها أكثر جدية بالنسبة له."
من الشعارات إلى الواقعية.. تحوّل في نهج ترامب
على خلاف تصريحاته السابقة التي دعا فيها إلى ترحيل الفلسطينيين من غزة أو تحويل القطاع إلى "منتجع تديره أميركا"، تبدو الخطة الحالية أكثر واقعية ومرونة.
إذ تسمح للمرة الأولى ببقاء الفلسطينيين والمشاركة في إعادة إعمار القطاع، وهو ما اعتبره محللون تحولًا حقيقيًا في نهج ترامب تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
كما تمتاز المبادرة بطابعها الدولي متعدد الأطراف، إذ تشارك فيها دول عربية وإسلامية إلى جانب واشنطن وتل أبيب، وهو ما يجعل من الصعب على بنيامين نتنياهو أو حركة حماس إفشالها دون خسائر سياسية كبيرة
تحديات التنفيذ.. "بنود سامة" تهدد الخطة
ورغم الطابع الطموح للمبادرة، فإن عددًا من المسؤولين العرب والدوليين أبدوا تحفظهم على بعض البنود التي أضيفت لاحقًا من قبل نتنياهو، واصفين إياها بأنها "بنود سامة" قد تعرقل التنفيذ، خاصة في ظل غياب أي إشارة واضحة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن وزارة الخارجية الأميركية لم تُستشر بالكامل في إعداد المبادرة، مما يثير تساؤلات حول قدرة فريق ترامب على إدارة التفاصيل الفنية الدقيقة المطلوبة لإنجاحها.
بصيص أمل في نهاية النفق
ورغم كل الشكوك، يرى بعض الخبراء أن الخطة تحمل نافذة أمل نادرة لإنهاء مأساة غزة الممتدة منذ عامين.
إذ تنص على تنفيذ تدريجي لبنودها، يبدأ بإنشاء مناطق آمنة في القطاع يتم فيها الشروع بإعادة الإعمار حتى قبل التوصل إلى اتفاق سياسي شامل، في محاولة لخلق نقاط أمل واقعية تشجع السكان على رفض حكم حماس تدريجيًا.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق أنتوني بلينكن في حديث لبودكاست هذا الأسبوع:"بعد كل ما مر به سكان غزة خلال العامين الماضيين، فإن مجرد وجود خطة واقعية يمنحهم شعورًا بالأمل."
بين أمل السلام وخطر التوظيف السياسي، تبقى خطة ترامب الجديدة مغامرة محفوفة بالتعقيد، قد تُعيد الأمل إلى غزة إذا نُفذت بنزاهة، أو تُفاقم الصراع إذا استُخدمت كمنصة للمصالح الشخصية والانتخابية.
وفي كل الأحوال، فإن العالم يترقب: هل تكون "خطة ترامب" بداية لنهاية الحرب؟ أم محاولة جديدة تُضاف إلى سجل المبادرات التي وُلدت وسط النار وانطفأت تحت الرماد؟