مأساة البحث عن الوهم.. المياه الجوفية والظلام يعرقلان انتشال ضحايا التنقيب غير المشروع بالفيوم لليوم الرابع
لليوم الرابع على التوالي، لا تزال قرية الصعيدي التابعة لمركز الفيوم تعيش على وقع مأساة إنسانية ثقيلة، بعد أن تحولت مغامرة البحث عن كنز أثري موهوم إلى قبر مفتوح ابتلع ثلاثة أرواح، بينهم شقيقان، في واحدة من أخطر حوادث التنقيب غير المشروع عن الآثار.
في أعماق حفرة مظلمة، تجاوز عمقها 30 مترًا، تخوض فرق الحماية المدنية سباقًا مريرًا مع الزمن والمياه الجوفية، في محاولة لانتشال جثامين الضحايا الذين انهارت عليهم الأتربة أثناء أعمال حفر سرية داخل قطعة أرض فضاء بالقرية.
بلاغ عاجل… واستنفار أمني
البداية كانت بإخطار تلقته الأجهزة الأمنية يفيد بسقوط أشخاص داخل حفرة عميقة، لتتحرك على الفور قوات الأمن والحماية المدنية إلى موقع الحادث، حيث فُرض كردون أمني مشدد، وتم التحفظ على أدوات الحفر البدائية المستخدمة في الواقعة.
وتحت إشراف اللواء محمود حمدي، مساعد مدير أمن الفيوم للأمن العام، بدأت عمليات الإنقاذ وسط ظروف بالغة الخطورة، في ظل تسرب كثيف للمياه الجوفية يهدد بانهيارات جديدة داخل الحفرة.
حلم الثراء السريع
وكشفت التحريات الأمنية، التي أشرف عليها العميد حسن عبدالغفار رئيس المباحث الجنائية، وقادها العقيد معتز اللواج مفتش مباحث مركز الفيوم ومدينة الفيوم الجديدة، أن الحادث وقع داخل أرض مملوكة لمحصل كهرباء، استعان بالمجني عليهم للتنقيب عن الآثار باستخدام وسائل بدائية، مدفوعين بحلم الثراء السريع، دون أدنى اعتبار للمخاطر.
ومع توغل الحفر إلى أعماق أكبر، لم تحتمل التربة الهشة العبث بها، فانهارت فجأة، لتحاصر الضحايا في قاع مظلم، لا يصل إليه سوى صوت المياه المتدفقة وصدى الفاجعة.
جهود مضنية وأمل لا ينقطع
مصدر أمني أكد أن فرق الإنقاذ واجهت صعوبات غير مسبوقة، حيث بدأ الحفر بعمق 12 مترًا، قبل أن يتم توسيعه تدريجيًا ليصل إلى نحو 30 مترًا، في محاولة للوصول إلى الجثامين، مع اتخاذ تدابير فنية دقيقة لتجنب انهيار جديد.



وفي الوقت الذي تواصل فيه الحماية المدنية عملها بلا توقف، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على صاحب الأرض وشخص آخر على ذمة القضية، وتم إخطار النيابة العامة التي باشرت التحقيقات لكشف ملابسات الواقعة كاملة.
حزن يخيم على القرية
على سطح الأرض، يقف أهالي القرية في صمت ثقيل، تملؤهم الحسرة والخوف، يترقبون نهاية مأساوية لحادث كشف من جديد عن الوجه القاتم للتنقيب غير الشرعي عن الآثار، حين يتحول الطمع إلى فخ، والحلم إلى مأتم.
ويبقى السؤال معلقًا في هواء القرية:
كم من الأرواح يجب أن تُدفن تحت الأرض، قبل أن يُدفن هذا الوهم إلى الأبد؟
تطبيق نبض