بعد بيان "الرياضة".. الزمالك بين القانون والاستقرار.. كيف تدير الدولة أزمة الأرض دون المساس بكيان جماهيري؟
في لحظة دقيقة يمر بها نادي الزمالك، أحد أكبر الكيانات الرياضية والجماهيرية في مصر والمنطقة العربية، جاءت تصريحات وزارة الشباب والرياضة لتعيد ضبط إيقاع المشهد، وتضع الأزمة المتعلقة بأرض النادي في إطارها الصحيح، بعيدًا عن لغة التصعيد أو التخويف، وقريبًا من منطق الدولة التي تُدار بالقانون وتسعى في الوقت ذاته إلى حماية الاستقرار الرياضي والاجتماعي.
التحقيقات أولًا.. دولة القانون لا تعرف الاستثناءات
البيان الصادر عن وزارة الشباب والرياضة جاء متسقًا تمامًا مع ما أعلنته النيابة العامة بشأن التحقيقات الجارية حول البلاغات المقدمة في ملف الإجراءات الخاصة بسحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك، حيث أكدت الوزارة احترامها الكامل لمسار التحقيقات وعدم التدخل فيها، وهو ما يعكس التزامًا واضحًا بمبدأ سيادة القانون، الذي لا يميز بين كيان وآخر، لكنه في الوقت نفسه لا يستهدف الهدم أو الإضرار بالمؤسسات.
وزارة الرياضة: الاستقرار هدف استراتيجي
اللافت في بيان الوزارة هو التأكيد الصريح والمتكرر على أن الهدف الأساسي منذ بداية الأزمة هو الحفاظ على استقرار نادي الزمالك، ليس كشعار إعلامي، وإنما كسياسة عمل قائمة على البحث عن حلول قانونية ومستدامة تحفظ حقوق النادي ومقدراته، وتمنحه القدرة على الاستمرار في أداء دوره الرياضي والاجتماعي، دون أن يتعارض ذلك مع القوانين واللوائح المنظمة.
تنسيق حكومي واسع بحثًا عن حلول
أوضحت وزارة الشباب والرياضة أنها لم تقف موقف المتفرج، بل تحركت بالتنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، إلى جانب الجهات المعنية الأخرى، لدراسة عدد من المقترحات والبدائل التي من شأنها تحقيق الصالح العام الرياضي، وهو ما يعكس أن الدولة تنظر إلى الأزمة باعتبارها ملفًا مؤسسيًا متكاملًا، لا قرارًا أحاديًا، ولا صراعًا بين جهة ونادٍ.
الزمالك كيان جماهيري لا يمكن تجاهله
لا يمكن فصل أي أزمة تخص نادي الزمالك عن تأثيرها الواسع على الشارع الرياضي، فالنادي لا يمثل مجرد مؤسسة رياضية، بل قاعدة جماهيرية ضخمة، وتاريخًا ممتدًا، ودورًا اجتماعيًا يتجاوز حدود الملاعب، وهو ما يدركه صانع القرار جيدًا، ويظهر بوضوح في لغة البيان التي شددت على الحفاظ على حقوق الهيئات الرياضية، وخاصة الجماهيرية منها.
الصمت المسؤول احترام لا تراجع
تشديد وزارة الشباب والرياضة على عدم الإدلاء بأي تصريحات أو اتخاذ إجراءات قبل انتهاء النيابة العامة من أعمالها، لا يعني غياب الرؤية أو التباطؤ، بل يعكس صمتًا مسؤولًا يحترم سرية التحقيقات، ويمنع تضارب التصريحات، ويؤكد أن القرارات النهائية ستُبنى على أسس قانونية واضحة وشفافة.
ما بعد التحقيقات.. سيناريوهات تحفظ الجميع
مع انتهاء التحقيقات، تظل كل السيناريوهات مفتوحة، سواء عبر تسوية قانونية، أو تقنين وضع، أو تقديم بدائل تحقق التوازن بين حقوق الدولة وحقوق النادي، في إطار رؤية تؤمن بأن استقرار الزمالك جزء لا يتجزأ من استقرار المنظومة الرياضية ككل.
في النهاية، تكشف أزمة أرض نادي الزمالك عن نموذج لإدارة الدولة للملفات الشائكة، حيث القانون حاضر بقوة، لكن دون تجاهل البعد الإنساني والجماهيري، في معادلة صعبة تؤكد أن الحفاظ على الكيانات الكبرى لا يتعارض مع تطبيق القانون، بل يسير معه جنبًا إلى جنب.
تطبيق نبض