عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

نشأت حمدي يكتب: عبدالله كمال .. شكرا

الكاتب الصحفى نشأت
الكاتب الصحفى نشأت حمدي

"أمامك أسبوعين فى المكان ..إما تثبت انك أهل للعمل هنا او ترحل ..وأعلم ان فشلك سيطاردك" جملة لن أنساها قالها لى الراحل الكبير عبدالله كمال بعد فترة من عملي بـ روز اليوسف، نزلت على مسامعى تلك الكلمات كالسوط الذى يجلد كل قطعة فى جسدي.

كلمات قالها رئيس تحرير روز اليوسف آنذاك فى اجتماع عام حضره اكثر من ١٠٠ زميل، كانت نقطة تحول حقيقية بالنسبة لى فالواقعة تعود الى العام ٢٠٠٨، حيث شهدت مصر أزمة طاحنة وخانقة فى رغيف الخبز كان قبلها بـ٥ أيام على الأكثر اسند لى تغطية وزارة التموين، وهى فترة قصيرة كى اصنع علاقات مع مسئولى الوزارة ، مع اشتعال الأزمة فى الشارع ووقوع ضحايا فى طابور العيش كان يزداد على الضغط لتحقيق تغطية متميزة ،فى وقت كانت الوزارة بكل ما فيها من الوزير الى الغفير فى الشارع، فلا تجد المصدر فى مكتبه او حتى هاتفه متاح أمامك.

كل يوم يمر من تعداد الـ١٥ يوم أسال نفسى كيف لرئيس التحرير ان يضحى بى بتلك السهولة بعد عامين من العمل الشاق قضيتهم فى المكان؟ كلما تحركت خطوة ترن كلمات رئيس التحرير فى أذنى بقوة ..الفشل سيطاردك كلما رددت الكلمة ازداد غضبى وقلقى على مستقبلى فبعد ان كنت انتظر التعيين أصبحت مهدد بالرحيل.

مرت الأيام وانتهت الأزمة، وجدت بعدها هاتف رئيس التحرير يرن عليًا؛ "اثبت انك أهل للمكان.. كمل شغلك بالتوفيق" كم كنت محظوظا أننى تتلمذت على يد واحد من كبار الصحفيين فى مصر رغم أننى ظننت سهولة مهمة العمل معه ولكنها كانت اصعب مما تخيلت نظرا لدهاءه المهني ورغبته الدائمة فى التميز.

أثبتت الأيام ان ما تخيلته ان عملي فى روز اليوسف مجرد نزهة ستنتهى بعد فترة بقرار التعيين، ولكن هيهات فوجدت صراع رهيب نجح رئيس التحرير فى خلقه بين الجميع وجعل المنافسة كأنها آلة عملاقة تعمل ليلا ونهارا، لا يستمر فى تروسها القوية سوى الصحفي المثابر القادر على أن يتحرك بنفس سرعتها كنا يوميًا مطالبين بأفكار للاجتماع الصباحي، وكان الشرط ان تكون مختلفة ثم سرعان ما ننتهى منها لنبدأ فى البحث عن فكرة للغد، كان يومنا كله صحافة لا نفكر ولا نتكلم ولا نتحدث الا عن الأفكار والملفات ومدى قوة العلاقة بالمصدر وغيرها من الأساسيات التي فرضتها علينا طبيعة العمل مع الأستاذ.

اقرأ ايضاً: نشأت حمدى يكتب: الهجارسة.. ومعادن الرجال

عبدالله كمال كان رئيس تحرير مثقف ولديه رؤية واسعة، ويحمل من مقومات النجاح ما جعله واحد من أفضل صحفيين جيله، فى الحقيقة كان يمتلك كاريزما تجمع بين الصرامة والمرونة وبين القوة والعطف، فوق ذلك كان إنسانا بكل ما تحمله الكلمات من معانى.

اليوم يمر٦ سنوات على رحيل الأستاذ الذى رحل عنا بجسده ولكن تظل سيرته حاضرة بقوة بين محبيه وتلاميذه..ندعوا الله له بالرحمة.
تابع موقع تحيا مصر علي