عاجل
الجمعة 03 مايو 2024 الموافق 24 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: الأسئلة الصعبة عن لقاح كورونا

تحيا مصر

هل ستحصل على لقاح كوفيد عندما يصبح متاحًا؟ إذا كنت مازلت بصدد التفكير لاتخاذ قرار بشأن اللقاح، فلاحظ أنه قد يأتي في وقت أقرب مما كنت تظن. في البداية، قيل لن يبدأ إعطاء اللقاحات قبل الربيع والآن حدث تغيير كبير في هذا الجدول الزمني مع الإعلان عن بدء أكبر حملة تطعيم في تاريخ الكرة الأرضية هي بمثابة الضوء في نهاية النفق المظلم. وجاءت جرعة الأمل الأولى من المملكة المتحدة "الجريحة" حيث أنها الأكثر تضررا في أوروبا جراء فيروس كورونا المستجد بعد وفاة نحو 61 ألف شخص. ودُشنت الدفعة الأولى من اللقاحات في 70 مستشفى بريطاني وكانت مارجريت كينان أول سيدة في العالم تحصل على الجرعة الأولى خارج التجارب الإكلينيكية من لقاح تحالف "فايزر الأمريكية وبيونتيك الألمانية". وقد وصفته "كينان" بمثابة بالهدية المبكرة لعيد ميلادها التسعين الذي سيحل الأسبوع المقبل. وعبرت عن سعادتها باللقاح الذي سيمكنها من قضاء وقت ممتع مع عائلتها وأصدقائها في العام الجديد بعد أن كانت محرومة من الاستمتاع بهم بسبب إجراءات التباعد خوفا من العدوى. وستتلقى الجرعة الثانية بعد ثلاث أسابيع حيث أن هذا اللقاح يتضمن جرعتين. أما الشخص الثاني الذي حصل على اللقاح فهو رجل يدعى وليم شكسبير ويبلغ 81 عاما وهو من وارويكشاير التي تصادف أنها مسقط رأس الشاعر الشهير الذي يشترك معه في الإسم. ولن يتأخر كثيرا طرح اللقاحين الآخرين بواسطة مودرنا وأسترازينيكا.
ولو لي أن أجيب شخصيا على السؤال الخاص بالموافقة من عدمها على تلقي اللقاح عندما تبدأ مصر في إتاحته في شهر يناير على الأرجح، سأقول على الفور ودون تفكير نعم ومن اليوم الأول. حسنًا، أعلم أنه لن يكون بالضبط في اليوم الأول. ما أعنيه هو أنني سأكون الأولى في الطابور عندما يحين دوري في جدول التوزيع.
وتشير المعلومات إلى أن التطعيمات ستتاح أولاً للعاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، لأنهم بحاجة لحماية أنفسهم تمهيدا للمساعدة في إنقاذنا. للأسف، خسر القطاع الصحي الآلاف من أطقمه الطبية حول العالم بينما كانوا يساعدون البشرية في محاربة هذا الوحش. وارتفع عدد الإصابات إلى نحو 69 مليون إصابة عالميا وأكثر من مليون ونصف حالة وفاة؛ وتتصدر الولايات المتحدة دول العالم من حيث عدد الإصابات والوفيات. وفي مصر هناك حوالي 120 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، بينهم ما لا يقل عن 6820 حالة وفاة. ولا يمر يوم منذ بداية اجتياح الفيروس في مارس الماضي دون أن تهتز مشاعرنا ونذرف دموعا حارقة على أعزاء لنا اختطفتهم الجائحة من بين أحضان أحبائهم. أقول ذلك في الوقت الذي لم تجف دموع أسرة الطالب يوسف فياض بكلية العلاج الطبيعي بعد وفاته متأثرا بإصابته بفيروس كورونا بينما كان يؤدي امتحانات الفصل الدراسي الأول، وشهدت وفاته حزنا و تعاطفا واسعين من جموع المصريين.

اقرأ أيضًا.. ألفة السلامي تكتب: تجربة ملهمة مع طفل غير عادي!

ورغم ارتفاع أعداد وفيات كورونا من الشباب صغار السن مؤخرا، إلا أن التوصيات مازالت تتجه إلى إعطاء الأولوية لكبار السن فوق 65 في تلقي اللقاح قبل غيرهم وكذلك أصحاب الأمراض المزمنة المعرضين لمخاطر عالية. ولا أعرف أين سيكون ترتيب من هم مثلي في مجموعات الخطر التي تعاني من ضعف المناعة، رغم كوني لست من كبار السن بعدُ، وهل ضعف المناعة يسبق السن المتقدمة أم أنه يتساوى معها في أولوية الحصول على اللقاح. كما أن بعض المعلومات المتداولة بشكل موسع خلال الساعات الماضية -وهي غير مؤكدة حتى الآن- تروج لعدم إدراج أصحاب المناعة الضعيفة والأطفال أقل من 16 عاما والحوامل ضمن من سيتلقون اللقاح.
وقد أظهر استطلاع حديث أجرته شركة اكسيوس-ابسوس في الولايات المتحدة الأكثر تضررا في العالم من حيث الإصابات والوفيات أن 51٪ من الأمريكيين يقولون إنهم من المرجح أن يكونوا في المقدمة لأخذ اللقاح. ويمثل ذلك زيادة بمقدار 14 نقطة في إقبال الناس على اللقاح منذ سبتمبر الماضي. ولا تبدو هذه القفزة في الحماس للقاح مفاجئة بالنظر إلى الارتفاع المسجل في حالات كورونا بالولايات المتحدة والتي تشير إلى شتاء صعب على الشعب الأمريكي. وترتفع هذه الرغبة في تلقي اللقاح إلى 70 % إذا تمكن مسؤولو الصحة العامة من إثبات أن اللقاح آمن وفاعليته عالية، حسب نتائج الاستطلاع. ومع الكم الهائل من المعلومات المضللة التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي حول الوباء- في الولايات المتحدة بالذات- أعتقد أنه من الجيد زيادة تقبل الأمريكيين لأخذ اللقاح. لكن المفاجأة أن الأشخاص الأكثر تشككًا في اللقاحات، بناءً على استطلاعات الرأي، هم العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين يبدون تخوفا من اللقاحات لأنهم يعتبرون أنها لم تخضع لما يكفي من الاختبارات ويفضلون التريث في تلقيح أنفسهم، خاصة بالنسبة لعقار تم تطويره في أقل من عام ولم يكن من الممكن متابعة دراسات طويلة الأجل بشأنه والتي عادة ما تستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات. ومع تفهم المخاوف المشروعة بشأن أي دواء جديد إلا أنها عندما تصدر من الأطقم الطبية فهذا يحث الناس على عدم الثقة في اللقاحات. ولعل أنصار الخطاب المشكك في فاعلية اللقاحات يلتقون مع أبناء عمومتهم الرافضين لارتداء القناع (الماسك) وهم جميعا يشتركون في كونهم أهم تحدى لاستجابة الصحة العامة للتغلب على الفيروس اللعين خاصة مع انعدام الثقة الذي يغذي نظرية المؤامرة حول ظهور كوفيد-19 وتفشيه المتعمد.
وكنت أتمنى أن أجد بالمثل استطلاعات للرأي على المستوى المحلي والعربي حول اتجاهات الناس وموقفهم من اللقاحات. وربما يتولى مركز من المراكز الموجودة في مصر تنفيذها خلال الأيام المقبلة لنتبين التقديرات، خاصة في ضوء حجز وزارة الصحة لنحو 20 مليون جرعة من فايزر-بيونتيك.
ومع ذلك، فإن منظمة الصحة العالمية والعلماء والمطورين بذلوا جهودًا مضاعفة لطمأنة الناس بأنه لا مجال للتهور أو المجازفة في الأبحاث التي تم تسريعها وأنها أعطت نتائج آمنة دون تخطي أي مراحل لضمان السلامة والفعالية.
وهناك أيضًا مخاوف أخرى من أن اللقاحات يمكن أن تمنح الجمهور إحساسًا زائفًا بالأمان وبأن الوباء قد انتهى. لكن اللقاح في حقيقة الأمر لن يؤدي بطريقة سحرية إلى اختفاء الفيروس ومن الواضح أننا سنظل بحاجة إلى ممارسة التدابير الثلاثة على الأقل لبعض الوقت لتجنب العدوى والانتشار وهي ارتداء الماسك والتباعد مسافة آمنة وغسل الأيدي بالصابون جيدا، خاصة في ضوء أنه لن يتمكن الجميع من الوصول إلى اللقاحات على الفور، ولأن فعالية اللقاحات بمجرد إعطائها للناس لن تماثل دائمًا نتائج فعاليتها المسجلة في الدراسات حول الحالات الخاضعة للرقابة. والتطعيم هو في أحسن الأحوال أداة جديدة ضد الفيروس في إعادتنا إلى الوضع الطبيعي، أو على الأقل إلى الوضع المقبول، كما سيكون التطعيم فرصة لالتقاط الأنفاس في مستشفيات العالم التي تعالج عددا قياسيا من مرضى كوفيد-19.
وفي محاولة للحد من البلبلة، أعلن فيسبوك مؤخرا عن إزالة الادعاءات الكاذبة حول اللقاحات ضد الفيروس. جاء ذلك بعد أن قام الشهر الماضي بحظر الإعلانات المضادة للقاحات، لكن من الملاحظ أن نشر التغريدات المتضمنة لمعلومات مضللة عن اللقاحات عملية مستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
في وقت سابق، نشرت مجلة "ناتير" (الطبيعة) دراسة عن أنماط انتشار المعلومات الخاطئة عن اللقاحات على فيسبوك. وأظهرت الدراسة كيف أن صفحات ومجموعات على فيسبوك أكثر قدرة على إشراك وتجنيد المستخدمين "المشككين" مقارنةً بالمؤيدين للقاح. ويبدو أن مجرد إزالة الإعلانات لن يقضي على المصادر المؤثرة في تغذية المحتوى المضاد للقاح. في المقابل، لوحظ أن نشاط العلماء والأطباء محدودا في شرح أساسيات تطوير اللقاح وما يمكن أن يعنيه ذلك لعالم انقلب رأسًا على عقب بسبب الوباء. صحيح أنه مع بدء إعطاء اللقاح يكون قد مر بالفعل بتجارب سريرية متعددة لإثبات سلامته، كما أن فعالية لقاحات فايزر و موديرنا تفوق نسبتها الـ 90%، وفقًا للشركتين، لكن من الضروري أن نعترف بأن بعض الناس سيرغبون في سماع تلك المعلومات من الأشخاص الذين يرتدون المعاطف البيضاء مع بدء التطعيمات، كما أن تلقي الأطقم الطبية والشخصيات العامة التطعيم علنا وأمام الكاميرات من شأنه أن يرفع مستوى الثقة لدى الجمهور العريض في اللقاحات. ولعل مبادرة أربع رؤساء في الولايات المتحدة (بايدن، أوباما، بوش الإبن، وكلينتون) بتلقي اللقاح علنا خلال الأيام القادمة من شأنه تشجيع رؤساء آخرين ومسئولين ونجوما لهم شهرة عالمية إضافة إلى المواطنين العاديين على فعل الشيء نفسه!
[email protected]
تابع موقع تحيا مصر علي