عاجل
الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: مجنونة يا "بيتكوين"!

ألفة السلامي- ارشيفية
ألفة السلامي- ارشيفية

قفز سعر عملة بيتكوين في الأسبوع الأول من يناير الجاري بما يعادل 40 ألف دولار بينما كان سعر هذه العملة في نفس الفترة من يناير العام الماضي ما يعادل 8 آلاف و170 دولارا.

وتضاعفت قيمة بيتكوين أكثر من ثلاثة أضعاف خلال عام، مما جعل المراقبين يلقبونها بـ "المجنونة"! "بيتكوين" هي عملة رقمية افتراضية، ليس لها وجود مادي، وغير مغطاة بأصول ملموسة، ويجري تداولها عبر شبكة الإنترنت، ولا يصدرها أي بنك مركزي، وتعتمد العملة بدلا من ذلك على برنامج على أجهزة الكمبيوتر أو تطبيق الهاتف الذكي، حيث يقوم بتوفير محفظة بيتكوين ويسمح للمستخدم بإرسال واستقبال عملات بيتكوين كما يمكن لمستخدمي العملة شراء المنتجات والخدمات على الإنترنت من خلال مواقع تبادل العملات الأليكترونية، واستبدالها بغيرها من العملات المعروفة مثل الدولار واليورو وغيرهما.

الغريب أن مخترع هذه العملة ومصممها شخص له هوية غامضة يتخذ اسما مستعارا هو "ساتوشي ناكاموتو".

والسؤال: لماذا ترفض حكومات العالم عملة بيتكوين وتحارب تداولها؟ ترفض الحكومات العملات الافتراضية المشفرة بما في ذلك عملة بيتكوين- باستثناء ألمانيا- لكونها عملة غير خاضعة لأي رقابة ولا تديرها أي جهة، كما يصعب تتبعها لأنها مشفرة، مما قد يجعلها العملة الأمثل لعمليات غسيل الأموال والتجارة المحظورة كالسلاح والإرهاب والمخدرات والأعضاء والدعارة والبشر. ولعل ما يرجح فرضية التجارة غير المشروعة هو الحجم الضخم للتعامل في بيتكوين بما يعادل نحو 300 مليار دولار قيمة سوقية.

كما أن عدم خضوع العملة لرسوم تداول أو ضرائب على الشركات التي تتعامل بها يوسع نشاطها بل يجعله أقرب للفقاعة. غير أن اعتراف ألمانيا بعملة بيتكوين قد يفتح الباب لدول أخرى لتقنينها.

وهذا إن تحقق سيجلب لهم أموالا طائلة من الضرائب التي تفرض على الشركات التي تجني أرباحا من وراء التعامل بهذه العملة. وهناك آراء تشير إلى إن حكومة الصين المركزية القوية - وإن كانت تحظر بيتكون- إلا أنها ربما تشجع التعامل بها بشكل خفي حتى تكسر شوكة الدولار الذي تتحكم فيه الولايات المتحدة.

ويستند هذا الرأي على العدد الضخم من الصينيين الذين يتداولون هذه العملة وهم العدد الأكبر في العالم، يليهم اليابانيون والأمريكيون.

صحيفة نيويورك تايمز نشرت مؤخرا تحقيقا عن شركة أمريكية تُعنى بخدمات بيتكوين والوساطة في بيعه وتحويله، ذكرت أن عدد من فتحوا حسابات جديدة لديها في الأشهر الأخيرة تجاوز 13 مليون أمريكي.

ويلاحظ أيضا أن موقع جوجل يتعامل مع بيتكوين كعملة وينشر يوميا سعر التحويل مقارنة بغيرها من العملات.

كما أصبحت لدى بيتكوين عقود مستقبلية، بمعنى يمكن شراء وبيع بيتكوينات في المستقبل بسعر اليوم؛ فإذا انخفض أو ارتفع السعر مستقبلا يجني صاحبها الفرق. وفي مصر، رغم وجود الكثير من المصريين يتعاملون في عملة بيتكوين إلا أنها ممنوعة من البنك المركزي كما أصدرت دار الإفتاء فتوى بتحريمها عام 2017 وذكرت من بين أسباب التحريم أنها تسهل بيع الممنوعات وغسل الأموال والتهرب من الضرائب، وتؤدي لإضعاف قدرة الدول على الحفاظ على عملتها المحلية واستقرارها. 

ويؤكد المطلعون على سوق العملات الافتراضية أن القوة التي اكتسبتها عملة بيتكوين سببها الأزمة الاقتصادية والركود الحالي خاصة في ظل جائحة كورونا، حيث يلجأ إليها المتعاملون كملاذ آمن للحفاظ على قيمة أموالهم والتحوط من عدم الاستقرار المالي مثلها مثل شراء الذهب.

ويرجحون أن سوق العملات الافتراضية سيزدهر بدوره، حيث يضم ما لا يقل عن 60 عملة أخرى منها 6 عملات رئيسية، إلى جانب بيتكوين.

والملفت بعد "جنون" بيتكون في السنة الجديدة استئناف الحديث عن المستقبل الواعد للعملات المشفرة في دوائر اقتصادية موثوق بها مثل "مورجان ستانلي لإدارة الاستثمار" حيث اقترح كبير الخبراء الاستراتيجيين في هذه المؤسسة المالية أن بيتكوين يمكن أن تحل محل الدولار كعملة احتياطية عالمية.

في المقابل، تراهن آراء اقتصادية كثيرة على أن عملة بيتكوين لن يستمر صعودها في السوق لأمد بعيد؛ إذا كانت قيمتها ترتفع بسرعة كبيرة، فقد تنخفض أيضًا بنفس السرعة وبشكل حاد! كما أنه لا يمكن إغفال أن حكومة الولايات المتحدة لا تريد نظامًا ماليًا يتطور خارج نطاق سلطة الاحتياطي الفيدرالي الذي يتحكم في معظم اقتصاديات العالم. وكذلك الشأن بالنسبة لحكومات وبنوك كثيرة أخرى تسعى لإبطاء مسيرة التمويل المشفر.

اقرأ أيضًا..ألفة السلامي تكتب عن الدعوى ضد "فيسبوك": مرتضى منصور النسخة الأمريكاني

وسيظل على الأرجح الصراع قائما لفترة قادمة بين المتحمسين للعملات الافتراضية المشفرة، التي تسمح للمشترين والبائعين بجني الأرباح خارج الأنظمة الضريبية، وبين الحكومات والمؤسسات المالية التي تعتبرها أسواقا سوداء لا تخضع معاملاتها للشفافية المطلوبة.. فلمن تكون الكلمة النهائية؟
تابع موقع تحيا مصر علي