عاجل
الأحد 05 مايو 2024 الموافق 26 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

تقليل الإنتاج أم التصدير.. أيهما تلجأ إليه الحكومة لحل «تخمة الأسمنت»

مصانع الأسمنت تبحث
مصانع الأسمنت تبحث عن حل

هناك تخمة في المعروض.. بهذا الاختصار اعترفت دوائر صناعة الأسمنت في مصر، بوجود أزمة في الصناعة، لكنهم عادوا وأكدوا أن الحكومة لا  تؤول جهدًا، للخروج بهذه الصناعة الهامة من كبوتها قريبًا.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه قبل يومين، بالاستمرار فى جهود تحقيق توطين الصناعة، وتوفير المناخ الداعم لقطاع الصناعات الوطنية الثقيلة، وفى مقدمتها صناعة الأسمنت والحديد والصلب، وذلك لدورهما المهم فى النهوض بالاقتصاد القومى، باعتبارهما من المكونات الأساسية التى تدخل فى عملية التنمية غير المسبوقة، التى تتم فى جميع القطاعات، وعلى كامل رقعة الجمهورية، خاصةً ما يتعلق بالمجتمعات العمرانية والسكانية والمدن الجديدة وما يتصل بها من بنية أساسية وطرق ومحاور.

جاء ذلك، خلال اجتماع للرئيس مع كل من الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس شريف إسماعيل، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، والدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، بحضور اللواء محمد أمين نصر، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية.

وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الاجتماع تناول «متابعة الخطوات التنفيذية المتخذة من قِبَل الحكومة لتطوير قطاعى صناعة الأسمنت والحديد والصلب».

وأوضح المتحدث الرسمى أنه تم عرض أبرز التحديات التى تواجه قطاعى الأسمنت والحديد والصلب فى مصر، ولاسيما ما يتعلق بالطاقة الإنتاجية وهيكل تكاليف الإنتاج والتسويق، فضلًا عن عدد من المحاور التنفيذية وآليات التحرك المطروحة للتغلب على تلك التحديات، وذلك من خلال اعتماد سياسة صناعية متكاملة الأبعاد، تضمن تعميق التصنيع المحلى وتعزيز القدرة التنافسية والتغلب على المعوقات اللوجستية ذات الصلة وتوفير البنية الأساسية اللازمة.

هل يخرج قطاع الأسمنت قريبا من أزمته؟ من المتوقع الإعلان هذا الأسبوع عن اتفاق ينص على أن تخفض شركات الأسمنت العاملة في السوق المحلية إنتاجها، جنبا إلى جنب مع مجموعة من الإجراءات الأخرى على مستوى القطاع لدعمه في مواجهة الأزمة التي يتعرض لها في الوقت الراهن، بعد محادثات بين وزارة التجارة والصناعة وأصحاب المصانع.

 

وسيضع الاتفاق المرتقب سقفا للإنتاج في السوق من خلال تعديل بنود معينة في تراخيص المصانع، في محاولة لانتشال القطاع من أزمة زيادة المعروض التي يعانيها منذ سنوات. وتعكف الوزارة حاليا على مناقشة الاتفاق، ومن المتوقع أن تعرضه على مجلس الوزراء قريبا لإقراره.

قطاع الأسمنت تكبد خسائر تتجاوز قيمتها مليار جنيه في السنوات الأخيرة بسبب أزمة تخمة المعروض، بحسب ما نقلته صحف محلية عن عدد من المصنعين.

وأشارت تقديرات العام الماضي إلى أن الطاقة الإنتاجية للبلاد بلغت 83 مليون طن في 2020، في حين تراجع ​​الاستهلاك المحلي إلى أقل من 50 مليون طن.

 

ويخالف بائعو الأسمنت هذا التصور، قائلين إن وضع سقف للإنتاج لن يؤدي إلا إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، ويرون بدلا من ذلك أن التصدير هو الحل الأمثل. غالبية المصانع خفضت بالفعل إنتاجها في محاولة منها للحفاظ على الأسعار المحلية مرتفعة، وفق ما صرح به أحمد الزيني، موزع الأسمنت ورئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية.

 

وأضاف أن العديد من المصنعين يترددون في التصدير نظرا لتراجع جاذبية الأسعار في الأسواق العالمية. ودعا الزيني الحكومة مجددا إلى إلزام المصانع بتصدير ما لا يقل عن 5% من إجمالي الإنتاج للحد من فائض المعروض.

 

المشكلة: الأسواق التقليدية لصادرات الأسمنت المصري قد انهارت. قبل عام 2011، صدرت مصر كميات كبيرة من الأسمنت إلى عدد من الدول، مثل اليمن وسوريا وليبيا، والتي لم تعد بعد في وضع يسمح لها باستيراد الكثير الآن. وفي الوقت ذاته، اشتدت حدة المنافسة إقليميا، مع قيام دول (مثل المملكة العربية السعودية والجزائر) والتي تقدم أسعار مدعمة للوقود للمنتجين المحليين، بتصدير منتج أرخص كثيرا. في المقابل، بدأت مصر في خفض دعم الوقود منذ عام 2016، وهو ما نتج عنه ارتفاع أسعار الشحن، وجعل من نقل المنتجات غير ذا جدوى اقتصادية.

 

ما الذي جرى فعله لتحقيق التوازن في السوق؟ ضغط اللاعبون الرئيسيون في قطاع الأسمنت مرارا وتكرارا على الحكومة من خلال إرسال العديد من المذكرات والاستغاثات، لمطالبتها بالتدخل لحل المشكلات التي يواجهها القطاع والتي أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج واضطرار المصانع للعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية القصوى. وحتى الآن، اقتصر رد الفعل الحكومي على خفض أسعار الغاز الطبيعي الموجه للمصانع في إطار حزمة الإجراءات التحفيزية التي أقرتها في مارس من العام الماضي لحماية اقتصاد البلاد من تداعيات "كوفيد-19".

 

لكن مصنعي الأسمنت وبعض المحللين قالوا إن هذا ليس كافيا لحل مشاكل القطاع، وقدم كل منهم وجهة نظر مختلفة لحل الأزمة. وبعيدا عن فكرة أن التصدير هو الحل الأمثل لامتصاص فائض الإنتاج، تضمنت المقترحات الأخرى المقدمة إجراء تعديل على ضريبة الدخل لصالح شركات الأسمنت، أو وضع الحكومة حدا أدنى للأسعار، وأخيرا الانتظار لحين خروج اللاعبين غير الأكفاء من السوق.

 

وألقت أزمة تخمة المعروض من الأسمنت في السوق ظلالا ثقيلة على القطاع لسنوات. وتركت العديد من المنتجين يعانون من شح السيولة مع اتجاههم لتخفيض الأسعار رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج، وذلك في محاولة للاستمرار في السوق، وقد تجبر أيضا نحو 6 شركات على الخروج من السوق في حال استمرارها أكثر من ذلك. وتفاقمت أزمة زيادة المعروض، التي بدأت في عام 2016، حينما افتتحت الدولة مصنع أسمنت في بني سويف بقدرة إنتاجية تبلغ 13 مليون طن سنويا في عام 2018.

 

وعمقت الجائحة وقرار الحكومة العام الماضي بوقف تراخيص البناء لمدة 6 أشهر، من الأزمة وساهمت في تراجع الطلب المتدني بالأساس، مما اضطر المصانع إلى خفض الأسعار وتسريح العمال في محاولة للاستمرار.

 

تراجعت صادرات البلاد من الأسمنت بنسبة 12% في العام الماضي، بسبب الاضطرابات السياسية في سوريا وليبيا واليمن، وهي الوجهات الرئيسية لصادرات الأسمنت المصري.

تابع موقع تحيا مصر علي