عاجل
الخميس 09 مايو 2024 الموافق 01 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ذبيح الله مجاهد بعد رحيل أمريكا: لحظة تاريخية ونحن فخورون بها.. الإرهاب وهجرة الأدمغة والعزلة الدولية أبرز التحديات التى تواجه حركة طالبان

تحيا مصر

بعد رحيل آخر الجنود الأمريكيين، من أفغانستان، وبعد أن باتت حركة طالبان تسيطر وتتحكم في الحكم بالبلاد، احتفل مقاتلو حركة طالبان، بانتصارهم، ما يُنهي حرباً استمرت 20 سنة، ويفتح فصلاً جديداً في البلاد ستواجه فيه هذه الحركة الإسلامية تحديات لا يُستهان بها بعدما باتت السلطة الجديدة الحاكمة في أفغانستان، وأطلقت حركة طالبان وابلًا من الرصاص في الهواء احتفالاً في كابول بعد الإعلان عن الانسحاب النهائي للجيش الأمريكي الذي عدّته الحركة نجاحاً «تاريخياً» لها.

المتحدث باسم حركة طالبان

وصرح المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد، للصحافيين، بعد ساعات من دخول الحركة المطار: «نهنئ أفغانستان إنه نصر لنا جميعاً». وأضاف، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن «الهزيمة الأمريكية درس كبير لغزاة آخرين ولأجيالنا في المستقبل... إنه أيضاً درس للعالم».

يوم تاريخي

 وقال: «هذا يوم تاريخي، إنها لحظة تاريخية ونحن فخورون بها». وقال مجاهد: «نريد علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والعالم»، مضيفاً أن «الإمارة الإسلامية خاضت جهاداً على مدى السنوات العشرين الماضية. الآن لديها كل الحق في إدارة الحكومة المقبلة، لكنها تبقى ملتزمة بتشكيل حكومة جامعة»، وعلت صيحات الفرح أيضاً في قندهار بجنوب البلاد، في قلب معقل البشتون التي يتحدر منها عدد كبير من عناصر «طالبان». ونزل أنصار الحركة إلى شوارع ثانية مدن أفغانستان ليلاً على متن شاحنات صغيرة أو دراجات نارية.وجال مقاتلو حركة طالبان، منتصرين صباح أمس، في مطار كابول بعد اكتمال الانسحاب الأمريكي، ووقف عناصر من القوات الخاصة التابعة للحركة وتُسمّى كتيبة «بدري 313» وهم يرتدون أحذية وسترات ذات اللون الكاكي فوق بزاتهم المموّهة، لالتقاط صور، حاملين أسلحة أمريكية ورافعين علمهم الأبيض الذي كُتبت عليه باللون الأسود الشهادتان.وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن مطار كابل المدني تعرّض للتخريب، وملأت رصاصات فارغة الأرض قرب مداخله.وخلال الأيام الـ15 التي تلت سيطرة حركة طالبان، على العاصمة في 15 أغسطس، شهد محيط المطار تجمع حشود كبيرة في محاولة للصعود على متن رحلات الإجلاء التي نظّمتها الدول الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة. لكن بقي عدد كبير من الأفغان عالقين خارج هذه المنطقة بسبب سلسلة حواجز أقامتها الحركة، وأُزيلت أمس جميع نقاط التفتيش هذه على الطريق المؤدي إلى المطار، باستثناء واحدة.وداخل حرم المطار، بقيت عشرات الطائرات والمروحيات التي منحتها واشنطن للجيش الأفغاني، فارغة بعدما أعطبتها القوات الأمريكية قبل انسحابها.

كينيث ماكنزي

وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي، خلال مؤتمر صحافي، إنّ قواته «نزعت سلاح» نحو 73 طائرة، أي أعطبتها وجعلتها غير قابلة للتشغيل مرة أخرى، وأكد أن «هذه الطائرات لن تحلّق مرة أخرى»، مضيفاً: «لن يتمكّن أحد من استخدامها».

وحُطّمت نوافذ قمرات القيادة في الطائرات وثُقبت إطاراتها. وعطّل الجيش الأمريكي أيضاً 70 عربة مصفّحة مقاومة للألغام -تبلغ كلفة الواحدة منها مليون دولار- و27 مركبة «هامفي» مدرّعة خفيفة، في ختام جسر جوي أُقيم على مدى أسبوعين وسُمح بإجلاء نحو 123 ألف شخص من البلاد، معظمهم أفغان.  

ودمّرت الولايات المتحدة أيضاً منظومة دفاع صاروخية من طراز «سي - رام» نُصبت لحماية مطار كابل، وهي المنظومة التي اعترضت الإثنين خمس هجمات صاروخية شنّها تنظيم «داعش» على المطار.وأوضح الجنرال ماكنزي أنّ «تفكيك هذه الأنظمة إجراء معقّد ويستغرق وقتاً طويلاً، لذلك قمنا بنزع سلاحها حتى لا يتمّ استخدامها مرة أخرى».

خسائر الولايات المتحدة 2500 جندي و2313 مليار دولار

وانتهى الانسحاب العسكري الأمريكي قبل 24 ساعة من الموعد الذي حدده الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقد خسرت الولايات المتحدة نحو 2500 جندي ودفعت 2313 مليار دولار على مدى عشرين عاماً، حسب دراسة أجرتها جامعة براون، وهي خرجت من أفغانستان وقد تضررت صورتها بسبب عجزها عن توقع الانتصار السريع لـ«طالبان» وإدارتها لعمليات الإجلاء.وذكرت الوكالة الفرنسية أن حركة طالبان، سيكون عليها الآن بعدما باتت في الحكم أن تواجه تحديات في إحدى أفقر دول العالم والمعزولة دبلوماسياً والتي تخرج من أكثر من أربعة عقود من الحرب.وأشارت إلى أن أحد هذه التحديات يتعلق بالشكوك في الحركة من جانب السكان المثقفين والمتعلمين وذلك لسبب وجيه. إذ لا يزال الكثير من الأفغان يذكرون فترة 1996 - 2001 حين كانت الحركة في السلطة وتطبق نموذجاً متشدداً من الشريعة. ولم يكن يحق للنساء العمل أو للفتيات ارتياد المدارس. وتم إعدام معارضين سياسيين واضطهاد الأقليات الإثنية. وبعد عشرين عاماً، تؤكد حركة طالبان، أنها تعتزم اعتماد سياسة مختلفة بما يشمل مجال حقوق المرأة، كما وعدت بتشكيل حكومة شاملة، وأقامت اتصالات خصوصاً مع الرئيس السابق حامد كرزاي، وأوفدت ممثلين لإجراء محادثات مع أقلية الهزارة الشيعية التي واجهت اضطهاداً خلال حكم حركة طالبان، في التسعينات، وإذا كانت بعض المناطق الريفية في البلاد، حيث كان يريد السكان انتهاء العنف قبل كل شيء، قد رحبت بعودة «طالبان» إلى السلطة فإن الكثير من الأفغان حذّروا من أنهم لن يحكموا سوى على الأفعال. ولا يزال عدد كبير من النساء في المدن، في منازلهن، ما يدلّ على عدم الثقة المستشري، حسب الوكالة الفرنسية.

المساعدات الدولية

ومن التحديات التي تواجه حركة طالبان، أيضاً أن المساعدات الدولية شكّلت في السابق أكثر من 40% من إجمالي الناتج الداخلي، لكنّ قسماً كبيراً منها بات معلقاً اليوم، وليس في إمكان الحركة الوصول إلى الأموال في البنك المركزي الأفغاني الموجودة بغالبيتها في الخارج، وسبق أن أعلنت واشنطن أن حركة طالبان، لن تتمكن من الوصول إلى الأموال الموجودة في الولايات المتحدة، وبالتالي يمكن أن يتطور الوضع إلى كارثة في وقت ستضطر فيه الحركة لإيجاد المال سريعاً لدفع رواتب الموظفين الحكوميين وتسيير البنى التحتية الحيوية (مياه، كهرباء واتصالات).

هجرة الأدمغة

وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، سيكون على حركة طالبان، مواجهة نقص آخر مهم ودراماتيكي أيضاً هو هجرة الأدمغة، فالعديد من الأفغان المتعلمين من خبراء قانونيين وموظفين حكوميين وتقنيين فرّوا من البلاد عبر رحلات الإجلاء في الأسابيع الماضية، وما يدل على قلقها، أن حركة طالبان، حضت الأسبوع الماضي الغربيين على إجلاء الأجانب فقط وليس الخبراء الأفغان مثل المهندسين، الذين تحتاج إليهم البلاد.

العزلة الدولية

وعلى صعيد العزلة الدولية، يبدو أن حركة طالبان، تميل اليوم إلى السعي للحصول على اعتراف أكبر في الخارج رغم أن غالبية الدول علّقت أو أغلقت بعثاتها الدبلوماسية في كابول، وتُجري الحركة اتصالات مع عدد من القوى الإقليمية، مثل باكستان وإيران وروسيا والصين أو حتى قطر، لكنّ أياً منها لم يعترف حتى الآن بالنظام الجديد في كابول وقد حذرت الولايات المتحدة من أن حركة طالبان يجب أن «تستحق» شرعيتها.  

الإرهاب التحدي الأكبر في مواجهة الحركة

ويبقى التحدي الإرهابي، إذ لم تؤدِّ سيطرة حركة طالبان، على البلاد إلى إنهاء تهديدات التنظيمات الإرهابية كما أثبت الاعتداء الذي وقع في 26 أغسطس في محيط مطار كابل والذي تبناه الفرع المحلي لتنظيم «داعش». ويبدو التحدي معقداً لـ«طالبان» في هذا الشأن، إذ إن عليها الدفاع عن الشعب الأفغاني في مواجهة نفس نوع الهجمات التي كان مقاتلوها ينفذونها على مدى سنوات في البلاد.

تابع موقع تحيا مصر علي