عاجل
الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

«رحيل رمز وطني».. ساحات العدالة والنضال السياسي تفقد المستشارة تهاني الجبالي 

تحيا مصر

مسيرة وطنية زاخرة بالمواقف التاريخية المشرفة

مواجهات شرسة مع جماعات الظلام في سنوات الاضطراب

نعي رسمي مؤثر وحالة حزن جماعي تعم الأوساط القضائية والسياسية

فقدت الساحة الوطنية المصرية اليوم، أحد أهم رموزها وكوادرها النسائية ووجوها المشرفة، التي سطرت إسمها وإنجازاتها بحروف من نور، وهي المستشارة تهاني الجبالي التي وافتها المنية اليوم إثر الإصابة بالوباء العالمي كوفيد 19، لترحل عن عالمنا في ساعة مبكرة صباح الأحد.

 

يرصد تحيا مصر الأثر البالغ والإرث الوطني للمستشارة الراحلة التي تم نقلها منذ أيام إلى مستشفى العجوزة لتلقي العلاج.، قبل أن تفارق الحياة عن عمر ناهز 71 عاماً، حيث تملك الجبالي مسيرة امتدت لعقود من العمل القضائي والوطني وتصدر العمل العام، والاستبسال في الدفاع عن مصالح الدولة الوطنية خلال سنوات الإضطراب ومابعد 2011.

الأثر البالغ

تملك المستشارة الراحلة مسيرة وطنية يميزها المحطات النوعية وليس مجرد الوصول إلى مناصب معتادة أو إنجازات مكررة، حيث كانت أول امرأة مصرية تتولى مهنة القضاء في الحقبة المعاصرة، بعدما شغلت منصب رئيس المحكمة الدستورية العليا في أكثر فترات المحكمة حساسية، لما أصدرته من أحكام كان لها بالغ الأثر في المشهد السياسي والدستوري المصري بعد ثورة 25 يناير.

 

وتأتي ضمن المحطات المضيئة للقامة القضائية الراحلة، صدور قرار جمهوري  في 22 يناير 2003 بتعينها نائبة لرئيس المحكمة الدستورية ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا، كأول قاضية مصرية، حتى عام 2007، حيث عينت في ذلك العام 32 قاضية بالقضاء العالي، لتصبح القاضية تهاني صاحبة أعلى منصب قضائي تحتله امرأة في مصر. وتحفل الذاكرة القانونية للبلاد بذكى انتخاب تهاني الجبالي كأول عضوه في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، لتصبح أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المستوى بالاتحاد منذ تأسيسه في عام 1944 م.

مواجهات شرسة

خاضت المستشارة تهاني الجبالي معارك قضائية مشهورة بعزيمة صلبة وإرادة لا تلين، ففي 5 يوليو 2018 رفضت المحكمة الدستورية العليا، دعوى المستشارة تهاني الجبالي، النائبة السابقة لرئيس المحكمة، المطالبة ببطلان دستور 2012، وعودتها قاضية بالمحكمة، حيث طالبت في دعواها ببطلان الوثيقة الدستورية، التي صدرت باسم دستور 2012، في ما تضمنته من النص على تحديد عدد معين لأعضاء المحكمة الدستورية العليا، بهدف الإطاحة بها من عضوية المحكمة، وهو ما تعتبره الدعوى انحرافًا تشريعيا ودستوريا.، وسبق أن أوصى تقرير هيئة مفوضي المحكمة، بعدم قبول الدعوى. ورغم عزلها عن المحكمة الدستورية المصرية بمادة في الدستور أعدتها خصيصا الجماعة الإرهابية لها ولـ7 قضاة آخرين، لم ترهبها تهاني الجبالي يوما دعوات الإخوان الإرهابية باستباحة دمها، ولكنها أصرت على استكمال مسيرة الكفاح ضده، ولم تصمت عن قول الحق والدفاع عن الوطن. ورغم حالة الزخم التي سبقت عواصف الاضطراب في 2011، وماقبلها وما بعدها، فتمكنت الجبالي وسط ذلك من الحصول على أكثر من 30 وسام ودرع تكريمي، أبرزها: درع الأمم المتحدة للعمل الاجتماعي، درع المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية عام 2003، درع العيد الخمسيني لاتحاد المحامين العرب عام 1999، درع الاتحاد النسائي التقدمي عام 2000 م، درع منظمة المرأة العربية عام 2004 م.

 

وللراحلة تصريح شهير قالت فيه إن "القاضي الدستوري لا يجوز أن يصمت حين تهدد أركان الدولة أو تهدد حقوق وحريات المواطنين، وبالتالي عليه أن يتحدث"، روت فيه خلال تصريحات تليفزيونية صراعها مع الإخوان قبل ثورة 30 يونيو 2013، والتي دفعتهم للتخلص منها، مؤكدة أن المواجهة التي حدثت مع الإخوان كانت مواجهة وطنية.

نعي رسمي 

وسط فيض من التعازي والكلمات المؤثرة في نعي قامة بحجم وقدر وقيمة تهاني الجبالي، سطعت كلمات وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، التي نعت المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقًا ومقرر لجنة مواجهة التطرف والإرهاب بالمجلس الأعلى، حينما قالت إن الراحلة إحدى أهم حارسات القانون وأول امرأة تتولى منصبا قضائيا في العصر الحديث، مؤكدة أنها دافعت بقوة عن الكثير من الحقوق الدستورية للمواطن المصرى ووجهت العزاء لأسرتها وأصدقائها داعية الله أن يتغمد الفقيدة برحمته. بعها قدم لمستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ، نعيا مؤثرا في حق المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقاً والتى وافتها المنية اليوم، مؤكدا أن مصر فقدت شخصية قضائية وسياسية كبيرة لها الكثير من المواقف الوطنية التى لا تُنسى، مشيراً إلى أن المستشارة تهانى الجبالى أثبتت خلال حياتها العملية قوة وصلابة شخصية المرأة المصرية وبما أهلها لأن تكون أول قاضية مصرية فى عصرنا الحديث وتدرجت لأعلى منصب قضائى تحتله المرأة فى مصر.

 

كما نعى رجائي عطية، نقيب المحامين، رئيس اتحاد المحامين العرب، ومجلس النقابة العامة، المستشارة تهانى الجبالى، وقال: ببالغ الحزن والأسى أتقدم بصادق عزائي ومواساتي وأعضاء مجلس النقابة العامة في وفاة المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقًا، سائلين الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته ويغفر لها ويرحمها ويسكنها فسيح جنانه، وأن يلهم أفراد العائلة الصبر والسلوان.

تابع موقع تحيا مصر علي