عاجل
الأحد 12 مايو 2024 الموافق 04 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ياسر حمدي يكتب: من يحكم فوضى بيع الدواء إلكترونيًا في مصر

تحيا مصر

أحصل على الدواء الذي تريده بدون عناء، ولا تكبد نفسك مشقة الذهاب لعيادات الأطباء، وإنفاق الأموال على الفحوصات والتحاليل، فالأمر أبسط مما تتخيل، ليس عليك إلا أن تصف لنا حالتك بدقة، وتحدد ما تعانيه من مشكلات صحية، وتأكد أن لدينا الدواء الشافي.. لدينا أعشاب تعالج السرطان، والعقم والعجز الجنسي، ولدينا مستحضرات طبيعية لعلاج الفشل الكلوي، والتهابات الكبد، وأمراض المعدة والمرارة، كما نتميز بخبرتنا العريضة في مجال التخسيس وشد البشرة وعلاج الصلع الوراثي وما إلى ذلك من مشكلات تجميلية.

تحيا مصر

العبارات السابقة تمثل نموذجاً للإعلانات الطبية المنتشرة عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل والقنوات الفضائية التي تبث بطرق غير قانونية، والتي تروج لشراء الدواء - مع التحفظ على مفردة الدواء - إلكترونياً، أو من خلال التوصيل للمنازل، واللافت للنظر في معظم هذه الإعلانات، هو إعتمادها على لغة جذابة وإيحاءات تشير إلى النجاح الباهر الذي يحققه هذا «المنتج الدوائي» أو ذاك.. ولا ضير في أن يقدم الموقع أو المنصة روايات لأشخاص جربوا الدواء فتحقق لهم الشفاء التام، وتخلصوا من الألم إلى غير رجعة.

ياسر حمدي يكتب: من يحكم فوضى بيع الدواء إلكترونيًا في مصر؟

أمام هذه الدعاية البراقة، ووسائل الجذب الإعلاني المصممة بخبث ودهاء، كثيراً ما يتهافت المرضى ممن أعياهم الألم، وأوهنهم المرض إلى شراء الدواء عبر الإنترنت، أو بطرق غير المعتادة مما يخلق فوضى علاجية، وظاهرة تستدعي المراجعة، على الرغم من التحذيرات المتكررة من قبل الهيئات والمؤسسات الحكومية بشأن التداوي عبر الإنترنت وشراء الكثير من المواطنين للأدوية من خلال هذه المواقع المجهولة، سواء إلكترونية أو صفحات مواقع التواصل وغيرها لنجد الأزمة متفاقمة والضرر لازال متكرر.

والحقيقة فإن شراء الدواء من خلال المنصات الرقمية وخلافه له مخاطر جسيمة على المرضى والمجتمع، خصوصًا مع تفشي هذه الظاهرة، حيث تفاقمت معها أضرار بالغة الصعوبة على متناولي هذه الأدوية المغشوشة وتلك العقاقير مجهولة المصدر وصلت لحد الوفاة، دون محاسبة الجاني، وأصبح محاصرة الظاهرة إلكترونيًا من الصعوبة بمكان، نظرًا للصعوبات الفنية والتقنية المتعلقة بهذا الأمر.

شراء الأدوية عبر الإنترنت

وللموضوعية نجد كل فترة ما يتم إطلاق تحذير من قبل وزارة الصحة وغيرها من مؤسسات الدولة بشأن شراء الأدوية عبر الإنترنت واعتبارها موثوق فيها، لكونها أشبه بالسوق السوداء التي تباع فيها أدوية مجهولة المصدر، وربما مشكوك في صلاحيتها، كان أخرها أول أمس، حيث حذرت هيئة الدواء المواطنين، خاصةً المرضى الذين يعانون من بعض الأعراض أو آلام في المناطق المختلفة بالجسم من البحث على محرك البحث العالمي «جوجل»، رغبة في الحصول على بروتوكولات علاجية لبعض الآلام أو الأمراض.

كما قامت النقابة العامة للصيادلة بمحاربة الظاهرة وأقامت دعوى قضائية أمام النائب العام ضد أحد المنصات الإلكترونية الشهيرة بمصر، ومن قبلها بلاغات عدة في عدد كبير من المواقع والفضائيات بالتعاون مع جهاز حماية المستهلك وأوقفا من خلالها العديد من الإعلانات المزيفة والمضللة لعقاقير مجهولة المصدر ومغشوشة، حفاظاً على المرضى، وعلى مراقبة بيع الدواء بالطرق القانونية والمشروعة المتعارف عليها، حتى يتثنى لهما معاقبة المخالفين للقوانين التي تحكم تداول الدواء، وتحافظ على حق المستهلك «المريض» في أخذ حقة حال حدوث أعراض جانبية له أو مضاعفات. وبحسب ما نشره الموقع الرسمي لهيئة الدواء فقد ناشدت المواطنين بعدم إستخدام محركات البحث بهدف علاج أعراض يعاني منها الأشخاص منزليًا رغبة منهم في عدم الذهاب للطبيب المختص، محذرة بضرورة عدم تناول أي أدوية يتم البحث عنها إلكترونيًا تجنبًا لحدوث أي آثار جانبية قد تنتج عند الإصابة عند أخذ هذه الأدوية.

إن الطبيعة الخاصة بالشبكة العنكبوتية، والإقبال المتزايد الذي تحظى به، قد دفع المتربحين من تجارة الدواء المغشوش إلى إستخدامها لترويج منتجاتهم ومن ثم تحقيق الأرباح السريعة غير الشرعية، وذلك من دون أدنى إهتمام بما ستؤدي إليه هذه العملية من أعراض جانبية ومخاطر صحية وآلام نفسية للمرضى المخدوعين.

شراء الدواء عبر الانترنت أو مواقع التواصل الإجتماعي

ومن الملاحظات التي يجب على الجميع أخذها في الإعتبار، أن شراء الدواء عبر الإنترنت، وخاصةً من مواقع التواصل الإجتماعي، لا يحمل البائع أية مسؤولية قانونية أو أخلاقية، خلافًا لشرائه بالطرق الشرعية.. ففي الواقع يستطيع المريض في حال أصيب بأعراض جانبية، أن يقاضي الطبيب أو الصيدلاني، لكن في «الواقع الافتراضي» قلما تتوصل الجهات المعنية إلى الجناة، الذين سرعان ما يلوذون بالفرار بأرباحهم الطائلة.

الأمر الذي يفرض على الجميع ضرورة الذهاب للطبيب المختص عند الشعور بأي أعراض جانبية أو التعرض للإصابة بأي عدوى فيروسية والشعور بأي ألم في مناطق الجسم المختلفة، لأن الطبيب المختص هو المنوط بصرف الأدوية وفقًا للحالة المرضية التي يعاني منها الشخص، وتكون نتائج هذه الأدوية ذات فاعلية لأنها صرفت من طبيب مختص وتؤدي نتائجها الإيجابية.

والحقيقة أن هيئة الدواء نصحت المواطنين بحسب موقعها الرسمي، بضرورة إتباع تعليمات الطبيب المختص أو الصيدلي الخاص بالطرق المثلى لإستخدام الأدوية والمستحضرات الصيدلية التي يتم صرفها للحالة المريضة، كما أوصت بإستشارة الصيدلي في كل ما يتعلق بالطريقة الآمنة السليمة لإستخدام الدواء، حيث أن الصيدلي هو الخبير الأول بالطرق الآمنة لإستخدام الدواء.

والسؤال الهام الذي يطرح نفسه بشدة الآن هو: كيف نتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة للقضاء عليها؟.. والحقيقة فإن الإجابة تتمثل في أن المريض هو المسؤول الأول والأخير، فعليه أولاً ألا يمشي معصوب العينين، وراء تجار الوهم، وعلى برامج التثقيف الصحي أن تولي المزيد من الإهتمام بمحاربة الظاهرة السلبية، هذا بطبيعة الحال بالتزامن مع الرقابة الصارمة على الطرود والحاويات الواردة إلى الدولة، وأماكن التصنيع تحت بير السلم، ورصد وترصد المواقع والمنصات الإلكترونية وحجبها.

كما يجب علينا أن نهتم بتثقيف الرأي العام بمخاطر وحجم الضرر الذي قد يقع على صحة الإنسان جراء إستخدام مثل هذه الأدوية المغشوشة ومجهولة البيانات والأثار الجانبية، وأن تجارة الأدوية المقلدة، تعد واحدة من أخطر الممارسات الإجرامية على مستوى العالم، حيث تقف وراءها شبكات منظمة، وتشكيلات إجرامية تجني ملايين الأرباح غير المشروعة، وعلى المريض أيضاً أن يدرك، أن الدواء المغشوش ليس بالضرورة يسبب له أعراضًا خطيرة، أو الدواء ذو التأثير المضر، فقد يكون بلا تأثير على الإطلاق «وهم»، وخال من المواد الفعالة، كما يجب أن يعرف أن عملية الكشف عن العقار المغشوش عملية معقدة، وتتطلب تحاليل مخبرية دقيقة، وعلى مجلس النواب سرعة إستخراج قوانين رادعة لمحاربة الظاهرة، تتمثل في إعطاء الأحقيقة للدولة بموجب القانون حجب مثل هذه المواقع وتلك المنصات للحد من مخاطر الظاهرة الجسيمة ومعاقبة أصحابها.

تابع موقع تحيا مصر علي