عاجل
الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

الحوار الوطني.. لماذا الآن؟!

تلقيت دعوة كريمة لحضور انطلاق جلسات "الحوار الوطني"، حوار وطنى حقيقي يجمع كل الأطياف والمكونات والاتجاهات تحت سقف واحد ليبدأ النقاش بحرية مكفولة ، كل ما يجول بخواطر الجميع يمكن الحديث فيه، لا محاذير ولا "تبريقه عين" ولا تنبيهات وتعليمات ، الجميع سيتحدث والجميع سيستمع والجميع له الحق في معارضه ما يقوله الجميع وله أن يمتعض من التصريحات وله أن يدخل في عراك ونقاش لما يراه خاطئا في الطرح، مٌسيئا في الرؤية، لا يخدم وطنا ولا يلبّي تطلعات مواطن.

كلمة "لا" في الحوار الوطنى سيسمعها عموم المتابعين عبر مكبرات الصوت، أحزاب المعارضة تقول "لا" لسياسات وخبراء الاقتصاد تقول "لا" لتجارب ونظريات، كباتن الرياضة يقولون "لا" لقرارات الاتحادات الرياضية الغضة وخبراء الزراعة والتجارة والصناعة يقولون "لا" لقوانين وقرارات مؤذية خاطئة لا تناسب مصر في ظرفها الخانق وتسببت في تعظيم معاناة الشعب دون تدابير ومعالجة تعجل بإنقاذ البسطاء!

مصر مع انطلاق جلسات الحوار الوطني تحتفل باستقبال كلمة "لا" وهي الوجه الثاني من كلمة" نعم" عاشت مصر كل أزمانها منتعشة ظاهريا بكلمة "نعم" بكل مشتملاته من التأييد والدعم وإغلاق نوافذ الرفض والنقد وهذه الأزمنة شهدت -مع تصدر كلمة نعم المشهد- شهدت تقبيح  لكلمة (لا) ورميها بكل نقيصة وطنية ، آفة حارتنا  التخوين، لا يستقيم وطنًا يعيش بنصف جسد وبنصف عقل ويدٍ واحدة ، "لا" التعيسة هي المكمل لـ "نعم" المحظوظة ، نظرة إلى الأوطان المتألقة عالميا، تجد أسباب التألق هي أن كلمة "لا" بحدتها وعنفها وصخبها تجلس إلى جوار كلمة "نعم" بنعومتها ولطفها ولطافتها ، يجلسان في تناغم مذهل وإن كانا "ناقر ونقير" .

في الوقت الذي نرفض بكافة أشكال الرفض تقبيح وحبس ومنع كلمة "لا"، نرفض كذلك وبنفس الدرجة تقبيح كلمة (نعم) فالوطن لن ينصلح حاله إلا إذا امتنع أبنائه  عن وصف الموالاة بأنهم منافقون و"مطلبلاتيه"، والامتناع كذلك عن وصف المعارضين بأنهم خونة وممولون وأصحاب أجندات أجنبية ، يعنى الجميع يقبل الجميع باختلافه اليسير او العسير ، ومصر كبيرة  كمًا وكيفًا بما يسمح لها بالتعدد وقبول الآخر والتعايش الإيجابي لبناء وطن حقيقي يمكنه التصدي لأزماته على نحو أفضل مما نحن فيه الآن.

في جلسة الافتتاح انطلاق الفعاليات جذبني حديث السيد "عمرو موسي" في كلمته الموجزة الناجزة حين وضع في مقدمة كل فقرة منها جملة "الناس يتساءلون" ثم تأتى أسئلة الناس التى عادة ما تصل السيد عمرو موسي لانشغاله القديم بالشارع وأحواله ، اسئلة عن الاقتصاد، عن التعليم، عن الصحة، عن السياسة والديمقراطية، عن صورة مصر الخارجية وأخبار ريادتها ، هل عادت أم تعطلت، أم تاهت وضلت؟!

السؤال الجيد يقطع نصف الطريق إلى الإجابة، وقد قطعت كلمة الرجل نصف المسافة الذى يخصه فى تساؤلات كثيرة حملها على كتفيه إلى داخل القاعة.. أما النصف الآخر فيبقى على الطرف الذى يملك الإجابة، وطبيعي أنه ليس عمرو موسى.

إن حرية  التعبير تُمثل حقًّا من أثمن حقوقنا، فهي الركيزة التى تقوم عليها كل حرية أخرى وهى أساس للكرامة البشرية، وتمثِّل وسائل الإعلام الحرّة والتعدّدية والمستقلة شرطًا أساسيًّا لممارسةِ هذه الحرية، بدون حرية كاملة مكفولة فلن تجدي حوارات ولن تفلح محاولات ولا ينتصب الوطن شامخا على نحو يليق بتاريخه وتراثه وأمجاده، الحرية الحقيقية في مصر دخلت اختبارا صعبا مع بدء الفعاليات للحوار الوطنى، والجميع يراقب عن كثب هل هي حرية كاملة فعلا سنستمع فيها إلى ما ألذ وطاب من رؤي ونقاشات ومدح وقدح أما ستضيق الصدور ولا تنطلق الألسنة؟! سننظر! 

تابع موقع تحيا مصر علي