عاجل
الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

علي جمعة: الجهاد بالقتال يستغرق مدة معينة.. وجهاد النفس يمتد العمر كله

د. علي جمعة - عضو
د. علي جمعة - عضو هيئة كبار علماء الأزهر

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن الجهاد في سبيل الله منه أصغر وأكبر، والصغر والكبر إنما يعود إلى الزمن الذي يستغرقه كل واحد منهما؛ قال رسول الله ﷺ: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، ألا وهو جهاد النفس» (أخرجه البيهقي في «الزهد»)، وقال الله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادًهِ}، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.

جهاد النفس

وأوضح مفتي الجمهورية السابق، أن الجهاد بالقتال لا يستغرق إلا مدة المعركة وهي قليلة على كل حال، أما الجهاد الذي يمتد العمر كله، ويعم الناس كلهم والأرض كلها فهو جهاد النفس.

وجهاد القتال يجود فيه الإنسان بنفسه من أجل سعادة غيره ففيه معنى الفداء؛ فوصفه بالأصغر لا يقلل من علو شأنه وأهميته، ولكنه يشير إلى مدته، وأنه صراع عارض لأجل الرجوع إلى حالة الاستقرار والتوازن التي خلق الله الناس عليها أول مرة.

شمولية مفهوم الجهاد

وأشار عضو هيئة كبار علماء الأزهر، إلى أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وسع لنا مفهوم الجهاد، فشمل جهاد النفس، وشمل أيضًا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سُئل سيدنا النبي ﷺ أَىُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ « كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ »[سنن النسائي] ، وشمل أيضًا الحج؛ لأن سيدنا النبي ﷺ قال: « جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ ».[سنن النسائي].

إذن حقيقة جهاد النفس؛ هو الخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى، ولنواهيه، ولتكاليفه، وعدم الخروج عن المنظومة التي وضعها لنا الله سبحانه وتعالى.

المسلم دائما يراقب قلبه ويطهره لله

وأكد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن المسلم مطالب بالتطيب والتطهر، وقد درج الفقهاء والمحدثون على افتتاح كتبهم بكتاب الطهارة، والطهارة: في اللغة هي النظافة. والله سبحانه وتعالى يحب النظافة، ويحب الجمال، ويحب التطهر وأمر عباده بالتطهر الدائم والمستمر من الأدران الظاهرة والباطنة، لأن المسلم دائما يراقب قلبه ويطهره لله، كما يراقب بدنه وثوبه ويطهره، والمسلم عن قلبه الطاهر المتطهر بمظهره، قال تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222] 

وطهارة البدن التي عالجها الفقهاء في كتب الفقه ليست هي كل الطهارة، بل وليست هي أهم أنواع الطهارة التي أرادها الله من عباده، ولذلك نرى الغزالي في الأحياء يتكلم عن تلك الأنواع فيقول: «الطهور أربعة أنواع، طهارة البدن من الحدث والخبث، وطهارة الجوارح من المعاصي والآثام، وطهارة النفس من الصفات المذمومة، وطهارة القلب مما سوى الله».

طهارة القلب هي الأهم

وأكد الدكتور علي جمعة، أن طهارة القلب هي الأهم، وتعني أن يخلو القلب من السوى، وهو كل ما سوى الله، فالقلب بيت الرب، قال تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ﴾ [الأحزاب :4]، وطهارة النفس أن تخلو من الصفات المذمومة كالبخل والحسد والحقد والضغينة والكبر والأثرة.

أما طهارة الجوارح من المعاصي فكل جارحة بحسب طبيعتها وما يجب عليها، فالعين طهارتها ألا تنظر إلى ما حرم الله أن يُنظر إليه؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ، عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». [رواه الترمذي]

والعلماء قالوا: ما حرُم فعله حرُم استماعه، وما حرُم استماعه حرُم النظر إليه؛ فطهارة الأذن ألا تستمع بها ما حرم الله أن تستمع إليه من كذب وغيبة ونميمة وكفر وإلحاد، وطهارة اللسان ألا ينطق بالغيبة، ولا بالنميم، ولا بالكذب، ولا بالفحش، ولا باللعن، ولا بالإيقاع بين الناس.

تابع موقع تحيا مصر علي